الموسيقى التصويرية في الأفلام لها هدف أساسي ومحدد وهو أن توصل للمشاهد الإحساس بالصوت كما هو موضح له من الصورة ، وبالتالي تجذب المشاهد الى داخل العمل الدرامي المقدم ، فلا يمكن أن يكون الموقف الذي تراه دراميا حزينا والموسيقى التي تسمعها خفيفة الطابع سريعة الإيقاع ، هنا سيفقد المشاهد المصداقية .. والعكس.
يأتي هذا متماشياً مع آراء مع مجموعة من أعلام الموسيقى في مصر ، الذين أكدوا في تصريحاتهم لـFilBalad.com أن بعض الأعمال الفنية تحيد عن الهدف الأساسي لوجود الموسيقى التصويرية في الأعمال السينمائية والتليفزيونية ، وأن هناك تهميشا واضحا لدور الموسيقى التصويرية في صناعة السينما بشكل عام.
وعلى الرغم من أن أن التنافس في مجال الموسيقى التصويرية سينتج عنه ثراء في الناحية الفنية للعمل ككل ، وستتحسن صورة الأفلام المصرية من كل الجوانب كما يؤكد الموسيقار الكبير عمر خيرت ، فإن هناك العديد من الاعمال يتم تقديمها دون أن تحظى الموسيقى بنفس الاهتمام الذي تحظى به الجوانب الفنية الأخرى في العمل كالديكور والتصوير والإخراج وغيرها.
أما نقيب الموسيقيين الموسيقار حسن أبو السعود فيبدى استنكاره لهذا التجاهل الواضح للدور الهام الذي تلعبه الموسيقى التصويرية في صناعة السينما ، وقال : "في كثير من الأحيان تكون الموسيقى على مستوى أفضل وأعلى في القيمة من الأعمال الفنية التي أعدت لها فلماذا يستمر هذا التجاهل"؟
وكان الفنان المبدع خالد حماد أكثر تفائلاً حيث أكد أن المجال الفني أصبح مفتوحاً لصنع موسيقى تصويرية جديدة مختلفة ، وتمكن الملحنين مؤخراً من كسر الاحتكار الذي ساد في الفترة الماضية على فرد أو إثنين لتقديم موسيقى تصويرية جيدة.
وقال : "المشكلة الحقيقة أمام تقديم موسيقى تصويرية مناسبة لأى عمل فني تكمن في جهة الإنتاج والتى غالباً ما تتجاهل هذا الدور الهام وبالتالي لا يوفر لها الوقت أو العائد المادي المناسب"!
كما ألقى حماد بجزء كبير من مشكلة تهميش دور الموسيقى التصويرية في صناعة السينما على الإعلام وقال : "الدليل على ذلك فيلم أحلى الأوقات الذي ألفت موسيقاه التصويرية وكنت أتوقع أن أحصل على جائزة عنه ، ولكن لم يحدث للأسف لأن الإعلام صور للجميع أن أغنية الدنيا ريشة في هوا والتي أعاد تقديمها المطرب محمد منير على أنها الموسيقى التصويرية للفيلم" ، والغريب أنه في نفس العام نال جائزة الدولة التشجيعية عن إسهاماته الناجحة والمؤثرة كملحن!
والعجيب - كما أكد حماد - أنه على الرغم من إستعانة اتحاد الإذاعة والتليفزيون الدائمة به إلا أنه حتى الآن لم يتم اعتماده كملحن في الإذاعة والتليفزيون ، وذلك لأنه رفض أن تكون القائمة على اختباره أحد المذيعات وليس موسيقيا متخصصا!
أما عن حقوق الملكية الفكرية للملحن فهي تكاد تكون معدومة في مصر وأكد خيرت أنه أكثر المتضررين ، وقال : "دائماً ما أتابع كيف تستخدم القنوات المحلية المصرية العديد من أعمالى في مجالات أخرى دون مراعاة لحقى الفكري والأدبي والمادي في هذا ، وكأنه أصبح حق مكتسب وجمعية المؤلفين والملحنين لا تظهر ألا وقت الاتفاقات المادية لتحصل على نصيبها من مجهود الملحن لكن وقت سرقة أعماله تغمض أعينها عن الواقع"!
كما تضامن معه في هذا الموقف نقيب الموسيقيين الذي أبدى استياءه من سرقة أعمال خيرت وغيره من الملحنين وإستخدامها المتكرر على شاشات التليفزيون وفي البرامج الإذاعية دون مراعان لحقوقهم ، وأكد أن النقابة تحاول أن تقوم بدورها في هذا المجال لكن المشكلة أكبر من الجميع!
كما اشترك الجميع في تساؤل واحد : "كيف يمكن أن نتوقع أن تستعيد الموسيقى التصويرية مكانتها المفقودة بينما يتجاهلها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ولم يخصص جائزة لأفضل موسيقى تصويرية ضمن جوائز المهرجان"؟
حيث أعلن خيرت عن استيائه الشديد من هذا الوضع وأكد أنه إهانة للموسيقيين المشاركين في هذه الأعمال وقال : "يتم تقييم وتكريم كل عناصر العمل من سيناريو وديكو وملابس وإخراج وغيرها وهناك تجاهل عجيب للموسيقيين"!
أما حماد فيؤكد أن مهرجان القاهرة السنيمائي ليس الوحيد الذي لا يقدم جوائز للموسيقى التصويرية ، حيث توجد العديد من المهرجانات التي لا تهتم بهذا الموضوع وقال : "قد لا نكون الوحيدين في هذا إلا أن تجاهل الموسيقى التى تعتبر نصف العمل يضعف من القيمة الفنية له وبالتالي لن نتقدم أى خطوة صحيحة للأمام".
أما النقيب أبو السعود فأكد أنه يتعين على إدارة المهرجان التفريق بصورة مبدئية بين الإعداد الموسيقي والتأليف وقال : "التأليف والإعداد مفهومان مختلفان تماماً ، فالتأليف هو ابتكار موسيقى تتماشي مع الأحداث وتقديمها ، أما الإعداد فيتم من خلال اختيار المعد لبعض المقطوعات الموسيقية التى سبق تقديمها وتركيبها على الأحداث ، مما يؤثر بالسلب على التأثير المطلوب".
وأضاف : "يتعين على إدارة المهرجان رفض الاعمال المقدمة بإعداد موسيقي لأنه بذلك يسمح للمعد بالاستيلاء على اعمالنا".
قد تكون الموسيقى التصويرية في الاعمال السينمائية المصرية لا تنال الاهتمام الكافي من صناع السينما لكن من يتابع أعمال عالمية مثل "الأب الروحي" The God Father أو "زورو" The Mask Of Zorro أو "القلب الشجاع" Brave Heart و"تيتانيك" Titanic يشاهد التأثير الواضح للموسيقى في سير الأحداث بالتأكيد سيدفعه هذا للتساؤل "إلى متى سنعتبر الموسيقى التصويرية في الأفلام المصرية عابر سبيل"؟!
المصدر :
http://www.filfan.com/News.asp?NewsID=2162
ساحة النقاش