<!-- <!-- <!-- <!-- [if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->
إن ذاكرتنا تعانى من الثقوب الدائمة، لذا لا نتذكر الأصول المسرحية المؤثرة فى تاريخنا، لذا فقد آثرت أن أضع هذا التاريخ المسرحي أمام شبابنا من المسرحيين ليتعرفوا على عبد الله النديم الممثل المسرحي ليتعرفوا على عبد الله النديم الممثل المسرحي بعد أن انتهت الثورة العرابية عام 1882 بالإخفاق والهزيمة تم القبض على كل من شارك فيها ما عدا عبد الله النديم الذى اختفى لمدة عشر سنوات وذلك لبراعته وموهبته وإتقانه للتمثيل وتقمصه لأدوار عدة شخصيات من أقطار مختلفة، والتحدث بلهجة كل شخصية وارتداء ثيابها، والتحكم فى إطالة لحيته أو تقصيرها أو تلوينها، وجعل خشبة مسرحه كل أرض مصر بمدنها وقراها وكفورها، ويذكر الكاتب الكبير أحمد أمين فى كتابه "من زعماء الإصلاح" أن سلطان باشا (والد هدى شعراوي) ورياض باشا رئيس الحكومة فى ذلك الوقت قد رصدا مكافأة كبيرة لمن يرشد عن عبد الله النديم والعقوبة القصوى لمن يخفيه، وها هو ذا أول مرة يذهب الى بولاق، ويستخفى عند صديق له عدة ايام، فيخرج وقد لبس زعبوطاً أحمر وعمامة حمراء، وربط عينيه بمنديل واطال لحيته وامسك عكازاً طويلاً، وتصنع أنه من مشايخ الطرق الصوفية، ونزل فى سفينة مع خادمه حسين – الذى كان أمياً – إلى مدينة بنها فلم يفطن له أحد، وخاف خادمه حسين وأراد أن يرجع إلى أهله، فأيقن النديم أنه إذا عاد انكشف أمره، فأخذ النديم يفكر فى حيلة فأحضر صحيفة وأخذ يقرأ فيها ثم تصنع – بتمثيله البارع – الفزع والهرع وأخذ يضرب كفاً بكف وهو يقول "لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم" فسأله الخادم عما أفزعه، فقال النديم: "إن الحكومة جعلت لمن يرشد عنى ألف جنيه، ولمن يأتيها برأسى خمسة آلاف جنيه" وفى الحقيقة أن الحكومة قد رصدت مبلغاً كبيراً فى ذلك الوقت وهو ألف جنيه، ولكنها لم ترصد الخمسة آلاف جنيه ثمن رأس عبد الله النديم مما يعتبر خروجاً عن النص، فخاف الخادم وأخذ يبالغ فى التنكر أكثر من سيده وأطلق على نفسه اسم صالح بدلاً من اسم حسين وظل معه طول مدة الاستخفاء، وقال عبد الله النديم عن نفسه فى هذه الفترة: خرجت من مصر متخفياً فررت فى البلاد متنكراً أدخل كل بلد بلباس مخصوص، وأتكلم فى كل قرية بلسان يوافق دعواي التى أدعيها من قولي إنى مغربي أو يمنى أو فيومي أو شرقاوي أو نجدى، وأصلح لحيتى إصلاحاً يوافق الدعوة ايضاً، فأطيلها فى مكان عند دعوة المشيخة، وأقصرها فى آخر عندى دعوة السياحة – مثلاً – وأبيضها فى بلد ، وآحمرها فى قرية، وأسودها فى عزبة، ويذكر أحمد أمين أن النديم فى اختفائه أطلق على نفسه عدة أسماء فأحيانا كان اسمه الشيخ يوسف المدنى، وأحياناً الشيخ محمد الضوى، وأحياناً سى الحاج على المغربى، وهكذا وأحيانا كان يجتمع بمن يعرفهم ومن دقة تمثيله وتنكره فيثير عجبهم لأن المقدرة مقدرة النديم، ولكن يختلف فى الشكل والصوت واللهجة فيقولون : سبحان الله جل من لا شبيه له، وساعد على نجاحه فى هذا الاستخفاء براعته فى التمثيل ومهارته فى حيله، وإتقانه لما يدعى، فإذا ادعى أنه مغربى تكلم مغربى محكم، أو مدنى وهكذا ... ادعى مرة – وهو فى القرشية – إنه عالم يمنى، وذاعت شهرته فى العلم والأدب حتى بلغت القاهرة، فأرسل إليه رياض باشا "سعد زغلول" ليسأله عن مثل ورد ذكره فى بعض الجرائد ولم يفهم معناه، فقابله على أنه عالم يمنى وفسر له المثل وهو : بعلة الورشان يأكل رطب المشان، والورشان طائر يشبه الحمام، والمشان من أجود أنواع التمر، وأصل المثل أن جماعة عهدوا إلى خادم لهم أن يحفظ ثمرهم، فظل يأكل رطبه ويزعم أن الورشان أكله وكان من مهارة النديم فى التنكر أن استعان برجل من الفرنسيين يعرفه وثيق به فأشاع أن النديم هرب إلى "ليفورنو" فى إيطاليا، ونقلت هذا الخبر جريدة الاهرام، وصدق الناس ذلك، وعنفت الحكومة رجال الضبط على إهمالهم حتى تمكن النديم من الخروج، فخف عنه الطلب، ولم يكن كل ذلك إلى خدعة. وتوارت على النديم أيام بؤس ومحبة، وتغضب عليه زوجته وتلطمه على فمه، حتى تكاد تسقط ثناياه، وربما رأى أن إظهار نفسه للحكومة أهون عليه، ثم يترضاها ويصالحها، وأحياناً تتخاصم زوجته مع زوجة خادمه، وتشتد الشحناء وتهدده كلتاهما بأن تفضح أمره فيتدارك كل ذلك بحيله، وأخيرا نزل "بالجميزة" فعرفه عمدتها وكتم أمره، ولكن رجلاً اسمه حسن الفرارجى – استخدم جاسوساً – عرفه فكتب الى السرائى وإلى الداخلية، فأمرت بالقبض عليه، وذهب وكيل حكمدار الغربية ومعه قوة من الجند فالتفوا حول البلدة، وأراد النديم الهرب بحيله القديمة فلم يستطع فاستسلم، فأرسل إلى طنطا للتحقيق معه، وكان وكيل النيابة قاسم أمين الذى أحسن معاملته، وكان هم التحقيق متجهاً إلى معرفة من أواه، وهل كانوا يعرفونه أو لا يعرفونه؟ ولكن النديم أنكر كل الإنكار أن يكون أحد ممن أواه يعرف حقيقته ثم صدر أمر الخديوى توفيق العفو عنه وإبعاده عن مصر إلى أى جهة شاء، فاختار النديم "يافا" ونزل بها فأكرمه أهلها واتخذ بها دارا، وطوف فى فلسطين يشاهد آثارها ويحج إلى مزاراتها، ويجتلى حسن طبيعتها.
<!-- <!-- <!-- <!-- [if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->
المصدر/ جريدة مسرحنا
العدد / 107 – بتاريخ 27 من يوليو 2009
بقلم / الباحث الفولكلورى – محمود أحمد فضل
ساحة النقاش