فارس السيرة الشعبية

يطالب " السامرى " بمشروع قومى للفنون الشعبية فى مصر، وبالتوازى يفتح مخرجنا الكبير عبد الرحمن الشافعى، عضو لجنة تحكيم المهرجان، النار على فرق الفنون الشعبية، متهماً إياها بأنها تمثل إساءة للفن الشعبى.

قدم عبد الرحمن الشافعى، عاشق الموروث الشعبى، الملقب بـــ " فارس السيرة الشعبية " صاحب التجربة العريضة مع المسرح الشعبى، أكثر من 60 مسرحية، تولى مسئولية الإشراف على فرقة النيل للآلات الشعبية منذ أربعة عقود، وشارك الشافعى فى ثنائى فنى مع الكاتب الكبير يسرى الجندى فى عدة عروض، انشغلت بالتراث الشعبى، مسيرة طويلة قطعها السامرى – كما لقبه د. حسن عطية – ولا يزال يصارع ويحلم بدور أكبر للفن الشعبى.

فى لقائه مع النشرة شدد على أن الفن الشعبى يمثل هوية وشخصية شعب ويصفه بــــ " البطاقة الشخصية " للشعب، وليس مجرد غناء ورقص أو فرجة، كما يحاول من سماهم المدعين أن يحصروه فى نظرة سطحية، مستطرداً: " الغريب أنه فى فرق الفنون الشعبية المصرية، فنون العامل والفلاح، تنال أقل مساحة من الاهتمام والتقديم رغم أنهم بناة مصر".

ما محددات تقديم الموروث الشعبى فنيا؟

مفردات وعناصر الفن الشعبى لابد أن تعرض من زوايا واعية، وأن يكون من يقدم الموروث الشعبى مدركا له، وليس مجرد ادعاء واستغلال له، سواء وظفه فى المسرح أو قدمه كما هو، فعل الرائد زكريا الحجاوى، الذى كان يبحث ويستكشف ويحضر الفنان الشعبى من مختلف محافظات مصر، ويقدمه للجمهور كما هو " بعبله " بكامل أدائه بدون تعديل وكان من مزايا الحجاوى، قدراته على تقديم الفنان للجمهور والتعريف به من أى بيئة جاء، وماذا يقدم ويغنى وحتى كيف توصل إليه.

وكيف ترى تقديم الموروث فى الدراما؟

إما أن يقدم بشكله المباشر دون تدخل، أو كما يحدث غالباً بتوظيف عنصر شعبى فى سياق عمل درامى وهنا يجب ألا يتحول إلى مجرد فرجة وفى مستوى آخر أكثر عمقاً يتم تناول الموروث الشعبى من خلال الحوار الإبداعى معه، واستلهامه وتقديمه من وجهة نظر المبدع كما فعل يسرى الجندى مع السيرة الهلالية.

كيف تشكل اهتمامك بالمسرح الشعبى؟

جذبنى تيار الفن الشعبى فى الشكل والموضوع من البداية وأنا طالب ثانوى أسست فرقة تقدم عروضها فى الموالد. وبعد نكسة 67 انتدبت للعمل فى الثقافة الجماهيرية وكونت أول فرقة للحى الشعبى بحى الأزهر " فرقة الغورى المسرحية " قدمت معها " ياسين وبهية" عام 1971 عينت أول مدير لمسرح السامر، وفيه ارتبطت  أعمالى بالسير الشعبية، فقدمت "على الزيبق"  "شفيقة ومتولى" "السيرة الهلالية" "عاشق المداحين" "منين أجيب ناس" "مولد يا سيد" "الشحاتين" "حكاية من وادى الملح".

كيف ترى تجربة العمر فى قيادتك لفرقة النيل للآلات الشعبية؟

الرائد زكريا الحجاوى أسسها عام 1957 باسم "فرقة الفلاحين" وجمع كل الفنانين، موسيقيين ومنشدين ومؤدين، وبعده جاء الباحث سليمان جميل، وفض هذا المولد واقتصر على مجموعة الموسيقيين، وحولها إلى فرقة للآلات الشعبية، وعدت أنا بها منذ 1975 إلى أصلها لتعبر عن القطاعات العريضة من الشعب، وأحييت دورها فى احتضان المغنيين والمنشدين الشعبيين، بجوار الآلات الشعبية وأطلقت عليها اسم فرقة "النيل" لأنه صاحب الفضل فى خلق الموروث الشعبى والحدوتة والأسطورة.

شاركت فى تحكيم العديد من مهرجانات الفنون الشعبية فما تقييمك لمستوى فرقنا؟

مستوى فرق الفنون الشعبية فى المحافظات منهار بشكل عام، وأيضاً الفرقة الرسمية للدولة وما يقدمونة أشبه بالرقص الشرقى مما يضر ضرراً فادحاً بالشخصية المصرية فما يقدم تحت راية الفن الشعبى كله ضد الفن الشعبى، فلابد أن يكون الفنان واعياً بما يقدمه. والمشكلة أن من يعمل بالفن الشعبى يعرف أن الطريق صعب ولن يكسب من ورائه، وإذا أراد المكسب يتخلى عن أصالة تراثه، تماماً كما رأينا المنتجات الصينية تغرق خان الخليلى.

هل يمكن تحقيق المصالحة بين التكنولوجيا وروح العصر والموروث الشعبى؟

مع استخدام التكنولوجيا يجب ألا أنسى أننى مصرى، العالم كله يستخدم التكنولوجيا دون أن يفقد خصوصيته الثقافية، لأنها التى تحدد هويته، على أن استخدم تقنيات العصر كالإضاءة والصوت ... إلخ، لأروج للفن المصرى. للأسف سادت لفترة موجة تغريب فى المسرح المصرى بدعوى التطور، كموضة صاحبت المهرجان التجريبى وركزت على فن الحركة والرقص، وتجاهلت اللغة المنطوقة، رغم أن ثقافتنا المصرية والعربية ثقافة كلام، وانعكست أصداء هذه الدعوات فى الأقاليم وتجاهل المسرحيون دوره الحقيقى فى التلاحم مع مشاكل المجتمع المصرى اليوم وحتى تقديم لغة الحركة بإيقاعها الأسرع ليس بالتحول إلى أوروبى أو أمريكى، وإنما من خلال الشخصية المصرية.

كيف تفسر أزمة مسرح السامر؟

السامر حالياً كله موظفون معينون، اشتغلنا 20 سنة فيه على الهواة وقدمنا من خلاله مجموعة من أهم الأعمال التى تناولت التراث الشعبى، والآن القائمون عليه لا يؤمنون ولا يدركون الدور الذى أنشىء من أجله مسرح السامر بهدف البحث عن الشخصية المصرية والموروث الشعبى وتقديمه وعندما هدم المسرح "أخذ فى رجليه كل شىء" وحال السامر انعكاس لأزمة عامة، فلا أحد يقبل على تبنى الفن الشعبى الحقيقى مثل الفلاح المصرى يجب أن تتبناه الدولة لأن الفن الشعبى هو خط الدفاع الأول عن الشخصية المصرية لأنه فن الناس يعكس همومهم وإبداعهم ويرفه عنهم، وعودة المسرح المصرى بشكل عام إلى دوره تحتاج إلى جهود وتبن كامل من الدولة ومشروع للمسرح فى مصر.

المصدر/ نشرة المهرجان القومى للمسرح

العدد 8 – بتاريخ 17/8/2014

 

حوار/ انتصار صالح

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,857,555