شهد القرن التاسع عشر في أوروبا وجود شخصيات عديدة لعبت دورا مهما في تطور الموسيقي في بلادها . ومن هؤلاء مؤلف الموسيقا الفرنسي شارل كامي سان سانس Charles Camille) الذي كان من أشهرالموسيقيين ذكائا وأوسعهم اطلاعا .كما كان ناقدا موسيقيا بارزا دافع بقلمه عن كل من: مؤلف الموسيقا الفرنسي هيكتور برليوز Hector Berlioz, ومؤلف الموسيقا المجري فرانز ليست Franz Liszt , ومؤلف الموسيقا الألماني ريتشارد فاجنر Richard Wagner, ولكن سان سانس هاجم الأخير عندما شعر بخطر موسيقاه  وتأثيرها المسيطر علي الحياة الموسيقية في فرنسا . وقد وجدت الموسيقا الفرنسية في سان سانس مؤلفا يمتلك عدة فنية من الطراز الاول ,اذ سيطر سيطرة كاملة علي كل الصيغ والأساليب الموسيقية . وبالرغم من أنه فرنسي فقد كان عالميا ,وكان لمؤلفاته المتنوعه تاثيرها السريع في فتح آفاق اوسع للموسيقا الفرنسية ,فقد نافس مؤلفو الموسيقا الألمان في ميدانهم ,وبذلك شجع المؤلفين الفرنسيين الأخرين الذين رغبوا في تلك المنافسة.

 

وكان سان سانس يتمتع بقدرة كبيرة علي تشرب كل التأثيرات الموسيقية المحيطة به , ولكن الأجيال التالية كانت تميل الي التساؤل اذا كان لديه شئ يقوله ،وربما كانت تلك الاجيال التي جاءت بعد موته بقليل مخطئه ,ولكن سواء كانت علي خطأ أم علي صواب في حكمها ,فانه ليس هناك من شك في قيمة سان سانس ودوره في تطور الموسيقا الفرنسية في القرن التاسع عشر وقد كتب عام 1885 يقول "منذ وقت ليس بالبعيد ربما كان خمسة عشر عاما ,كان المؤلف الفرنسي الذي يجد في نفسه الجرأة لتجربة حظه في ميدان موسيقا الالآت لا يجد وسيلة لأداء مؤلفاته الا أن  يقدم بنفسه حفلا موسيقيا ويدعو اليه الأصدقاء والنقاد .أما الجمهور 00الحقيقي فان اسم أي مؤلف فرنسي , وخاصة اذا كان لا يزال علي قيد الحياة , عندما يظهر علي لوحات الأعلانات

كان كفيلا بأن يبعد الجميع ويصرفهم عن الحفل " وكان سان سانس نفسه قد شعر بتأثيرفاجنر,كما أن الكثيرين من الجيل الأصغر من معاصريه برغم نزعاتهم القوية المضادة للموسيقا الألمانية فانهم لم يستطيعوا تجاهل فاجنر . وأن اي مناقشة للموسيقا  الفرنسية في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر لابد وأن تعتبر تأثير فاجنر علي الحياة الموسيقية قضية مسلم بها .  

ولد سان سانس بمدينة باريس في التاسع عشر من أكتوبر 1835 ,وتوفي بمدينه الجزائر في السادس من ديسمبر 1921 , عن عمر يناهز ست وثمانين عاما . وكان ابوه من أصل ريفي وأمه من الطبقة المتوسطة , وقد تلقي سان سانس دروسه الأولي  في الموسيقا علي يد أمه وخالتها شارلوت ميسون Charlotte Massonوقد أظهر الصبي من البداية حبا عظيما للموسيقا ومهارة غير عادية في عزف البيانو , كما كان يتمتع بأذن موسيقية قوية .وفي سن السابعة درس سان سانس عزف البيانوعلي يد الأستاذ ستاماتي(Stamaty)  كما درس الهارموني علي يد الأستاذ بيير مالدين Bierre Maleden , وبدأ في تلك الفتره يؤلف الموسيقا . وعندما بلغ العاشرة من عمره قدم حفلا عزف فيه البيانو مصاحبا عازف الفيولينا البلجيكي بسيمز Bessems حيث قدما معا أحدى سوناتات الفيولينا لمؤلف الموسيقا الألماني لودفيج فان بيتهوفن . وفي العام التالي قدم سان سانس حفله الأول كعازف بيانو منفرد ,وعزف فيه أعمالا لكلا من يوهان سباستيان باخ وموتسارت .وفي ذلك الحفل تساءلت احدي الحاضرات من فرط اعجابها بعزفه قائلة "اذن ماذا يعزف هذا الصبي ياتري وهو في سن العشرين ؟" فأجابتها أمه في زهو واعتزاز "سوف يعزف مؤلفاته هو بلا شك ". وفي عام 1848 التحق سان سانس بكونسيرفتوار باريس لدراسة عزف آلة الأورغن , وفي العام التالى فاز بالجائزة الثانية للمعهد , وفي عام 1851 فاز بالجائزة الأولى.وبعد ذلك التحق بفصل الأستاذ هاليفىHalevy لدراسة التأليف الموسيقى , كما انه درس التأليف الموسيقى أيضا علي يد المؤلف الفرنسي شارل جونو(1818-1893) . وفي تلك الفترة التقي سان سانس بمؤلف الموسيقى المجرى الشهير فراز ليست وتاثر بموسيقاه وأعجب بشكل خاص بالقصائد السيمفونية التي ابتكرها .وفى عام 1852 اشترك سان سانس في مسابقة روما الكبرى , ولكنه أخفق في الفوز بها . 

 

وفي نفس العام اشترك في مسابقه جمعية سانت سيشيليا فى باريس وقدم عملا للكورال والأوركسترا ,وفاز فيها بالجائزه الأولى . وفي عام 1853 عين عازفا للأورغن في كنيسة سانت ميرى واستمر في هذا العمل حتى شهر ديسمبر عام 1857,ثم تركه عندما عين عازفا للأورغن فى كنيسة المادلين الشهيرة , حيث استمر يعمل بها حوالى عشرين عاما . وفي عام 1855 نشرت سيمفونيته الأولى , وكانت جمعية سانت سيشليا قد قدمتها عام 1853 ,ثم أعيد تقديمها عامى (1856و1857). وفي عام 1856 كتب سان سانس سيمفونيته الثانية للاشتراك بها مسابقة جمعية سانت سيشيليا وفاز فيها بالجائزة الأولى , وقدمت السيمفونية بمدينة باريس عام 1857 وفي 1861 عين سان سانس أستاذا لآلة البيانو بمدرسة نيدر مير Niedr Meyer وقد شغل هذه الوظيفة لمدة اربع سنوات , وكانت هي الفترة الوحيدة من حياته التي عمل فيها بالتدريس ,وكان من تلاميذه في تلك الفترة – والذين احتلوا مكانة بارزة في الحياة الموسيقية الفرنسية فيما بعد – جابريل  فوريه – ويوجين جيجو وأندريه ميساجيه . 

 

وواصل سان سانس كتابة مؤلفاتة أثناء قيامه بتلك الأعمال, كما أنه أحرز شهرة كعازف بيانو بارع . وبعد ذلك اتجه الي الكتابة للمسرح ولكنه لم يجد تشجيعا  من مديري المسارح ,فصمم علي الاشتراك مرة اخرى فى جائزة روما الكبرى عام 1864 ولكنه أخفق فى الحصول عليها للمرة الثانية , وخفف من احساسه بالمرارة منحه وسام جوقة الشرف الفرنسي عام 1868 . وكان أول وسام رسمي يمنح له من بين الأوسمة العديدة التي تلقاها فيما بعد من فرنسا والدول الأخرى .وفى عام 1877 . قدمت اوبراه الشهيرة (شمشون ودليلة) بمدينة فايمار وبعدها فتحت له المسارح أبوابها ليقدم أعماله . ومن الخدمات الجليلة  التى قدمها سان سانس للموسيقا فى بلاده , اشرافه علي طبع الأعمال الكاملة لمؤلف الموسيقا  الفرنسى فيليب رامو Philippe Rameau

الذى عاش مابين عامي (1683و1764) . ورغم أن سان سانس قد فاد بشدة المدرسة الجديدة في الموسيقا الفرنسية , والتى كانت تريد قطع كل صلة لها بالماضى , واتجهت للبحث عن وسائل جديدة للتعبير الموسيقى , ومع ذلك فقد أسس مع آخرين عام 1871 الجمعية الوطنية للموسيقا . والتي كان من أهم أهدافها تشجيع الموسيقا الحديثة . وقد عرف العالم الخارجى سان سانس من خلال قصائده السيمفونية الأربعة وهي (مغزل أو مقال – فايتون – رقصة المقابر – شباب هرقل ) وقد سار في كتابتها على درب فرانز ليست ولكنه لم يقلده ,لأن فرانز ليست جعل الموسيقا فى قصائده السيمفونية تابعة للقصيد الشعري أو الموضوع  وخادمة له ,وأغفل القالب الموسيقى , بينما استطاع سان سانس أن يجمع بين سرد  القصة والبناء الموسيقى فى وقت واحد , فجاءت موسيقاه كلاسيكية من حيث الصياغة الموسيقية ورومانتيكية من حيث براعة التلوين الأوركسترالي . 

 وقد كتب سان سانس  عدة مؤلفات من نوع الكونشيرتو , فكتب خمس كونشيرتات للبيانو والأوركسترا ,قدم الأول عام 1865 بمدبنه لايبزيج , والثانى قدم عام 1868 بمدينه باريس, والثالث قدم بمدينه لايبزنج عام 1869 , والرابع قدم بمدينة باريس عام 1875 , والخامس والأخير والذي اشتهر بأسم (الكونشيرتو المصرى) قدم بمدينة باريس عام 1896 , وقد قام المؤلف بعزف البيانو المنفرد في كل تلك الحفلات , كما كتب سان سانس ثلاث كونشيرتات للفيولينا والأوركسترا , وكونشيرتين للتشيللو والأوركسترا وكتب خمس سيمفونيات , لكنه اسقط  السيمفونيتين الأولي والثانية من قائمة أعماله , وبذلك اصبحت ثلاثة سيمفونيات واستعمل في الأخيرة آلة الأورغن مع الأوركسترا وهي أشهر سيمفونياته .

كان سان سانس محبا للسفر كثيرا الترحال , فزار العديد من البلاد واستوحي منها بعض أعماله , ومع ذلك نذكر الكونشيرتو الخامس للبيانو والأوركسترا والذى اشتهر باسم (الكونشيرتو المصري ) ومقطوعة (ذكريات الأسماعيلية) عمل رقم (100) للبيانو المنفرد و(المتتالية الجزائرية) , وفانتازيا للبيانو والأوركسترا بعنوان افريقيا .

  

كما ان له مؤلف طريف بعنوان (مهرجان الحيوانات ) صور فيه أصوات وحركات العديد من الطيور والحيوانات مستخدما آلتا بيانو مع الأوركسترا , بالاضافه الي عدد من مؤلفات الموسيقا الحجرة ,نذكر منها سباعية الترمبيت والبيانو والرباعى الوترى والكونترباص. ويلاحظ عزيزى القارئ أن مؤلفات سان سانس بشكل عام تتميز بالبناء الموسيقي , فان له كتابات نقدية وفلسفية , كما نشر ديوانا شعريا , وكتب عدة مسرحيات هزلية , ظهرت فيها جميعا بلاغة سان سانس وثقافته الواسعة , وقد منحته جامعة كيمبردج عام 1893 درجه الدكتوراه الفخرية في الموسيقا . وهكذا نجد أن سان سانس قد عاش حياه حافلة بالعمل والانتاج .

وفي السادس من ديسمبر عام 1921 توفى سان سانس بمدينة  الجزائر عن عمر يناهز ست وثمانين عاما . وفيما يلى عزيزي القارئ نلقى بعض الأضواء علي نماذج من مؤلفات سان سانس المتنوعة .

اولا: الكونشيرتو الخامس للبيانو والأوركسترا في سلم فا الكبير عمل رقم  (103) 

 في الثانى من يونيو عام 1896 قدم سان سانس هذا الكونشيرتو بمناسبه الاحتفال بمرور خمسين عاما علي احترافه عزف البيانو

ويعرف هذا الكونشيرتو في عالم الموسيقا بأسم (الكونشيرتو المصرى) حيث أن سان سانس قد كتبه خلال زيارته لمصر , وبالتحديد فى مدينة الأقصر عام 1895 . وفي هذا الكونشيرتو يحاول سان سانس اظهار الطابع المحلى للموسيقا فى الألحان وفى استخدام بعض عناصر الهارمونى والتعبير والتلوين . ولكنه في الواقع يقدم لنا ما تذوقه من موسيقانا فى ثوب أوروبى .ويتكون الكونشيرتو من ثلاث حركات جاءت على النحو التالى:

 

الحركة الأولي : متوسطة السرعة

 تتميز هذه الحركة بوضوح ألحانها , ويعتمد المؤلف على التلوين الأوركسترالي الي حد كبير دون الحاجة الى استخدام المجموعات الكبيرة , كما تتميز هذه الحركة بما فيها من فقرات عديدة استخدم فيها المؤلف تأجيل النبر , لأعطاء الطابع المحلى بشكل بارز.

 

الحركة الثانية: بطيئة

تتشابه هذه الحركة الى حد كبير مع المتتابعات الجزائرية والأعمال الأخرى المشابهة . ويلعب البيانو في هذه الحركة دورا اساسيا , كما يساعد الأوركسترا على التعبير عن الجو المحلى , بالكتابة الأوركسترالية البراقة ويستخدم سان سانس لحنا كان قد سمعه أثناء اقامته باحدى الدهبيات فى نهر النيل عند الأقصر , وهو يسميه لحن حب نوبى , كما يحاول أن يقلد صوت نقيق الضفادع الي حد ما . وهذه الحركة هى أقرب حركات الكونشيرتو الي الطابع المصرى فى أداء التقاسيم.

 

الحركة الثالثة: سريع جدا

تتميز هذه الحركة بأسلوب الكتابة لآلة البيانو الذى يعتمد على البراعة فى الاداء , ويحاول سان سانس فى هذه الحركة أن يعبر بموسيقاه عن رحلة بحرية تتخللها فترة عاصفة .

 

ثانيا:كونشيرتو رقم (1) في سلم لا الصغير للتشيللو والأوركسترا عمل رقم (33) 

كتب سان سانس هذا الكونشيرتو عام 1873, وقد جاء كالمعتاد  في ثلاث حركات علي النحو التالى 

الحركة الأولى: سريعة دون اسراف مكتوبة فى صيغة السوناتة وتستهل باللحن الأساسى  ويؤديه العازف المنفرد بمصاحبة مجموعة آلات الفيولينة الثانية والفيولا , أما اللحن الثانى فيقدم أيضا من العازف المنفرد . وتتميز هذه الحركة بالأداء الاستعراضى من العازف المنفرد.

الحركة الثانية : معتلة السرعة ومتدفقة تقدم فى تدفق وتسمع مباشرة بعد الحركة الأولى , وتقدم الوتريات – مقنعة بكاتم الرنين – لحنا فى ايقاع راقص وفى مقابلة مع لحن معارض يقدمه العازف المنفرد .وبعد أن يقدم العازف المنفرد الكادنزا التى تتطلب قدرات متميزة فى الأداء , تتكرر بعض أجزاء المادة اللحنية الرئيسية .

الحركة الثالثة : ختام أستعادة السرعة الأولى وهى تقدم مباشرة بعد الحركة الثانية ,أي أن الكونشيرتو رغم أقسامه الثلاثة الواضحة يقدم كوحدة فنية واحدة , وخلال هذه الحركة تبرز بوضوح قدرات سان سانس على استغلال امكانيات آلة التشيللو بصفة خاصة , وآلات الأوركسترا بصفة عامة .

 

ثالثا:القصيد السيمفونى فايتون  phaeton

يقدم سان سانس القصد السيمفونى بكلمة قال فيها "سمح أبلون لابنه أن يقود عربة الشمس عبر السماوات رغم أن أفراسها كانت أصعب مراسا من مقدرة الشاب , فجمعت به وخرجت العربة الملتهبة عن مسارها بين الأفلاك ,وأقتربت من الأرض تهدد العالم بالدمار طعمة للنيران . مما يضطر معه جوبيتر الى اطلاق صاعقة تردى الفتى صريعا " .  

وتبدأ الموسيقا بتصوير فايتون يقود عربة الشمس مختالا فخورا فى هذا الموضوع الأسطورى,وتعلن آلات النفخ النحاسية ابتهاجا بطلوع الشمس على وقع حوافر الخيل وصليل سنابكها , ومنظر الفضاء الفسيح,والأرض منبسطة ثم يضطرب الأيقاع بضربات من آلة التمبانى , تنذر باختلال القيادة واقتراب العربة الملتهبة من الأرض . وهنا يستعمل سان سانس آلة "الجونج" لتقرع منذرة بدنو الكارثة الكبرى ,ثم تنفجر الصاعقة على هزيم الطبل والجونج وثلاث آلات تمبانى وكاسات نحاسية , تنتقل بعدها الحركة من القوة والسرعة والاضطراب , الى الهدوء المفاجئ ,حيث تؤدى الأوركسترا فيه  فقرات من اللحنين البهيجين اللذين جاءا فى أول القصيد السيفوني ,ولكن بما يشبه الرثاء والحزن . 

ويلاحظ أن الموسيقا لم تخرج عن صيغة السوناتة , فقد عرض المؤلف اللحنين الأساسيين , ثم تفاعلا وعادا .أى  أن سان سانس استطاع أن يوفق بين موضوعه وبين صيغة السوناتة ولم يعتمد فى تصويره الا على الايحاء الموسيقى وحده .  

رابعا :القصيد السيمفونى (مغزل أو مفال) مصنف (31) 

يصور المؤلف فى هذا القصيد السيمفونى كيف أستطاعت الملكة أو مفال بقوة اغرائها أن تذل كبرياء (هرقل) الشجاع , فقد أغرته حتي تلاشت قوته , وأصبح طوع بنانها , واستسلم لرغباتها . وجلس بين فتياتها خالعا جلد النمر ,مرتديا ملابس النساء ,جالسا الي المغزل , مشاركا الفتيات فى غزل ثوب الملكة التى ملأت عليه قلبه . وتسود فترة من السكون تقطعها ضحكات مكتومة من الفتيات , عندما يرين هرقل وهو يصل الخيط تارة , ويقطعه تارة اخري , بيديه اللتين طالما مزقت الحيوانات المفترسة . تدخل الملكة وتتأمل منظر هرقل وتنفجر فى ضحكة تهكمية , فيزمجر هرقل فى غضب ,ثم يشعر بيأس وأمل , واستعطاف , ولكن يأسه يشتد , فيستسلم حينما تتزايد الضحكات , وينتهي القصيد السيمفونى حينما ينتهى الخيط , وتتوقف عجلة المغزل عن الدوران .

 

خامسا : القصيد السيفونى(شباب هرقل) مصنف (50)   

يرى هرقل فى مستهل حياته طريقيين ,طريق الفضيلة , وطريق اللذات ,يقف هرقل حائرا فى مفترق الطرق, وبينه وبين نفسه صراع مميت , يخرج منه , وقد اختار طريق الفضيلة ,حيث يرى فى نهايته الخلود , وتصور الآلات الوترية جو الغموض والحيرة والتردد, موضحة صعوبة الاختيار . يعقبه لحن قوى يفيض نبلا وشجاعة , يمثل الفضيلة . وتؤديه الآلات الوترية . ويستعطفه فيتوقف ليرى من بعيد حوريات يلفتن نظره الى طريق اللذات , ثم تتوقف الموسيقا فجأة لتعود من جديد بالحكمة , والموعظة. وقد امتزج لحن الاغراء ولحن الفضيله في صراع عنيف , ينتهى بانتصار الفضيلة ويسمع لحنها فى عظمة ونبل , مؤكدا انتصارها .

 

بقلم /د. زين نصار المصدر / كتاب دراسات موسيقية و كتابات نقديةالهيئة المصرية العامة للكتاب قيم المقد الموسيقى بالمعهد العالى للنقد الفنى اكاديمية الفنون

 

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,176,483