تشهد بلادنا منذ فترة غير بعيدة إهتماماً كبيراً بالأطفال، العمل على إحاطتهم بكافة أنواع الرعاية، حتى يجنى الوطن منهم رجالاً ونساء صالحين يحققون ما يأمله الوطن منهم، وبهذه المناسبة أقدم هذه الدارسة التى قد تساهم بشكل جدى فى مساعدة الأطفال على تذوق الموسيقا، والاستمتاع بها، وحتى يلازمهم ذلك الشعور طوال حياتهم. وقد كتب بعض مؤلفى الموسيقا العالمية اعمالاً للأطفال ضمن إنتاجهم الفنى، وقد قصد فى بعضها مشاركة الأطفال بالعزف فى العمل، كما حدث فى سيمفونية اللعب Toy Symphony) التى تنسب لمؤلف الموسيقا النمساوى فرامز جوزيف هايدن (1809 – 1732)، أو المشاركة بالرقص مع مناسبة الموسيقا والموضوع للأطفال، كما حدث فى باليه (كسارة البندق) لمؤلف الموسيقا الروسى بيوتر إليتش تشايكوفسكى (1840- 1893). و فى احيان ثالثة يقوم المؤلف الموسيقى بتعليم الأطفال شيئاً عن الموسيقا، وفى نفس الوقت تكون الموسيقا مناسبة لمستوى أعمار الأطفال حتى يتمكنوا من تذوقها والاستمتاع بها كما جاء على سبيل المثال فى (بيتر والذئب) لمؤلف الموسيقا الروسى سيرجى بروكوفييف (1891- 1953)، و(دليل الناشئين للاوركسترا) لمؤلف الموسيقا الانجليزى بنيامين بريتين (1913 – 1976)، وفيما يلى تقدم نماذج متنوعة للموسيقا التى كتبت للأطفال مرتبة وفقاً لتواريخ ميلاد مؤلفيها:
أولاً : سيمفونية اللعب (Toy Symphony)
فى مقام دور الكبير وتنسب لمؤلف الموسيقا النمساوى فراننز جوزيف هايدن Franz Joseph Haydn (1732 – 1809).
وفى تحفة فنية ذات طابع فكاهى، يشارك فيها الاطفال بعزف آلات بسيطة ولكنها تشعرهم – برغم بساطة دورهم – أنهم يشاركون بشكل إيجابى فى عمل للكبار ويرجع السبب فى كتابة هذه السيمفونية إلى أن هايدن كان فى اجازة فصيرة من عمله فى فصر الأمير إستر هازى عام 1788 وبينما كان فى بافاريا عثر بالصدفة على بعض آلات على شكل لعب متنوعة فقرر أن يكتب لها سيمفونية صغيرة واستخدم فيها ثلاث حركات مختصرة. ويشعر الأطفال بسعاة كبيرة عند إشتراكهم فى عزف هذه السيمفونية وكذلك الأطفال الذين يسمعونها.
ثانياً: متتالية مهرجان الحيوانات:
(Carnival of the animal) لمؤلف الموسيقا الفرنسى كامى سان سانس (1835- 1921) تؤدى هذه المتتالية آلتا بيانو مع الاوركسترا الكامل. وقد كتبها المؤلف أولاً عام 1886 لتؤديها آلتا بيانو على سبيل المزاج والتسلية لمجموعة من الأصدقاء ثم أعاد كتابتها لآلتى بيانو مع الاوركسترا السيمفونى الكبير. ويصور سان سانس من خلال المقطوعات الأربعة عشر التى تتكون منها المتتالية – باستثناء المقطوعة الحادية عشر – أصوات وحركات عدد من الحيوانات والطيور والأسماك. والعجيب أن سان سانس قد منع عزف أو نشر النص الأوركسترالى لهذا العمل طوال حياته، وسمح فى وصيته بأن يعرض بعد وفاته ولم يستثن من ذلك الحظر سوى المقطوعة الثالثة عشر، وهى بعنوان (البجعة) وتؤديها آلة تشيللو بمصاحبة آلتى بيانو، وقد سمح بعزفها فى حياته، وقامت راقصة البالية الروسية الشهيرة أنا بافلوفا (Anna Pavlova) بتقديم رقصة بمصاحبة موسيقاها عام 1905)) من تصميم ميشيل فوكين (Michel Fokine) فلاقت الرقصة نجاحاً جماهيرياً كبيراً عند تقديمها.
وفيما يلى استعراض لمقطوعات متتالية (مهرجان الحيوانات) الأربعة عشر:
1. مقدمة والمارش الملكى للأسد:
تمهد المقدمة لبداية مهرجان الحيوانات ويشترك فى أدائها كل آلات الأوركسترا. بل ذلك المارش لملكى للأسد قيصور المشية المتباهية للأسد ملك الحيوانات كما يصور صوت زئير الأسد من خلال تبادل عزف سلالم كرماتيكية من آلتى البيانو ترد عليها الالات الوترية الغليظة الصوت.
2. الدجاج والديوك:
وفى هذه المقطوعة يحاكى المؤلف صوت صياح الدجاج، بالبيانو والوتريات بينما يقلد صوت الديوك بآلة الكلارنيت.
3. البغال:
وهنا يصور المؤلف الحركة العشوائية السريعة للبغال هنا وهناك ويؤدى موسيقا هذه المقطوعة آلتا بيانو فقط. ومن المعتقد أن سان سانس يريد هنا أن يسخر من عازفى البيانو الذين يعتمدون على مهاراتهم التكتيكية أكثر من اعتمادهم على الجوانب الموسيقية الخاصة بالتعبير.
4. السلحفات:
فى هذه المقطوعة يصور المؤلف الحركة البطيئة للسلحفات، كما يصور مرور السنين الطويلة متشاقلة عليها. ولتحقيق ذلك إقتبس سان سانس لحنين من اوبريت (أورفيوس فى العالم السفلى) لمؤلف الموسيقا الفرنسى أوفينباخ (1819- 1880) ويعزف هذه المقطوعة الآلات الوترية وتؤدى نغمة واحدة مع آلة البيانو الأولى.
5. الفيل:
ونظراً لأن الفيل أضخم الحيوانات فقد اختار له سان سانس آلة الكونتراباص، أضخم الآلات الوترية حجماً وأغلظها صوتاً لتؤدى حركته ويصاحب الكونتراباص آلة البيانو ويغلب على موسيقا هذه المقطوعة طابع المرح والكاريكاتير وهى مقتبسة من غنائية (لعنة فاوست) لمؤلف الموسيقا الفرنسى هيكتور برليوز.
6. الكنغر:
ويؤدى موسيقا هذه المقطوعة آلتى بيانو ويحاول المؤلف فيها لأن يصور حركة قفز حيوان الكنغر، مع استناده على ذيله القوى.
7. الأسماك فى الماء:
وتؤدى موسيقا هذه المقطوعة الآلات الوترية المكتومة الرنين مع آلة بيانو تعزف تألفات مفككه (أربيجات) لتعبر عن الماء ، وتضاف إليها بعض الأولان الصوتية من آلتى فلوت وكلارنيت، بينما تعبر الإنزلافات النغمية من آلة السيليستا عن الأسماك المندفعة فى الماء.
8. أشخاص ذوى آذان طويلة:
تعزف موسيقا هذه المقطوعة آلات الفيولينة محاكية صوت نهيق الحمير، وقد نجحت فى ذلك إلى حد بعيد.
9. طائر الوقواق فى الغابات:
وفى هذه المقطوعة يحاكى صوت طائر الوقواق آلة الكلارينيت ويصور مشهد الغابات تآلفات تؤديها آلتا بيانو.
10. الطيور:
وفى هذه المقطوعة يحاول المؤلف تصوير أصوات الطيور وحركتها فى الفضاء الفسيح فيصور تغريد الطيور بآلة الفلوت أما رفرفة أجنحتها المستمرة فتصوره الالات الوترية تساندها آلتا بيانو.
11. عازفو البيانو:
وهنا يتهكم سان سانس على بعض تمارين درسات المؤلف النمساوى كارل تشيرنى (17911- 1857) ويعزف موسيقا هذه المقطوعة البيانو والوتريات.
12. وفى هذه المقطوعة يعود سان سانس ليطلق لخياله العنان فى الإقتباس وفى هذه المرة إقتبس من أوبرا (حلاق إشبيلية) لمؤلف الموسيقا الإيطالى روسينى، ومن لحنين شعبيين، وكذلك من قصيدة السيمفونى (رقصة المقابر) ويؤدى ألحان هذه المقطوعة آلات (الاكسيلوفون- الوتريات- الكلارينيت- آلتا بيانو).
13. البجعة:
وهذه هى المقطوعة الوحيدة من المتتالية التى سمح سان سانس بنشرها وعزفها – كما سبق القول – فى حياته، وتؤدى الحانها آلة تشيللو بمصاحبة آلتى بيانو. وتعتبر هذه المقطوعة أشهر مقطوعات المتتالية.
14. وفى هذه المقطوعة الختامية، يتم تقديم شذرات من كل الألحان السابق سماعها فى مقطوعات المتتالية. ويؤدى هذه المقطوعة الأوركسترا كاملاً، حيث تختتم المقطوعة والمتتالية فى قوة وحيوية.
والجدير بالذكر أن موسيقا متتالية (مهرجان الحيوانات) قد قدمت مصاحبة لبالية من فصل واحد يحمل نفس العنوان وقدمت عرضه الأول فرقة باليه (رامبيرت) على مسرح ميركورى بمدينة لندن فى السادس والعشرين من مارس 1923، حيث قدمت رقصات متتالية للحيوانات والطيور المختلفة بعد حذف مقطوعة البجعة..
ثالثاً: متتالية العاب الأطفال (Children's Games)
لمؤلف الموسيقا الفرنسى جورج بيزيه (1838 – 1875) وتتكون المتتالية من إثنتى عشرة مقطوعة كتبها بيزيه عام 1871 لآلتى بيانو. وفيما بعد أعاد كتابة خمس مقطوعات منها للأوركسترا . ثم قام مؤلف الموسيقا الألمانى سيجفيد كارج إليرت (1877- 1933) باعادة خمس مقطوعات أخرى من المتتالية للأوركسترا.
وقد صمم باليه على موسيقا بيزيه وجاء هذا الباليه فى فصل واحد، وصمم رقصاته ليونيد ماسين، وعرضته لول مرة فرقة دو بازيل بمونت كارلو فى الرابع عشر من إبريل عام 1932.
وتروى أحداث الباليه قصة فتاة صغيرة أرادت أن تكشف عن الحياة الغامضة التى يقال ان اللعب تتمتع بها فى ساعات الليل الهادئة وهنا يدخل اثنان من الارواح التى تحرك اللعب قيستخدمان سحرهما ويحركان فى البداية نحلة مخططة وعندئذ تدخل الفتاة إلى الحجرة المسحورة وتتمتع بهذا المنظر الجديد، الذى تبدو فيه الأشياء العزيزة عليها وهى تؤدى ألعاباً من إبتكارها ويوجد فى الحجرة أحصنة خشبية هزازة وزوج من المضارب يلهوان بكرة خفيفة ذات ريش. كما ان هناك لعباً تمثل مساء محاربات يقاتلن بسيوف ودروع وألعاباً أخرى تمثل بعض الشبان الرياضين وشائحاً نشيطاً خفيف الحركة. وتميل الفتاة إلى السائح وترقص معه، ثم يجذب الشبان الرياضيون أنظارها بتمريناتهم فتنعطف نحو واحد منهم ، ولكن النحلة الغيورة تدور بينهما وتفصلهما عن بعضهما وعندئذ يضاء المنظر ومع بزوغ الفجر ينصرف الروحان وتعود اللعب إلى سيرتها الأولى، حيث ينتهى الباليه.
رابعا: باليه (كسارة البندق) The Nutcracker
لمؤلف الموسيقا الروسى بيوتر إليتش تشايكوفسكى (1840- 1893)
يقع الباليه فى فصلين وثلاثة مناظر، ود أخذ موضوعه عن قصة للكاتب الألمانى إرنست تيودور أما ديوس هوفمان (1776- 1822) بعنوان (كسارة البندق ومالك الفئران) وقد قام بإعدادها للباليه، الروائى الفرنسى اليكساندر ديما (الإبن) (1824- 1895) وصمم رقصاته الراقص ومصمم الرقص الروسى ليف إيفانوف (1834- 1901) الذى اتبع فى تصميمه للرقصات الخطة التى أعدها مصمم الرقص الشهير ماريوس بتيبا (1818 – 1910) الذى أقعده المرض عن تنفيذ هذا الباليه بعد أن كان قد قطع شوطاً بعيداً فى تصميم رقصاته، ورسم مناظر الباليه بوشاروف وقدم العرض الاول للباليه فرقة الباليه الامبراطورى الروسية، على مسرح مارينسكى بمدينة سانت بطرسبورج (ليننجراد حالياً) فى الثامن عشر من ديسمبر1892. وفيما يلى ملخص لقصة الباليه:
الفصل الأول: المشهد الأول : (بيت كلارا)
يقيم الرئيس ستالبوم وزوجته حفلاً بمناسبة أعياد الميلاد (الكريسماس) وهما يستقبلان مدعويهم الكثيرين. وعندما يصل كل الضيوف ويجتمع شمل الجميع يبدأون فى الرقص فتؤدى رقصات للكبار ولأخرى للصغار ثم يحضر أحد الضيوف ويدعى (دروسلماير) ومعه اربع لعب تتحرك بطريقة آلية ويقدمها كهدايا فيعطى (كلارا) إبنة صاحب الدار لعبة (كسارة البندق) التى يرغب أخوها (فرانز) فى أخذها، فينشب بينهما نزاع حول هذه اللعبة، ويقوم فرانز بانتزاع اللعبه من ايد اخته ويلقيها على الأريكة ثم تقدم رقصة أخيرة يختتم بها الحفل وبعد ذلك يأوى الأطفال إلى فراشهم، ولكن (كلارا) لا تستطيع النوم من كثرة تفكيرها فى لعبتها (كسارة البندق) وعندما ينتصف الليل تنهض من فراشها وتتجه إلى حيث توجد اللعب، ولكنها تفاجأ بأن الحياة قد دبت فى كل اللعب الموجودة فى الحجرة، وتحدث معركة ضاربة بين العساكر بقيادة (كسارة البندق) وبين الفئران المعتدية بقيادة ملكهم وعندما ترى كلارا أن ملك الفئران يكاد يهزم كسارة البندق تتدخل لصالحها وتقذف ملك الفئران بحذائها فتقتله وعلى الفور تتحول كسارة البندق إلى فتى وسيم يدعو (كلارا) للذهاب معه إلى مملكة الحلوى.
المشهد الثانى: يشاهد الإثنان وهما يمران خلال عاصفة ثلجية فى طريقهما إلى مملكة الحلوى.
الفصل الثانى:
تصل (كلارا) و (كسارة البندق) إلى مملكة الحلوى فى زورق صغير فتستقبلهما (حورية المليس وتابعتها) ويقمن حفلا تكريماً لهما. ويتيح هذا الحفل فرصة لعرض سلسلة من الرقصات المتيميزة نذكر منها: رقصة (الشيكولاتة) وهى رقصة أسبانية، ورقصة (البن) وهى رقصة عربية ورقصة (الشاى) وهى رقصة صينية، ورقصة (التريباك) وهى رقصة روسية، ثم تقدم رقصة ثنائية كبيرة تؤديها حورية المليس وفارسها، وبعدها تؤى رقصة جماعية ختامية وهى فالس الزهور وقرب نهاية الباليه يتضح ان كل ما شاهدته (كلارا) لم يكن سوى حلماً رأته أثناء نومها. وبهذا تنتهى احداث الباليه.
خامساً: متتالية (ركن الأطفال)
لمؤلف الموسيقا الفرنسى كلور ديبوسى (1862- 1918) وقد كتبها ديبوسى لآلة بيانو، فيما بين عامى (1906، 1908) لابنته الصغيرة (شوشو) وتتكون متتالية ركن الأطفال من ست مقطوعات قصيرة، توحى بألعاب تتم بين طفل فرنسى ومربية إنجليزية وتجىء المقطوعات الست على النحو التالى:
المقطوعة الأولى: وهى بعنوان (دكتور جرادوس) وقد استوحاها ديبوسى من إحدى مقطوعات الدراسات التى كتبها مؤلف الموسيقا الايطالى موتزيو كليمنتى (1752 – 1832) واضع الدراسات المسماه (الصعود تدريجياً إلى قمة جبل بارناسوس).
وقد إتخذ ديبوسى اللحن الأساسى لاحدى تلك الدراسات. وصاغ منه هذه المقطوعة وقد تخيل ابنته (شوشو) وقد جلست إلى البيانو لتؤدى تمرينها اليومى ولكن سرعان ما يظهر الملل فى عزفها، والذى يعزفه جيداً كل ممارس لفن العزف، عند تكرار التمرين الواحد عدة مرات.
فتارة تتوقف (شوشو) عن العزف وتارة أخرى تستعيد مااستعصى عليها، وأخيراً تتمكن من فك طلاسم هذا التمرين الصعب، فيأخذها الحماس وتستغرق فى العزف، وتنتهى المقطوعة بانتعاش وحيوية.
المقطوعة الثانية: وهى بعنوان (أغنية المهد للفيل) وقد استوحاها ديبوسى من أغنية المهد التى كثيراً ما ترنمت بها (شوشو) لتنيم فيلها، تلك اللعبة المفضلة لديها والمصنوعة من القطيفة والقطن.
ويسترعى أسماعنا فى هذه المقطوعة نغمات السلم الخماسي ليوحى لنا ديبوسى بجو الغابة حيث يعيش الفيل فى الطبيعة. ويتخلل اللحن من آن لآخر صوت يؤكد لنا أن الفيل يغط فى نوم عميق.
المقطوعة الثالثة: وهى بعنوان (سيرينادة لدمية العروسة) وفيها يمثل ديبوسى إبنته (شوشو) وهى تناجى عروستها، فترقص العروسة طرباً. ويشعرنا ديبوسى أنها ليست إلا دمية، لا روح فيها ولا حياة فهى ترقص رقصة آلية رتيبة.
المقطوعة الرابعة: وهى بعنوان (الثلوج ترقص)
تتساقط الثلوج، بينما تقف (شوشو) خلف نافذة حجرتها تتأمل هذا المشهد الأخاذ فى هدوء ولعلها قد أعجبت بمنظر الثلوج المتساقطة وربما كانت تأمل أن يتوقف تساقط الثلوج لتخرج مع مربيتها فى نزهتها اليومية.
المقطوعة الخامسة: وهى بعنوان (الراعى الصغير) وتجىء أنغامها منسابة لتوحى بجو الريف الصافى. وقد تخيل ديبوسى هذا الراعى الصغير تحيط به المراعى، وقد رقدت أغنامه على الحشائش لتستريح بينما أخذ هو يلهو بمزماره، ويصدر منه أعذب الألحان.
المقطوعة السادسة: وهى بعنوان Golliwgg's Cakewalk وينهى ديبوسى متتالية ركن الأطفال بوقصة من رقصات الجاز (Jass) التى إنتشرت فى أمريكا فى ذلك الوقت، وقد أسماها ديبوسى (Golliwogg's Cake Walk). وفيها يسخر بطريقة لاذعة من الرومانتيكية الفياضة بالمشاعر والتى تتمثل فى أعمال مؤلف الموسيقا الألمانى ريتشارد فاجنر (1813- 1883). فأخذ ديبوسى لحناً من أوبراه تريستان وايزولده (Tristan and Isolde) وأقحمه فى موسيقا رقصته، ليصور المشاعر العاطفية المنسابة، التى يدين بها بها الذهب الرومانتيكى.
وقد أوصى ديبوسى بأن تعزف هذه هذه الفقرة برقة وعاطفية مستفيضة إمعاناً فى السخرية من الرومانتيكيين الذين أسرفوا فى عواطفهم واندفعوا يطلقون لخيالهم العنان وبلا حدود.
سادساً: متتالية الأوزة الأم (Mother Goose Suite) لمؤلف الموسيقا الفرنسى موريس رافيل Maurice Ravel (1875- 1937) كتب رافيل هذه المتتالية عام (1908) لآلتى بيانو من أجل إثنين من أصدقاء أطفاله من أصدقاء أطفاله. وعند تقديمها لأول مرة فى العشرين من أبريل 1910 بمدينة باريس عزفها طفلان . وعندما أدرك رافيل القيمة الفنية لموسيقا المتتالية أعاد كتابتها للأوركسترا عام 1911. وكذلك قدمت كباليه فى الثامن والعشرين من يناير 1912. وتتكون المتتالية من خمس مقطوعات هى على التوالى.
المقطوعة الأولى: بعنوان (بافان الأميرة النائمة)
"Pavn Of The Sleeping Beauty" ويؤدى لحنها فلوت وآلات الكورنو وآلات الفيولا.
المقطوعة الثانية: بعنوان (عقلة الإصبع) وقصتها مقتبسة من إحدى حكايات تشارلز بيرو Charles Perrault. وتقول أن عقلة الإصبع حمله والده الفقير إلى الغابة ليتخلص منه. ولكن عقلة الإصبع ظل يلقى بفتات الخبز طوال الطريق حتى يستطيع العودة بمساعدتها ولكن العصافير والطيور أكلت فتات الخبز، فتضيع معالم الطريق من عقلة الإصبع. وتؤدى موسيقا هذه المقطوعة آلة الأوبوا بمصاحبة الوتريات المكتومة الصوت.
المقطوعة الثالثة: وهى بعنوان (إمبراطورة الباجورات الصغيرة القبيحة) عند وصول الامبراطورة إلى الحمام يبدأ الرجال والنساء فى الغناء والعزف على مختلف الآلات الموسيقية. وهذه الصورة تفيض بالتلوين الاوركسترالى البراق وفى إيقاع يشبه المارش، ويغلب على موسيقاها الطابع الصينى.
المقطوعة الرابعة: وهى بعنوان (حوار بين الجميلة والوحش) ويرمز المؤلف فى البداية للجميلة بآلة الكلارينيت وللوحش بآلة الكونترا فاجوت، وبعدها يرمز للجميلة بآلات الفلوت والأوبوا والفيولينة، ويرمز للوحش بآلة تشيللو منفردة.
المقطوعة الخامسة: وهى بعنوان (الحديقة المسحورة) وهنا نرى الأميرة الجميلة النائمة، التى تصورها آلة السيليستا يوقظها أميرها الوسيم، ويعزف اللحن الرئيسى الرقيق فى هذه المقطوعة الآلات الوترية، لقدرتها على التعبير عن هذه المواقف.
سابعاً: أوبرا (الطفل والمسحورات):
لمؤلف الموسيقا الفرنسى موريس رافيل. وقد جاءت هذه الأوبرا فى جزءين، وكتب نصها كوليت (Collete) وقدمت لأول مرة بمدينة مونت كارلو فى الحادى والعشرين من مارس 1925.
وهذه الاوبرا خليط من الغناء والباليه والرقص الايمائى وكلها معاً تشيع البهجة فى العمل.
وتدور قصة الأوبرا حول صبى شديد الشقاوة إعتاد إلحاق الضرر بأثاث المنزل، وبلعبه وبالحيوانات الصغيرة. وبكل ما تستطيع أن تصل إليه يداه. وعندما ينام يحلم بأن هذه الاشياء وتلك الحيوانات جاءته كلها وقد دبت فيها الحياة وهاجمته عقاباً له على أفعاله معها وتختتم القصة بمنظر أمه وهى تهدىء من روعه. ويقرر أنه سوف يصلح من سلوكه ويصبح ولدأً طيباً.
ثامناً : بيتر والذئب (Peter And The Wolf)
لمؤلف الموسيقا الروسى سيرجى بروكوفييف (1891 – 1953) ويقوم هذا العمل على قصة خيالية ممتعة يقدمها راوى بمصاحبة الأوركسترا.
وفى هذه القصة يرمز المؤلف لكل شخصية من شخصياتها بآلة موسيقية محددة أو أكثر. ويقوم الراوى بتوضيح ذلك قبل أن يبدأ فى رواية القصة. أى أن بروكوفييف قد رمز لكل شخصية فى الرواية بآلة (أو أكثر) وجعلها تعزف لحناً محدداً مرتبط بتلك الشخصية. وهو فى ذلك قد تأثر بفكرة الألحان الدالة التى استخدمها من قبل مؤلف الموسيقا الألمانى ريتشارد فاجنر فى أعماله.
وفيما يلى بيان بالشخصيات والآلات التى ترمز لكل منها: العصفور (آلة الفلوت) – البطة (الأوبوا) – القط (الكلارينيت) فى طبقته الصوتية الغليظة – الجد (الفاجوت) – الذئب (ثلاث آلات كورنو) – بيتر (الآلات الوترية) – طلقات الصيادين (التمبانى والطلبة الكبيرة). أما موضوع القصة الخيالية البسيطة التى تصورها الموسيقا فهى كالتالى: كان الصبى (بيتر) يعيش مع جده، وقد حذره الجد من الخروج إلى الأراضى الواسعة المحيطة بسور بيتهم. ولكن (بيتر) لم يستمع إلى تحذير جده، وفتح بوابة البيت الخارجية، وانتهزت البطة الفرصة، وتسللت من البوابة. وما أن يرى العصفور صديقه (بيتر) حتى يبادله التحية ويهبط من فوق الشجرة ويقف بجواره على الحشائش.
وهنا يدور يدور حوار بين العصفور والبطة، وفى تلك الأثناء يحضر القط ويحاول أن يتسلل فى خفة للانقضاض على العصفور وافتراسه ولكن (بيتر) يراه ويحذر العصفور فى اللحظة الأخيرة فيطير على الفور إلى أعلى الشجرة. عندما تنظر البطة إلى القط بغيظ بسبب سلوكه الغادر. وفى تلك اللحظة يخرج الجد ويؤنب (بيتر) ويمسكه من يده ويدخله إلى البيت ويغلق الباب الخارجى . وبعد قليل يظهر ذئب مفترس يشعر بالجوع الشديد وبمجرد أن يراه القط يسرع مذعوراً ويتسلق الشجرة، وعندما يشعر بالأملن يسير ببطء حتى يقف على فرع من الشجرة مقابل للفرع الذى يقف عليه العصفور، ولكنه يثبت فى مكانه خوفاً من السقوط بين يدى الذئب، الذى يرى البطة وهى تحاول الهرب فليحق بها ويبتلعها وطوال الوقت كان (بيتر) واقفاً خلف السور الحديدى للبيت يراقب ما يحدث. ثم يجرى إلى الداخل ويحضر حبلاً قوياً، ويقوم بصنع خيه فى أحد طرفيه. وبعد ذلك يتسلق أحد أغصان الشجرة المتدلى على سور البيت، حتى يصبح فوق الشجرة. ويطلب من صديقه العصفور أن يهبط قرب رأس الذئب ويشلغله، ولكن عليه أن يكون حذراً حتى لا يمسكه الذئب. ويفعل العصفور ذلك بذكاء وفى تلك الأثناء ينزل (بيتر) الحبل بخفة حتى حتى يجعل الخية تحيط بذيل الذئب ثم يشد الحبل بقوة وبلف طرفه الآخر حول جذع الشجرة. وكلما حاول الذئب الإفلات أحكمت الخية عليه بشكل أشد. وفى تلك الأثناء يسمع (بيتر) صوت طلقات الصيادين من بعيد، وقد جاءوا متتعبين آثار أقدام الذئب وعندها يصيح فيهم (بيتر) من أعلى الشجرة قائلاً "لا داعى لاطلاق النار" فها هو الذئب قد أمسكت به أنا والعصفور، تعالوا وخذوه إلى حديقة الحيوانات. فيحضر الصيادون ويمسكون بالذئب ويسيرون به فى موكب يتقدمه (بيتر). ويقول العصفور "إنظروا ماذا إصطدت أنا وبيتر". وفى تلك الأثناء يخرج جد بيتر. للبحث عنه فيرى ما حدث ويقول لبيتر "ماذا كان يمكن أن يحدث لو لم تمسك بالذئب؟؟" والجدير بالذكر أن الأحاديث التى تجرى بين (بيتر) والعصفور وبين العصفور والبطة، تبدو كلها حقيقية عند الاطفال الصغار فلا يرون فيها أية غرابة، لمناسبتها تماماً لأعمارهم ولخيالهم الخصب فى تلك السن، مما يساعدهم على تذوق موسيقا هذا العمل، والتعرف على صوت الآلات المختلفة بطريقة غير مباشرة أثناء متابعتهم لأحداث هذه القصة الخيالية واندماجهم مع شخصياتها.
تاسعاً: باليه سيندريلا (Cinderella)
لمؤلف الموسيقا الروسى سيرجى بروكوفييف وقد جاء باليه سيندريلا الخيالى فى ثلاثة فصول وسبعة مشاهد. وقد عرضته لأول مرة فرقة باليه البولشوى على مسرح البولشوى بمدينة موسكو، فى الخامس عشر من نوفمبر عام 1945. وقد بدأ المؤلف فى كتابة هذا الباليه عام 1940، ولكن بسبب الحرب العالمية الثانية، فإنه لم ينته منه إلا فى عام 1944، حيث أنه إنشغل بكتابة المارشات والاغانى لمساندة الروح المعنوية لمواطنيه. ويقول بروكوفييف عن باليه سينديلا " لم أكن أعتبر سيندريلا شخصية خيالية فقط، بل أيضاً شخصية حقيقة، تشعر وتعبر وتتحرك بيننا" ويروى الباليه قصة الفتاة اليتيمة الأم (سيندريلا) التى تعيش مع أبيها وزوجته الشريرة وبنتيها القبيحتين، الذين يسيئون معاملتها وفيما يلى ندوى أحداث الباليه، كما تدور على خشبة المسرح:
يبدأ الباليه بمعركة بين الأختين القبيحتين على شال إحداهما، إذ تحاول كل منهما أخذ الشال من الأخرى، وتتدخل أمهما لفض هذا النزاع وتقوم بقص الشال بينهما فتسقطان على الارض وهما فى غاية الغضب. وتعتقدان بأن سندريلا هى السبب فيما حدث لهما. فتبدآن فى الهجوم عليها ويتدخل الأب محاولاً إنهاء الموقف، ولكن نظراً لضعف شخصيته أمام زوجته فإنه لا يستطيع عمل شىء. وفى هذه الأثناء تدخل سيدة عجوز تطلب شيئاً تأكله فتبتعد عنها الأم وبنتاها، ولكن سيندريللا تقترب منها وتقدم لها كسرة من الخبز، فتأخذها السيدة العجوز وتخرج وهى تشكر لها معروفها، بعد ذلك يدخل أحد موظفى قصر الامير، ويقدم للأسرة دعوة لحضور الحفل الراقص الذى سيقيمه الامير، فتفرح الام وبنتاها ويبدءون فى الاستعداد لحضور هذا الحفل، باعداد الملابس وتعلم الرقصات التى سيؤدونها هناك، وتطلب منهن سندريلا أن يأخذونها معهن ولكنهن يرفضن بسبب ثيابها الرثة الممزقة، وبعد ذهابهن للحفل تبقى سيندريلا وحيدة حزينة تقوم بتنظيف البيت. وفجأة تدخل عليها السيدة العجوز التى أخذت منهاالخبز منذ قليل، وتتحول السيدة العجوز إلى حورية من الحوريات جاءت لتساعد سيندريللا على حضور الحفل، فتقدم لها أجمل الثياب وتحضر لها عربة تجرها الجياد البيضاء لتوصلها إلى قصر الأمير، ولكنها تطلب منها أن تعود قبل أن تدق الساعة الثانية عشرة معلنة حلول منتصف الليل، وتحذرها بأنها إن لم تفعل فستعود إلى حالتها الأولى بملابسها الرثة الممزقة. وتذهب سيندريلا إلى الحفل، ويعجب بها الجميع وينبهر الأمير بجمالها ويرقص معها ويقع فى حبها، وأثناء رقصها مع الامير تدق أجراس الساعة معلنة حلول منتصف الليل، فتسرع سيندريلا إلى الخروج من القصر، وأثناء ذلك تقع منها فردة حذائها فيأخذها الأمير بعد ان فشل فى اللحاق بها ويبدأ فى البحث عن صاحبة فردة الحذاء ويدخل كل بيت فى المدينة حتى يصل إلى بيت سيندريلا، فتتقدم إحدى البنتين وتحاول لبس فردة الحذاء ولكن دون جدوى، وكذلك تفعل أختها، ثم تتقدم أمها وتحاول أن تدخل قدمها فى فردة الحذاء، ويرى الأمير منظرها فيقع مغشياً عليه، إذ لا يمكن أن هذه السيدة القبيحة هى التى كان يرقص معها. وعندما تفشل الام تحضر مقصاً لتقص به قدمها وهنا تسرع إليها سيندريلا كى لا تقوم بهذا العمل الشنيع، فتقع منها فردة الحذاء الأخرى ويعرف الأمير أن هذه الفتاة ذات الملابس الرثة الممزقة هى التى كان يرقص معها فيجتمع شمل الحبيبين حيث ينتهى الباليه بهذه النهاية السعيدة.
عاشراً: دليل الناشئين للأوركسترا
لمؤلف الموسيقا الانجليزى بنيامين بريتين (1913- 1976). كتب بريتين هذا العمل عام (1945) يطلب من وزير التعليم الانجليزى، ليصاحب ليصاحب فيلماً سينمائياً تسجيلياً تعليمياً. الهدف منه هو تعريف الناشئين بمختلف آلات الاوركسترا بالصورة والصوت. وهناك تعليق يقدم قبل كل قسم ليحدد الآلة أو الآلات التى ستسمع. وعند تقديم هذا العمل فى قاعات الموسيقا يتم حذف التعليق. وقد بنى المؤلف (دليل الناشئين للاوركسترا) على لحن رقصة (روندو) إختاره من الموسيقا المصاحبة لمسرحية (إنتقام المغربى) التى كتبها مؤلف الموسيقا الانجليزى هنرى بورسيل (1659- 1695) فى عام (1677) ويقدم بريتين اللحن فى صيغة اللحن وتنويعاته.
فيسمع اللحن أولا من الأوركسترا كاملاً. ثم يقدم من خلال ثلاثة عشر تنويعاً تعزفها الآلات التالية: آلات فلوت – فلوت صغير – آلات الأوبوا – آلات الكلارينيت – آلات الفاجوت – آلات الفيولينة – آلات الفيولا – آلات الكونتراباص – الهارب – آلات الكورنو – آلات الترومبيت – آلات الترومبون – آلات الايقاع. وبعد ذلك يقدم القسم الختامى فى صورة فوجة، حيث يتم عزف اللحن على التوالى من آلات الاوركسترا المختلفة. وقد قدم (دليل الناشئين للاوركسترا) لأول مرة بمدينة لندن فى التاسع والعشرين من نوفمبر 1946، وبعد أن لقى نجاحاً جماهيرياً، قدم كعمل للباليه بمدينة باريس عام 1949.
حادى عشر: هيا نقوم بعمل أوبرا
لمؤلف الموسيقا الانجليزى بنيامين بريتين وقد قدم هذا العمل عام 1949، وقصد به تعليم الاطفال كيف تتم كتابة الاوبرا وكيف تقدم.
ففى الجزء الاول نرى ستة اطفال ومعهم خمسة من البالغين وهم يناقشون فكرة كتابة وتقديم اوبرا. ويناقشون بالتفصيل المشكلات المعقدة التى قابلتهممممم . وفى الجزء الثانى يقدمون أوبرا بعنوان (الكناس الصغير) . وتعنى للاوبرا بالمعاملة القاسية التى كان يلقاها الطفل الذى ينظف المداخن فى انجلترا فى القرن التاسع عشر. ويتميز العمل بالحانه البسيطة طوال الوقت ، وهو من النوع الذى يمكن إستيعابه بسهولة والموسيقا الكورالية الممتعة التى يغنيها الجمهور حيث يتم بين الفصلين تعليمه أربع أجزاء تتكرر وتصبح جزءاً متمماً للأوبرا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر/ مجلة الفنون
العدد/ 42 فبراير 1991
بقلم/ د. زين نصار
ساحة النقاش