لما كان السحر من اول الامور التى اهتم بها الانسان و اعتقد فى وجودها و حقيقتها فقد نقش معتقداته و طقوسه و تعاليمة و معرفته على هذة الصخور او صنع لها التماثيل و لما ارتقى به امر القراة و الكتابة عمد الى الكتابه فيه و ترك مخلفات كثيرة ما بين مخطوط و مكتوب و منقوش تدلنا جمعيها على مبلغ اهتمام الانسان بالسحر و مازال الامر على هذا المنوال حتى يومنا هذا .
و فى الحقيقه فان الانسان منذ اول عهده بالحياة كان يعيش فى رعب دائم تارة من الوحوش الكاسرة و طورا من الزواحف الهائلة و تارة اخرى من الظواهر الطبيعية التى كانت تبعث الفزع فى كيانه لجهله باسبابها و عوامل تلافيها مثل البرق و الرعد و كان الانسان دائما ما ينسب هذة الامور الى مخلوقات اخرى عاتية لا يراها و يجهل امرها تماما .
ووسط هذة المخاوف التى قد تصل الى حد الرعب و الفزع عاش اهل الفرات و دجلة وهم اول من استعمر الارض و منهم السامريون الذين عاشوا قبل ظهور المسيح عليه السلام بخمسة الاف عام و كذلك الكلدانيون و الكنعانيون و الاشوريون و هم اول من استخدم السحر و نقلة عنهم اقباط مصر ثم يهودها ثم انتقل الى الهند و اوربا و افريقيا و امريكا و عم العالم باسره .
و لقد اختلقت الاراء فى معرفة اول ساحر فى الوجود و لكن الراى الغالب يؤكد ان ذرية هابيل هو اول من مارس السحر بمدينة بابل لانهم كانوا زمرة من المجرمين العتاه و ان المولى عز و جل عاقبهم بالفيضان لكثرة مساوئهم و تعدد مخازيهم و التجائهم للشياطين و اعوانهم من دون الله و يقال ان هام ابن نوح عليه السلام كان من اوائل السحرة و كان يأوى الى جبل يناجى فيه شيطانه حتى انه عندما حدث الفيضان و دعاة والده ليركب فى الفلك معه و ينجو عصى امره مفضلا الالتجاء الى هذا الجبل معتقدا ان خلاصة سياتى على يد الشيطان فخاب امله و كان من المغرقين ( 1)
و حذا حذو هام انجاله كنعان و سيدون و غيرهما و اتخذوا السحر و عبادة الشياطين و الاتصال بهم دينا لهم و ينسب البعض الى هذة الذرية معظم ما يحدث فى هذا العالم من شرور فقد تعلم احد ابنائه من الشيطان ( عزازي ) صناعة الحراب و المدى و التروس و الدروع فانتشر القتل و الجرائم و الحروب و تعلمت نساؤه من نساء الشياطين استعمال العطور و الزينه و التبرج فسادت الخلاعة و الفسق و الفجور و تولدت عنها الغيرة و الانحلال الخلقى . ( 2 )
و انتشرت ذرية هام فى بقاع الارض و استوطن عدد كبير منهم بزعامة ابنه "زوروستر" بلاد الفرس و قد اجمع معظم المؤرخين و الكتاب على ان زوروستر هو اول من اسس علم السحر ووضع له قواعده و زاوله و مارسه و ترك فيه اثارة التى مازالت التى مازالت مرشدا و مرجعا لجميع السحره .
و علم زوروستر السحر لانجاله و انتقل منهم الى غيرهم و قطع القفار و عبر البحار و انتشر فى جميع انحاء الارض حتى انه عند اكتشاف امريكا وجدوا سحرتهم يقومون بطقوسهم و صلواتهم السحرية كما نصت عليها المراسيم التى خلفها الاشوريون و الفرس كما انهم وجدوا عادات السحرة و اعمالهم بالمكسيك هى بذاتها التى يقوم بها سحرة مقاطعة النافارا بفرنسا و التى مازالوا يمارسونها الى الان كما يوجد فى الوقت الحالى ما يربو على المائتى الف شخص من طائفة ( الباريسين ) بالهند يدينون بمذهب زوروستر و يعملون حسب تعاليمة السحريه . ( 3 )
و يمكن القول اذن ان تاريخ السحر و السحرة يبدأ منذ خمسة الاف عام قبل ظهور المسيح عليه السلام عندما وضع اسسه و مارسه الساحر الكبير زوروستر فى بلاد الفرس و قد حفظت تعاليمه فى "الافستا" و هو الكتاب المقدس للفارسيين القدماء كما عهد الكهنة الفارسيون او المجوس الرعيل الاول من السحرة و المنجمين و ترتبط كلمة مجوس اللاتينية الاصل بتاريخ طويل يرتد فى اصلة الى قبيلة فارسية قديمة تخصصت فى العديد من المناشط التعبدية . ( 4)
و جاء بعد الفرس الكنعانيون و المصريون و الهنود و غيره ذلك و كان لكل منهم طريقته و اعتقاداته الخاصة فى عمله و لكن اساس العمل واحد فى جميع البلاد و يرجع الى ما وضعه زوروستر فى هذا السبيل .
و لقد انجبت ذرية هام اربع عائلات تولى زعامة كل واحدة منهم احد انجالهم النابغيين فى علوم السحر فتولى مصر بوجهيها البحرى و القبلى " مصرايم " و تزعم "كوش " اثيوبيا و " توت " القبائل الرحالة بين افريقيا و اسيا و راس " كنعان " الفينقين . ( 5 )
المراجـــــــــع
( 1 ) انظر د. ساميه الساعاتى ، المصدر السابق ، ص22
( 2) محمد جعفر ، كتاب السحر ، القاهرة ، مكتبة الانجلو مصرية 1958 ، الطبعة الاولى ، ص5،4
(3) انظر محمد جعفر ، كتاب السحر ص 7
(4)انظر سامية الساعاتى ، السحر و السحرة ، ص 23
(5)محمد جعفر ، المصدر السابق ، ص11 ، 14
اعداد الباحثة / وسام سعدالمعهد العالى للفنون الشعبيةاكاديمية الفنون
ساحة النقاش