يحتل السحر مكانه هامة في حياة الشعوب الأفريقية والغربية ويظهر ذلك في استخداماتها المختلفة في وسائلها وغاياتها .
وغاية الساحر الأولية ، كما يقول الدكتور فوزي العنتيل في كتابه " عالم السحر والحكايات الشعبية " هي أن يكتسب قوة فوق قوى الطبيعة والأرواح والأمراض والأعداء !؟.
أيضا يسود اعتقاد بان الساحر بإمكانه أن يقضي على أعداءه باستخدامه أي شيء كان في حوزة الشخص المقصود هو اعتقاد قديم يمكن اعتباره نواه لمعظم أشكال السحر والطقوس والشعائر الغامضة عن السحرة .
وكان الساحر يتصور أن في استطاعته إحداث أي تأثير عن طريق المحاكاة , أي عن طريق صنع دمية مشابهة لهذا الشخص وقراءة بعض التعاويذ عليها حيث يتأثر بها شبيهها الأصلي نتيجة للترابط المعنوي , وهو يستنتج أيضاً أن أي شيء يفعله بالأشياء المادية سوف يحدث تأثيراً مماثلاً على الشخص المراد استناداً لقانون الترابط أي ارتباط الأشياء بعضها ببعض.
والمكانة التي يحتلها السحر في عقول البدائيين توضح لنا الدور الذي يلعبه السحر في الممارسات المختلفة , وقد بدأ الاعتقاد في السحر في أوائل مراحل التاريخ الإنساني ولم تزول قط زوالاً تاماً عن الإنسان من عبادة الأصنام وغيرها مما يكون له قوة سحرية كالتمائم التي أرسخ في القدم من السحر نفسه وأثبتت جذوراً في النفوس , والاحجبة أيضاً صورة متأخرة في الظهور عن الأصنام وأيضاً الميداليات والتمائم الباقية حتى الآن والتي غرضها أن يستمد حاملها بواسطتها وقاية ومعونة من وراء الطبيعة .
وأقدم أشكال السحر هي تلك التي ترتبط بالحصول على الطعام , وقد استخدم هذا النوع من السحر في أفريقيا لحصول الصياد على فريسته , فقد كان يؤمن أنه سوف يحصل على فريسته كلما غرس رمحه في صورة الحيوان , وكلما زاد من ممارسه طقوس معينة بشكل معين زاد ذلك من وفرة الصيد , ويعتقد أن استبدال الحركات الرمزية بالصورة الرمزية تؤدي نفس النتيجة .
والرقصات السحرية الواقعية التي تحاكي حركات الغرب منتشرة بين القبائل الأفريقية , واستخدام السحر التمثيلي بحب الأشجار والنباتات, وكانت الدول الأفريقية تقدم ضحايا حوامل إلى آلهة القمح والأرض من أجل تحقيق هذه الغاية , وأيضاً استخدامه في تيسير عملية الولادة ومساعدة المرأة العاقر على الحمل بطرق مشابهة على نحو ما تقوم به العشائر الأفريقية من صنع دمية خشبية تمثل طفل وتقوم المرأة التي تود أن تصبح أماً بوضع هذه الدمية في حجرها معتقدة بان ذلك سوف يؤدي إلى تحقيق رغبتها .
وقد ظل السحر عن طريق الدمى أو الحب يمارس خلال جميع العصور وما يزال قائماً حتى الآن , وكان الرومان يعتبرونه الوسيلة المنطقية للتخلص من أعدائهم . وعادة القرون الوسطى في شنق دمية الشخص المراد موته موجودة حتى الآن .
ولا تقتصر العلاقة السحرية على الشيء وشبيهه وإنما تقوم أيضاً بين الشيء واسمه.
ففي بعض الدول الأفريقية لا يستطيع الساحر إيقاع الضرر بشخص لا يعرف اسمه ولذلك فإن بعض القبائل تتعمد إخفاء أسمائها الحقيقة , ولهذا السبب كان أسماء المصريين القدماء مزدوجة ويحتفظ بواحد منها سراً . وبعض القبائل البدائية تحظر نطق أسماء الموتى خشية أن يستدعي هذا النطق الأشباح .
وفي مصر القديمة كانت تكتب أسماء أعداء الملك على أواني وصحاف من الفخار وتحطم إلى مئات القطع وبذلك يفنى هؤلاء الأشخاص .
وكان السحر دائماً يعتمد على قوة اللفظ وعلى العنف في إلقائه , وكذلك على خواص الأسماء , وهناك صيغ سحرية يتحتم تلاوتها لإطالة العمر أو إيقاع الأذى بالأعداء , بل وحتى لجلب النعاس .
وبعض هذه الصيغ فيها لغة وحشية تجري على لسان نساء يحاولن إبعاد المنافسات لهن أو إنزال العقم بهن , وهناك صيغ يراد بها خطف امرأة بالتعزيم وأخرى لارتكاب خطيئة بغير حمل .
وقد أدى استخدام الأسماء المقدسة وغير المقدسة مع استخدام أشياء سحرية إلى انتشار التعاويذ والرقى والاحجبة وخصوصاً في القبائل البدائية في إفريقيا فكان هدف استخدام هذا السحر المضاد هو الحماية متمثلة قي التمائم وتعليق الطلاسم في البيوت وخاصة عند الأبواب والنوافذ لمنع السر من الدخول من الفتحات .
وقسم كبير من النصوص المنقوشة على جدار المعابد والأهرام كان الغرض منها أن يستخدم في التعاويذ وبعضها يستخدمه الكاهن عند الفن ليستعين بها الميت في الدفاع عن نفسه .
وقد استخدمت الرقى لإبعاد الأرواح الشريرة عن المرضى في طقوس العلاج السحري وبعض الأمراض مثل آلام الأمعاء , اعتقد الناس قديماً بأنها تعود إلي تأثير الشياطين التي تعقد عقداً في الأمعاء .
والتعاطف السحري يظهر بشكل قوي في العلاقة بين الإنسان وبين أي شيء يقتطع من جسمه مثل الأظافر والشعر والعظام والرداء , وتحرص بعض القبائل الأفريقية على عدم ترك أظافرهم وبواقي الشعر بعد تمشيطه حتى لا يستخدم في السحر عندهم .
وفي إيجاز نجد أن السحر قد استخدم في جميع مظاهر الحياة , كما أن قدرات الساحر لا حدّ لها في المعتقدات الشرقية . ويلاحظ أن الساحر الأفريقي يعمل من خلال أشياء مادية التي يُحملها قدرات روحية أو سحرية .
ومن هذا الموجز عن السحر واستخداماته تبين أهمية الاعتقاد في القوى السحرية التي تنعكس مظاهرها في الحكايات الشعبية .
كتبت / راما الحلوجى المصدر/موقع صوت النيل
ساحة النقاش