لأسباب إدارية لا تتحقق فكرة تجوال العروض المسرحية, حالات قليلة لانتقال بعض العروض المسرحية للإسكندرية أو إحدى المحافظات, وعندما أنشا الفنان الراحل عبد الغفار عودة المسرح المتجول أواخر الثمانينيات, حقق هدف التجوال بشكل محدود, لكنه حقق انجازات مبهرة, تستحق معها هذه الفرقة أن تكون إحدى العلامات المهمة في تاريخ المسرح المصري, في مساحة صغيرة كانت شبه مهجورة بشارع رمسيس وسط القاهرة, بدأ مشروعه الفني, حول الفرقة لمركز إشعاع ثقافي, يستثمر المكان والزمان ويفجر طاقات إبداع الشباب.
أصبحت المساحة الصغيرة الملحقة بمعهد الموسيقى لا تتوقف عن النشاط, لم يكتف ببرنامج العروض الجديدة, حول الإجازة الأسبوعية لاستراحة ثقافية , يستضيف فيها أحد رموز المسرح أمثال سعدالدين وهبه والفريد فرج ويوسف إدريس, في لقاءات فكرية طويلة يتبادلون الحوار مع الجمهور, ويتم تسجيلها على شرائط كاسيت وفيديو, للأسف هذه الكنوز الثقافية تم تبديدها على ما يبدو, بعد أن أصدر الدكتور أحمد هيكل وزير الثقافة في هذا الوقت قرارا مفاجئا بتسريح الفرقة, بسبب وجع الدماغ الذي تسببة للنظام! بعد أن تحولت بعروضها وندواتها ومطبوعاتها إلى حالة مستمرة من الجدل والإبداع, في هذه القاعة الصغيرة كانت تصدر عشرات المطبوعات, ومعها برنامج مستمر للندوات, وبرنامج حافل من العروض المسرحية بدون خطوط حمراء, وكان عودة يتبنى إلى جانب تقديم وجوه جديدة من الممثلين والمخرجين ومهندسي الديكور, صناعة نقاد يجمعون بين الدراسة الأكاديمية والعمل التطبيقي, كان يستعين بكل عرض جديد بناقد مسرحي شاب, يتابع العرض في مراحل تنفيذه, ويتولى مع المخرج والممثلين إدارية ندوات يوميه عقب نهاية العرض مع الجمهور, ووسط النشاط الفني المستمر يقاتل إداريا لتوفير أسطول سيارات لنقل الممثلين والديكورات وحالة النشاط المستمرة من القاهرة لبقية المحافظات, كان المسرح المتجول مشروعا فنيا وثقافيا كبيرا, لكنه تعرض للأهمال والتجاهل والنسيان!
بقلم/ عبد الرائق حسين
المصدر/نشرة المهرجان القومي للمسرح
بتاريخ/ 18-8-2014 العدد/ 9
ساحة النقاش