المسرح المستقل ......السينما المستقلة......ال .......!! وهل هناك نوع إبداعي آخر يحمل الصفة نفسها ؟.... الإجابة لا ... إذن لماذا ؟ ... لماذا المسرح والسينما فقط هما ما يلتصقان بهذه الصفة؟
السؤال يداعبني منذ سنوات ، وكنت اتخذه أحياناً كإجابة إذا ما واجهني أحد الصحفيين بسؤال استطلاعه عن ( المسرح المستقل ) أو ( السينما المستقلة ) . وكنت أشفع سؤالي ( الإجابة ) بأسئلة أخرى مثل : مستقل عن ماذا ؟ ولماذا ؟
وكنت ألاحظ أن الغالبية من يطرحون هذا المصطلح الذي بات مستقراً كمصطلحات أخرى تحتاج منا إلى إعادة تأمل ،يتجاوز هذه الأسئلة ويشرعون بالدخول مباشرة في التوصيف والتحليل واقتراح سبل تدعيم هذا المستقل أو ذاك.
ولأنني من المرضى بداء الأسئلة كنت لا أرضخ إلى هذا التجاوز وأصر على أسئلتي : مستقل عن ماذا ؟ ولماذا ؟
واليوم.. هل تسمحون لي أن أعاود أسئلتي اللحوحة وألقيها عليكم كنوع من التفكير المشترك بصوت عال ؟
دعونا أولاً أن نتأمل معنى (الاستقلال) الذي هو برأيي يقابل ويناقض معنى (التبعية). فنحن نقول مثلاً (دولة مستقلة) إشارة إلى امتلاكها وحدها شؤونها وترفض أن تكون تابعاً لدولة أخرى سواء كانت الأخرى تحاول فرض سيطرتها إما بإحلال مباشر (عسكري) أو (استيطاني) ، أو عبر قيود اقتصادياً تجبر الدولة التابعة على الرضوخ لشروط الدولة المانحة.
وكذلك نقول ( شخص مستقل ) بمعنى أنه لا يرتبط في قراراته ( خطأ كانت أو صواباً) بشخص آخر ، فهو يختار وحده سبل تسيير حياته ويتحمل وحده أيضاً نتائجها.
وإذا ما حاولنا تطبيق هذا التفسير لمعنى الاستقلال على الإبداع ( مسرحاً أو سينما) ستقابلنا بضعة معوقات ، منها مثلاً : هل أنت كمسرحي أو سينمائي مستقل تماماً عن الكيان الأكبر الذي هو ( مسرح الدولة ) ؟ ..... أرجوك لا تتسرع في الإجابة ... فالاستقلال كي يكون استقلالاً لابد أن يكون تاماً ، وإلا الموت الزؤام !
ربما تقصد مثلاً أنك غير تابع لفرقة تابعة للدولة ، لكن هذا وحده لا يجعلك كامل الإستقلال .. وإلا قل لي : أين ستعرض إنتاجك ( المستقل ) ؟!
ربما ستقول لي سأعرضه في مسرحي الخاص وهنا لابد أن أسألك : ولماذا لا نسمي مسرح ( جلال الشرقاوي ) مثلاً مسرحاً مستقلاً ؟ وندعوه للمشاركة في ندوات ومؤتمرات تناقش هذا ( المسرح المستقل ) ؟!
إلى هنا يا صديقي سأكتفي بطرح هذه الأسئلة الأولية – لضيق المساحة – وسأتركك تتأملها لنعاود بعد حين استكمال المناقشة.
بقى فقط أن أذكرك بأن ما طرحناه من أسئلة على المسرح يمكن طرحها كما هي على السينما .... وإلى اللقاء.
بقلم: محمد الروبي
المصدر : نشرة المهرجان القومي للمسرح العدد 9 ( 18/ 8/ 2014)
ساحة النقاش