إن انتشار الفنون وتزايد أعداد الجماهير المتذوقة لها يساعدان على تطوير التأثير المتبادل بينهما، وذلك أحد العناصر التى تعمم القيم الاجتماعية المختلفة تبلور الهوية الثقافية للمجتمع عبر التاريخ.

وتذوق الفنون قدرة مكتسبة، يستعين بها الإنسان على تنمية إمكانية نصور "العام" من خلال تأمل "الخاص". وإذا كان الاستدلال المنطقى بوصفه أحد وظائف العقل – يتطلب كثيرا من حالات "الخاص" المتشابهة، لكى يستنتج تصورا "للعام"، فإن التذوق الفنى يتيح إمكانية استيعاب الواقع استيعاباً فنياً، أى الاكتفاء "بخاص" واحد نموذجى، يتمثل فى الصورة الفنية؛ وتلك وظيفة معرفية.

ويشترط لإتمام هذه الوظيفة المعرفية، انفعال المتلقى بالعمل الفنى. ويحدث الانفعال بقدر الانتقال الوجدانى من عالم الواقع إلى عالم الفن؛ من الحقيقة الحياتية إلى الحقيقة الفنية؛ من اصطلاحات عامة محددة المفاهيم إلى اصطلاحات ذات مفاهيم خاصة، تختلف خصوصيتها من فن إلى آخر. والانفعال بالعمل الفنى يولد المتعة الفنية؛ وتلك وظيفة جمالية.

فما اصطلاحات فن الباليه؟ وما مفاهيمها الخاصة؟

إن فن الباليه جنس من أجناس فن المسرح الموسيقى، وهو فن مركب مرئى مسموع، أو مكانى زمانى يشترك مع بعض الفنون الأخرى فى احتوائه على عناصر التشكيل والموسيقى والدراما. بيد أن أهم ما يميزه، هو خاصية الحركة الراقصة المعبرة الصامتة.

ومن ناحية بنائه الداخلى، فهناك العروض ذات الموضوع؛ والعروض غير ذات الموضوع؛ وهناك العروض متعددة الفصول والعروض ذات الفصل الواحد. وهناك أيضا المشاهد القصيرة، والرقصات المنفردة والمزدوجة ومتعددة المؤدين.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن نوعية الرقص المستخدم تحدد نوعية الباليه نفسه. وأخيرا هناك تنوع آخر يحسب الاتجاه الفنى والأسلوب الابداعى.

فكيف يتسنى للمتلقى الانتقال الوجدانى عبر هذه التفصيلات المتعددة لكى ينفعل بالعمل الفنى، ومن ثم يستمتع به جماليا؟ ونحن بهذا نقصد المتلقى المصرى؛ إذ إن الباليه حديث العهد فى مصر، حيث لم ترسخ تقاليده بعد. فما الإمكانات المتاحة اجتماعياً لتوعية المتلقى بهذا االفن الجديد؟

إن الأسرة نواة المجتمع، وعليها العبء الأكبر فى توجيه الطفل وتوفير وسائل التوعية وأدواتها. وبعد الأسرة يأتى دور المدرسة بوصفها مؤسسة تربوية تعليمية. والأسرة متفاوتة الإمكانات الاقتصادية والثقافية، والمدرسة لا تستوعب كل الأطفال الذين فى سن الدراسة، بل إنه ليست كل المدارس مكتملة الكوادر والإمكانات. وكذلك الأمر فى المراحل التعليمية التالية. ويؤثر ذلك كله – بطبيعة الحال – على مدى قيام هذه الوحدات الاجتماعية بدورها على الوجه المطلوب. وهنا ياتى دور وسائل الاتصال الجماهيرى فى القيان بمهمة التوعية هذه. فما الدور الذى تقوم به كل وسيلة من هذه الوسائل؟

إن وسائل الاتصال الجماهيرى اربع: الكلمة المطبوعة والإذاعة والتليفزيون والسينما. وسنحاول الإجابة عن السؤال المطروح باستعراض كل وسيلة على حدة، محددين الدور الفعلى الذى تقوم به فى مجال التوعية بفن الباليه. فالوعى هو أساس إدراك القيمة فى العمل الفنى؛ أى أنه أساس تذوق الفن.

1.    الكلمة المطبوعة:

  الجرائد والمجلات: يتصف أغلب ما ينشر عن الباليه فى الجرائد والمجلات الأسبوعية فى مصر بالطابع الإخبارى المضاف إليه الانطباع الصحفى. ويفيد ذلك فى الإعلام عن الأحداث المهمة، مثل افتتاح موسم لفرقة باليه أجنبية أو محلية. كما يجذب انتباه الجمهور إلى أحداث تفصيلية أخرى. وهناك بعض المقالات التى تتناول المشكلات والصعوبات، وتلقى عليها الأضواء. وقليل من المقالات تناولت بعض العروض بالنقد الفنى. إلا ان مثل هذا النقد يفتقد عناصر أساسية نظراً لعدم وجود الاتجاه الحقيقى إلى التخصص الدقيق.

  الكتب: مازالت الكتب هى أهم المطبوعات بالنسبة للمجال الثقافى؛ وذلك يرجع إلى إمكانية تغطيتها لموضوع متكامل بشكل أكثر إسهاباً وتفصيلاً. وكذلك لإمكانية حفظها إلى حين الرجوع إليها عند الحاجة. وإن كانت الكتب – من ناحية أخرى – تحظى بالنسبة الأقل، من حيث الإقبال عليها، إلا أنها – فى الوقت نفسه- تحظى بإقبال أكثر الفئات اهتماما بالثقافة؛ وهذا ما يدعونا إلى تناول جميع الكتب التى نشرت باللغة العربية فى مصر عن فن الباليه، ونشير إلى ما يميز كلا منها. وجدير بالذكر أنها جميعا قد نشرت فى المدة من عام 1961 حنى عام 1974. وعلى سبيل الحصر، فقد نش آحد عشر كتابا ومعجم واحد. وسنتعرض لكل منها على حسب ترتيب تاريخ النشر.

  ولأول عمل رائد فى هذا المجال هو كتاب الدكتور محمود احمد الحفنى،. "فن الباليه". وقد أصدرته وزارة الثقافة فى عام 1961، ليواكب اهتمامها بالفنون بصفة عامة، بما فى ذلك فن الباليه.

  وبرغم صغر الكتاب حجماً إلا أنه استطاع إعطاء فكرة شاملة مختصرة عن الباليه، وأن بين أصالة فن الرقص فى وادى النيل. كما تعرض بالشرح للمدارس الثلاث الرئيسية فى هذا الفن: الفرنسية، والإيطالية، والروسية. وتبع ذلك بتوضيح دور كل عنصر من عناصر عرض الباليه، مع شرح موجز لكيفية إعداده والمشاركة الجماعية فيه، من خلال تحديد الرقصات، ومهام ما أسماه بمدير الإنتاج، ومهام كل من المؤلف الموسيقى ومصمم الرقصات (بحسب تعبيره) والراقص وغيرهم. وإكمالا للفائدة سرد باختصار قصص سبعة من عروض الباليه المشهورة. كما اتسخ هذا الكتاب الصغير – أيضا لإعطاء فكرة وجيزة حول القواعد الأساسية فى تدريس فن الباليه، كما حوى عددا من الصور الفوتوغرافية والرسوم التوضيحية.

  وأبسط ما يقال عن هذا الكتاب أنه أصاب التوفيق إلى أبعد حد، واتسم بالرصانة والإيجاز غير المخل بالمعنى المقصود، وتحرى الدقة – فدر

المستطاع – فى استخدام الاصطلاحات الخاصة بهذا الفن. وبالإضافة إلى ذلك ظل لمدة خمس سنوات هو المرجع الوحيد بالعربية عن فن الباليه للدارسين والهواة والمثقفين بشكل عام وما زال هو الكتاب الوحيد الذى ألفه عربى عن الباليه. كما أن مؤلفه كان مديرا لمدرسة باليه القاهرة فى مرحلة بدايتها الأولى.

  وبعد مرور خمسة أعوام من نشر هذا الكتاب الأول، تم نشر خمسة كتب فى عام واحد هو عام 1966. وهى جمعيا كتب معربة؛ أربعة منها عن الإنجليزية؛ وواحد عن الفرنسية. وقد جاءت هذه الكتب لتقوم باستكمال ما بدأه الكتاب الأول، فكان كل كتاب منها بسطا وتوسعا فى فصل معين من كتاب "فن الباليه"، فكتاب عن تدريس الباليه، وثان عن تصميم الباليه، وآخر عن قصص الباليه؛ والرابع يخاطب الطفل الذى يريد دراسة الباليه؛ والخامس يشمل مجموعة من الآراء الجمالية عن هذا الفن.

  ونبدأ بكتاب "كيف تتعلمين الباليه"، وهو من تأليف راقصة الباليه الأمريكية، ومدرسته فى الوقت نفسه: "تاليا ماريا"، وهى التى، أنشأت أكاديمية الباليه فى نيويورك عام 1963، ولها عدد آخر من الكتب عن الباليه.

  وقد صدر هذا الكتاب بالإنجليزية فى نيويورك عام 1959. وقد قامت الأستاذة عنايت عزمى عميدة معهد الباليه السابقة بتعريبه.

  أما موضوعه فهو تدريس الباليه، وأما تخصصه فهو تدريس الباليه للفتيات، وتخصصه الدقيق هو تدريس الحركات التى تؤدى على أطراف الأصابع.

والكتاب وإن كان ليس من أفضل الكتب فى هذا المجال، إلا أنه يتميز بالبساطة والوضوح والسهولة، وهدفه مخاطبة العامة، وليس المتخصصين. وقد جاءت ترجمته جيدة وبلغة سهلة حافظت على المعانى الأساسية للمصطلحات المتعددة التى هى صعبة التعريف فى كثير من الأحيان.

  ولنا تحفظ عام على المعانى التى ترجمت إليها أغلب المصطلحات الخاصة بحركات الباليه، ويرجع ذلك إلى أن هذه المصطلحات تبعد كثيرا عن معانيها اللفظية، ويكاد تعريفها يقترب من وصف أداء الحركة المعنية، ونحن نفضل اتباع ما انتهج فى اللغات الأخرى من حيث الحفاظ على أصل المصطلح بالفرنسية مع شرحه فى الهوامش.

  أما كتاب "فن تصميم الباليه"، فهو من تأليف راقص الباليه الروسى؛ ومصممه الفرنسى، مؤلف الكثير من الكتب القيمة عن الباليه، وصاحب واحد من ألمع الأسماء فى عالم الباليه فى العصر الحديث: سيرجى ليفار. وقد قام بتعريب الكتاب الأستاذ أحمد رضا الذى قام بجهد عظيم كان وراءه حب حقيقى لفن الباليه. وقد انعكست ثقافته واهتماماته فى المقدمات التى كتبها بنفسه تعريفا بالكتاب والمؤلف. وبالإضافة إلى اتقانه للترجمة من اللغتين الفرنسية والإنجليزية فإن لغته العربية جميلة وراقية. ومن أعماله الأخرى مراجعة معجم الباليه الوحيد المنشور باللغة العربية.

  وقد صدر الكتاب بالفرنسية فى باريس عام 1952. وموضوعه الأساسى هو تصميم الباليه، مع الاهتمام بعناصر عرض الباليه المختلفة. بيد ان المؤلف قد ضمن موضوعات أخرى مثل ما سماه بدستور الكوريوجرافيا. كما ضمنه أيضا سيرا لعشرة من مشاهير فن الباليه وقصص ثلاثة عروض مختلفة.

  وقد اضاف المترجم ملحقا من وضعه فسر فيه – من وجهة نظره – بعض المصطلحات الخاصة بحركات الباليه.

  وبعد كتاب "روائع الباليه وأعلامه" من أهم المراجع العالمية عن تفصيلات قصص الباليه الأساسية لمدة قرن من الزمان يسبق تاريخ نشره، وهو من تأليف بائع الكتب والكاتب الناشر ناقد الباليه الإنجليزى الشهير سيريل يومون. وهو المؤلف لعدد كبير من أشهر الكتب عن تاريخ الباليه وقد قام بتعريب الكتاب الأستاذ أحمد رضا، وقد نشره فى جزأين.

  وقد صدر الكتاب بالإنجليزية فى لندن عام 1937 فى 1104 صفحة. وكان صدوره حدثا علميا ضخما؛ إذ انه يعد كتاباً "موسوعة" فى مجاله، وهو يضم حصراً لأهم الباليهات التى قدمت على مدى مائة عام، وسرداً لقصصها تفصيلاً، بل شرحاً تفصيلياً للمشاهد فى أول عرض لكل باليه، مع تحديد مكان العرض الأول وتاريخه وأسماء المشاركين فيه. وبعد الإقدام على ترجمة مثل هذا الكتاب جسارة وجرأة علمية تحسب للأستاذ أحمد رضا. وقد جاء الكتاب بالعربية بجزأيه فى 751 صفحة فقط؛ إذ أكتفى الأستاذ أحمد رضا بأهم أسماء المصممين – من وجهة نظره – وقام باختصار بعض تفصيلات السرد الموجودة بالأصل الإنجليزى. وذلك كله لم يقلل من قدر هذا العمل الفذ.

  ويلى هذا العمل كتاب "كتابك الأول عن الباليه"، وقد أصدرته دار المعارف بمصر ضمن سلسة "كتابك الأول عن" تحت رقم 11. ومؤلفة هذا الكتاب هى الأمريكية "نويل سترتفيلد".

  ويبدو أن هذا هو العمل الوحيد الذى كتبته عن الباليه، إذ أن اسمها غير مذكور فى أى قاموس منهم أو موسوعة ذات شأن عن الرقص أو الباليه. وقد قامت بتعريب هذا الكتاب الأستاذة نفيسه الغمراوى، عميدة المعهد العالى للتربية الرياضية السابقة. وهى أستاذة معروف عنها اهتمامها بالرقص والباليه منذ مدة طويلة. وقد أدخلتهما مادتين للتدريس فى معهد التربية الرياضية. واحتضنت داخل المعهد بالجزيرة مشروع مدرسة باليه القاهرة وقت ولادته. ومن أعمالها الأخرى تقديم لثلاثة كتب عن الباليه والرقص من تأليف خريجات من معهدها أو من ترجمتهن.

  وقد صدر الكتاب بالإنجليزية فى نيويورك عام 1953، وهو موجه لكل طفل أو طفلة يريد أن يتعلم فن الباليه. هو مصوغ فى أسلوب أدبى، يجذب الطفل، ويقدم له من خلال متعة القراءة بعض المعلومات الأولية عن هذا الفن وكيفية دراسته فى مرحلته الأولى.

ولا شك أن الاهتمام بالطفل له تأثير خطير على إمكانية تنمية المجتمع؛ وتقديرنا للكتاب وتعريبه يتبع من هذا المنطلق.

  وأما آخر الكتب التى سنتناولها مما تم نشره فى عام 1966 فهو كتاب "الباليه – دليل علم الجمال الحركى".

وهو من تأليف الكاتبة الإنجليزية كاى أمبروز.

وقد تقلدت كاى منصب المشرف الفنى على الباليه القومى الكندى لعدة سنوات، ولها عدة مؤلفات عن فن الباليه. وقد قام بتعريب الكتاب الأستاذ إسماعيل رسلان. وهو الكتاب الوحيد الذى قام بترجمته عن الباليه.

وقد صدر الكتاب بالإنجليزية فى لندن عام 1948 وهو يتطرق إلى عدد من القضايا والمقولات الجمالية مع التطبيق التفصيلى على فن الباليه.

  وبعد نشر هذا الكتاب بالعربية تتويجا لما تم نشره عن هذا الفن حتى ذلك الوقت، إذ به يكون قد تم تناول أهم الجوانب المتعلقة بفن الباليه، إذ به يكون قد تم تناول أهم الجوانب المتعلقة بفن الباليه. وكما أسلفنا، فإن عام 1966 وحده كان مرحلة متكاملة من مراحل توعية الجماهير بفن الباليه عن طريق الكتاب.

أما المرحلة الثانية فإنها تشمل – زمنيا- مدة نهاية الستينات. وقد ظهر فيها ثلاثة كتب أساسية فى التخصصات التى تناولتها وهى تدريس الباليه، وتاريخه، والمعلومات الموسوعية عنه. وإن كان كتابان من الكتب الثلاثة قد ظهرا بدون تاريخ إصدار، إلا أننا نرجع ظهورهما فى هذه المدة.

فقد نشر فى عام 1968 كتاب "فن الرقص الأكاديمى" من تاليف سيرجى ليفار وتعريب الأستاذ أحمد رضا. وقد صدر هذا الكتاب بالفرنسية فى باريس عام 1949/ وموضوعه هو تدريس الباليه. وهو كتاب متخصص ألفه متخصص قدير، وموجه – أساسا- للمتخصصين فى فن الباليه. ولكن هذا لا يعنى أنه قاصر عن إفادة القارىء العادى. وهو يعد أول مرجع أكاديمى يبحث فى هذا المجال، من شأنه المساعدة على الارتفاع بمستوى القائمين بهذه المهنة.

أما الكتابان اللذان نرجح صدورهما فى نهاية الستينيات؛ فأحدهما هو "تاريخ فن الباليه"، من تأليف الناقد الفرنسى ومؤرخ الباليه بيير ميشو. ولهذا الكاتب مكانته فى هذا المجال. وقام بتعريبه الأستاذ مجدى فريد.

  أما الكتابان الآخران اللذان نرجح صدورهما فى نهاية الستينات؛ فأحدهما هو "تاريخ فن الباليه"، من تأليف الناقد الفرنسى ومؤرخ الباليه بيير ميشو. ولهذا الكاتب مكانته فى هذا المجال. وقام بتعريبه الأستاذ مجدى فريد.

  وقد صدر هذا الكتاب بالفرنسية فى باريس عام 1945، وموضوعه – كما هو واضح من عنوانه – تاريخ الباليه. وهو كتاب صغير نسبيا، مقارنا بأشباهه من كتب تاريح الباليه. وبالرغم من أنه شمل تاريخ الباليه منذ نشأته- تقريبا- إلى منتصف القرن العشرين، إلا أنه المستوى الرفيع الذى يتمتع به الكاتب فى هذا التخصص، جعل كتابه شاملا أهم الأحداث التاريخية وأهم الأسماء فى هذا الفن. ولا شك أنه يعد الأول من نوعه على هذا المستوى فى لغتنا العربية.

  أما الكتاب الآخر فهو "معجم الباليه"، وهو من تأليف المهندس الإنجليزى وناقد الرقص والباليه فى أكثر من مجلة متخصصة فى أوربا، جورج ويلسون. وقد عرب هذا الكتاب محمود خليل النحاس. وهو ثانى اثنين من أكثر المهتمين بالترجمة للباليه. وقد راجع من قبل الكتب المهمة الثلاثة التى عربها أحمد رضا، فى حين راجع أحمد رضا هذا المعجم.

  وقد صدر المعجم بالإنجليزية فى لندن عام 1957، وهو ككل معاجم الباليه يرتب على المصطلحات وأسماء الباليهات وأسماء كل من الراقصين والمصممين والموسيقيين ومهندسى الديكور الذين عملوا فى مجال الباليه ترتيبا أبجديا، ويعطى الحد الأدنى من المعلومات الدقيقة عن كل هؤلاء.

وبإصدار هذا المعجم بالعربية تكون المكتبة العربية قد استطلعت استكمال جانب مهم من المراجع التى لا غنى عنها للمتخصصين والمثقفين على حد سواء.

المجلات المتخصصة:

كان طبيعيا أن يتخرج من مدرسة الباليه ثم من المعهد العالى للباليه هؤلاء الذين سيواصلون المسيرة التى كان قد بدأها الدكتور محمود الحفنى. وبالرغم من أن المعهد قد بدأ فى تخريج دفعاته عام 66، إلا أن نتاج خريجيه فى هذا المجال قد ظهر لأول مرة فى عام 1980.

وكان أول من بدأ وصل ما انقطع من المسيرة هو الدكتور عادل عمر عفيفى. وقد نشرت له خمس مقالات عن الباليه فى المدة من يونيو 80 حتى سبتمبر 1981.

وأولى المقالات الخمس للدكتور عادل عفيفى هى "باليه جيانيه"، وقد كانت بمناسبة عرض باليه القاهرة لباليه "جيانيه" لخاتشارتوريان. ولم تقتصر المقالة على تناول العرض من الناحية الإخبارية فحسب، وإنما تم تناوله كذلك من زاوية النقد الفنى المتخصص. بل إن المقالة تعدت أطر المقالة النقدية لتشمل العمل الفنى المعروض عبر التاريخ؛ وهذا هو الأمر الجديد تماما فى الكتابات العربية بالنسبة لفن الباليه.

فحتى بالنسبة للأعمال النقدية السابقة، كان بعض الكتاب قادرين على التحليل الدرامى الدقيق، وتقديم كل من الديكور والملابس والإضاءة، أما فيما يتعلق بالأداء، فإن كل ما كتب قبل هذه المقالة باللغة العربية لم يكن يمس جوهر أداء فن الباليه، وإنما كان يحوم حوله من بعيد مستعملا عبارات عامة لا تفيد شيئا.

والمقالة الثانية هى "الباليه وعلاقته بالفنون الأخرى" . وهذه المقالة ترتفع درجةأخرى بالكتابات العربية فى الباليه. فهى ليست مقالة نقدية عرضا من العروض، ولكنها تدخل فى مجال نظرية الفن، إذ إنها تتناول عناصر الباليه كلا على حدة، وتناقش العلاقة بينه وبين العناصر الأخرى، مبينة الأساسى والثانوى فيه، ومشيرة إلى نوعية العلاقة من تنافر أو تناسق. وبهذا كانت المقالة فتحا لمجال جديد للقارىء بالعربية.

والمقالتان التاليتان للمؤلف نفسه هما "الشخصية الكوميدية وتجسيدها فى الباليه الكلاسيكى" "وشخصية البطل التراجيدى وتجسيدها فى الباليه الكلاسيكى" ، ويتبع الكاتب فيهما هذين النمطين عبر التاريخ على مسرح الباليه، من خلال تتبع مفهوم معين عبر عموم التجربة التاريخية فى غير مجال الباليه.

أما المقالة المنشورة بعنوان "باليه جيزيل"، فهى تتناول هذا الباليه ليس بوصفه عملا محددا، وإنما من حيث تمثيله لا تجاه فنى أو بوصفه مؤشرا مهما لاتجاه فنى محدد، هو الرومانتيكية؛ وبذلك ترتفع المقالة درجة أخرى بالكتابات العربية. وهو تتناول القضايا الجمالية وتطبيقاتها فى فن الباليه.

هذا النوع من الدراسة ليس بجديد عالمياً، وقد ظهر فى اللغة العربية فى كتاب معرب سبق نشره، إلا أن الجديد هنا هو تناول كاتب عربى لمثل هذه النوعية من القضايا.

وآخر ما نشر فى المجلات المتخصصة دراسة لصاحب هذا البحث بعنوان "الباليه فى مصر: خمسة وعشرون عاماً". وهى محاولة لتناول ظاهرة وجود فن الباليه وتطوره فى المجتمع المصرى. وهذا المجال أيضا لم يتم تناوله فيما سبق من كتابات بالعربية.

إن الكلمة العربية المطبوعة والمنشورة قادرة على التأثير، منبعثة من الوطن المصرى لتصل إلى كل قارئى العربية فى الوطن كله. وإذا كانت بعض الدول العربية قد بدأت بالفعل فى الاهتمام بفن الباليه، فإن إعادة  نشر ما تم طبعه فى مصر لمثل هذه الدول سيختصر الطريق، ويتيح إمكانية أسرع التطور.

بقيت كلمة أخيرة حول الكلمة المطبوعة – بما هى وسيلة من وسائل الاتصال الجماهيرى – التى لها علاقة بفن الباليه. فموجز قصة البااليه المطبوعة فى كتب المسرح يطلق عليه اسم "ليبرتو الباليه"، ولهذا الليبرتو أهمية خاصة فى عروض الباليه ذات الموضوع التى تتضمن أشياء يجب شرحها للجمهور؛ إذ إن كثيرا من موضوعات الباليه تتضمن أساطير لشعوب أجنبية، ولكل شخصية أسطورية من هذه الأساطير هوية خاصة بها. فإذا لم تفهم هذه الهوية لم يتيسر تفسير مواقفها، وأصبح الحدث الدرامى مبهما، فيعجز الجمهور عن المتابعة، ويفقد الانتباه وتنعدم إمكانية خلق الحالة النفسية المسرحية.

الإذاعة:

تعد الإذاعة من أقدم وسائل الاتصال الجماهيرى الحديثة بعد الصفحة المطبوعة. وقد احتفلت الإذاعة المصرية بعيد إنشائها الخمسين منذ مدة وجيزة. فهل للإذاعة دور فى الاتصال الجماهيرى. بخصوص فن الباليه ؟ لقد كان للإذاعة دور كبير فى تعريف الجماهير بفن الموسيقى بما فيها الموسيقى السيمفونية، وتعد الموسيقى السيمفونية عنصراً أساسياً من عناصر عرض الباليه. وما من شك أن الجهود المبذولة من المحطات المختلفة فى هذا الاتجاه، قد أفاد كثيراً فى إعداد الجماهير لتذوق هذا النوع من الموسيقى، وكان له تأثيره الايجابي على إمكانية تذوق الجماهير لفن الباليه. كما أن بعض البرامج التى خصصت للموسيقى السيمفونية تذيع بعضا من مؤلفات موسيقى الباليه. وإذا كان هذا كله يعد مكسباً كبيراً فى اتجاه نوعية جماهير فن الباليه، إلا أنه ينقصه الاستمرارية والتخطيط.

التليفزيون:

يقدم التليفزيون برنامجاً أسبوعياً تعده الدكتوره سمحة الخولى، وتقدمه باسم "صوت الموسيقى"، وهو أيضا يتناول مؤلفات من موسيقى الباليه. ومع انتشار أجهزة التليفزيون فى مصر يتزايد دور هذا البرنامج فى التأثير الجماهيرى، خصوصا أن الإحصائيات تقول إن التلفزيون وسيلة من وسائل الاتصال يتعاظم دورها يوما بعد يوم.

وهناك برنامج على جانب كبير من الأهمية بالنسبة لقضية توعية الجماهير بفن الباليه وتنمية تذوقهم له، وأقصد به برنامج "فن الباليه"، وقد أضيف إليه من بداية عام 1984 سهرة شهرية تمتد ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات، مع فيلم لعرض باليه كامل.

والبرنامج يقدم منذ مدة طويلة. وقد اشترك فى إعداده وتقديمه (على التوالى) كل من الأستاذة عنايت عزمى، والسيدة منى جبر، والدكتور عبد المنعم كامل. وتستمر فى تقديمه الآن منى جبر.

وإمكانية هذا البرنامج ذات طابع خاص فى المجتمع المصرى. فما زالت الآمية منتشرة بنسبة كبيرة، وهذا ما يجعل تأثير الكلمة المطبوعة محدودا جدا، كما أن التليفزيون يطفى مع مرور الوقت على الإذاعة المسموعة فى داخل البيت المصرى. هذا وإمكانية مشاهدة عروض الباليه محدودة للغاية لسببين، إذ تقتصر العروض على القاهرة والإسكندرية فى بعض الأحيان، ونادرا ما تقدم فى مدن أخرى، ومن جهة ثانية نجد أنه بعد حريق دار الأوبرا فى عام 1971 قد انخفض عدد الفرق الاجنبية التى تزور مصر لعرض الباليه فيها، كما أن فرقة باليه القاهرة،وهى الفرقة الوحيدة الموجودة فى مصر، تقدم عددا محدودا من العروض سنويا.

وهكذا يكاد هذا البرنامج يكون المنفذ الوحيد للأغلبية العظمى لتعرف فن الباليه وتنمية تذوقها له. ويتضح من هذا كله حجم المسئولية الملقاة على عاتق هذا البرنامج.

والواقع انه من الممكن تطوير هذا البرنامج بحيث يتعدى دوره المحدد فى مجرد عرض بعض الأفلام والتعليق عليها، إلى تخصيص نسبة من وقته لنشر الوعى التعليمى والتاريخى والجمالى لهذا الفن. وهذه الإمكانية تلقى على عاتق أسرة البرنامج مسئولية كبيرة، خصوصاً ؟أن الجهد المبذول حتى الآن قد استطاع أن يجمع حول البرنامج عددا متزايدا من محبى فن الباليه، بل إن كثيرا من الأسر المصرية قد بدأت بالفعل فى إعداد مكتبات من شرائط الفيديو المسجلة من البرنامج الأسبوعى ومن السهرة الشهرية.

السينما:

ما تزال السينما تحتفظ بمكانتها الخاصة فى مجال عرض أفلام الباليه. فإذا كان التليفزيون يحتل الآن مكانا أهم من الكلمة المطبوعة ومن المسرح، فإن هناك سلبية واحدة فى التليفزيون تعوضها السينما؛ ونقصد بها حجم الشاشة؛ ومن ثم حجم المشتركين فى العرض. فعروض الباليه تعتمد على استخدام إمكانات الجسم الإنسانى كله، كما أنها تعتمد على التشكيلات الجماعية من هذه الأجسام، وصغر حجم شاشة التليفزيون يقلل من إمكانية التمتع بهذه الجمالية.

وبالإضافة إلى ذلك فإن إمكانية استعمال الضوء دراميا محدودة فى التليفزيون، ومن ثم فإن السينما بمقارنتها بالتليفزيون، مع الأخذ فى الحسبان العوامل السابقة، تحتل مكانا مهما فى المجتمع المصرى فى مجال تقديم المتعة الجمالية بفن الباليه. ولذلك فإن دورها يتعاظم بوصفها وسيلة اتصال مهمة فى التأثير على تذوق الجمهور المصرى لهذا الفن.

 

* ملحوظه : قدمن هذه الدراسة ضمن بحوث المؤتمر الدولى للفنون. الذى عقد فى إطار احتفالات أكاديمية الفنون بيوبيلها الفضى فى ديسمبر 1984.

المصدر: مجلة الفن المعاصر تصدر عن أكاديمية الفنون العدد 4،3 لسنة 1987.      

 

  

   

 

 

  • Currently 269/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
89 تصويتات / 5978 مشاهدة
نشرت فى 11 سبتمبر 2009 بواسطة egyptartsacademy

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,721,916