ينتظر المصريون بشوق عظيم ذلك العرس الكبير الذى سيتم فيه إن شاء الله افتتاح قناة السويس الجديدة ، التى حفرها المصريون بأموالهم وبالجهود الخارقة والإنجازات غير المسبوقة لأبنائهم فى مثل هذه المدة الزمنية. ومن المتوقع أن يبدأ هذا العرس بحفل يتناسب مع عظمة مصر وتاريخها الطويل ، وقيمة فنانيها الذين أمتعونا بأعذب الألحان وأجمل
الأغانى التى دعمت كفاح الشعب المصرى فى كل الأحداث التى مرت بها مصر عبر تاريخها . ولايمكننا أن ننسى أبدا أغانى أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ التى كانت تواكب الأحداث التى مرت بها مصر لحظة بلحظة .
ولو رجعنا سنوات قليلة إلى الوراء سنتذكر أن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر كان قد طلب لمصر قرضا من البنك الدولى لتمويل مشروع بناء السد العالى ، الذى كان مشروعا وطنيا ، وكان يتوقع منه أن يجلب الكثير من الخير لمصر سواء بالرى الدائم فى الزراعة أو لتوليد الطاقة الكهربائية ورفض البنك الدولى أن يعطى القرض لمصر ، نظرا للإزعاج الشديد الذى كان يسببه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر لدول الغرب بسبب دعوته لتحريرالدول المستعمرة – التى كانت الدول الغربية تستعمرها وتنهب خيراتها وتستعبد شعوبها – لكل ذلك رفض البنك الدولى أن يعطى لمصر قرضا لبناء السد العالى ، وبعدها جاء الرد الذى لم يتوقعه أو يتخيله أحد ، عندما فاجأ الزعيم الراحل جمال عبدالناصر العالم فى خطابه يوم (26 يوليو 1956 ) بتأميم قناة السويس ، لتعود إلى أحضان الوطن ، وبعد ثلاثة أشهر ، وفى ( 29 أكتوبر 1956 ) وقع العدوان الثلاثى على مصر ، وشاركت فيه إنجلترا ، إنتقاما لاجلاء قواتها من مصر عندما خرج آخر جندى بريطانى من مصر يوم (18 / 6 /1956 ) ، كما شاركت فرنسا التى أزعجها كثيرا مساعدات مصر لثوار الجزائر للحصول على الإستقلال ، وشاركت إسرائيل فى ذلك الوقت للحصول على غنيمة تتمثل فى مزيد من الأراضى التى ترغب فى إحتلالها ولكن خاب سعى الجميع ، ولم تتحقق أهدافهم ومع عودة قناة السويس إلى أحضان الوطن تتداعى الأفكار فنتذكر ذلك الإحتفال الضخم الذى أقيم عند إفتتاح قناة السويس فى السابع عشر من نوفمبر عام 1869 فى عهد الخديوى إسماعيل والذى حضره ملوك وعظماء العالم فى ذلك الوقت وقد كتب مؤلف الموسيقا الإيطالي جوزيبى فيردى أوبرا ( عايدة ) بطلب من الحكومة المصرية لكى تقدم لأول مرة فى حفل افتتاح قناة السويس ، وأتم فيردى الأوبرا التى تدور أحداثها فى مصر الفرعونية ، ولكن حال عدم وصول الملابس والمناظر التى صنعت خصيصا لأوبرا (عايدة ) فى باريس ، وذلك بسبب الحصار الذى فرض على العاصمة الفرنسية فى ذلك الوقت ، وعند افتتاح قناة السويس قدمت أوبرا ( ريجوليتو ) لنفس المؤلف على مسرح دار أوبرا القاهرة ( القديمة ) التى بنيت بمناسبة افتتاح قناة السويس وقدمت أوبرا (عايدة ) لأول مرة على مسرح دار أوبرا القاهرة فى الرابع والعشرين من ديسمبر عام 1871.
هذا ماكان فى الإحتفال بافتتاح قناة السويس عام 1869 ،فماذا أعددنا نحن اليوم للاحتفال بالعرس الذى ينتظره الجميع فى حفل إفتتاح قناة السويس ( الجديدة ) إن شاء الله فى السادس من أغسطس 2015 ، وأود فى هذه المناسبة الوطنية الجليلة أن أقترح بعض الفقرات لتقديمها فى حفل الافتتاح وهى لن تكلف الدولة شيئا ، لأن دار الأوبرا المصرية يمكن أن تقدم كل الفقرات بما فيها من فرق متنوعة تضم كبار الفنانين المصريين من مغنين ومغنيات وعازفين وقادة فرق سواء فى فرق الموسيقا العربية أو فرقة الأوبرا ، أوفرقة الباليه أو أوكسترا القاهرة السيمفونى أرجو أن يكون للفن المصرى دورا جوهريا فى هذا الإحتفال وأود أن أذكر أنمؤلف الموسيقا المصرى الراحل كامل الرمالى (1922 -2011 ) قد ألف عام 1957 الإفتتاحية التصويرية ( قناة السويس ) وعزفها أوركسترا القاهرة السيمفونى 0 وقد صور فيها حياة الشعب المصرى قبل حفر قناة السويس ، ثم واصل التعبيرعما مر بالشعب المصرى من أحداث تتمثل فى جمع آلاف المصريين للعمل بالسخرة فى حفر قناة السويس وبأساليب بدائية ، مما تسبب فى وفاة أكثر من مائة وعشرين
ألفا من المصريين وقد إستغرق حفر القناة عشر سنوات ونصف ثم ينهى كامل الرمالى الإفتتاحية مصورا الفرحة الكبرى بتأميم قناة السويس ونجاح المرشدين المصريين والمرشدين من رعايا بعض الدول الصديقة فى إدارة قناة السويس بعد التأميم والافتتاحية التصويرية (قناة السويس ) مرتبطة ومواكبة للشعور الوطنى الجارف بالفرحة بتأميم قناة السويس عام 1956
وفى نفس العام الذى ألفت فيه هذه الإفتتاحية (1957 )غنت أم كلثوم أغنية (فرحة القنال ) من كلمات صلاح جاهين وتلحين محمد الموجى ، والتى يقول مطلعها :
محلاك يامصرى وانت ع الدفة والنصرة عاملة فى القنال زفة
يا أهل مصر تعالوا ع الضفة شاورلهم وغنلهم وقولولهم
ريسنا قال مافيش محال راح الدخيل وابن البلد كفى
حيوا الرجال السمر فوق السفينة حيوا اللى جاهدوا عشان مايفرح وادينا
ياولاد بلدنا تعالوا ع الضفة شاورولهم وغنلهم وقولوالهم
ريسنا قال مافيش محال راح الدخيل وابن البلد كفى
------------------------------
وكذلك فقد غنى المطرب الكبير محمد عبدالمطلب ، فى ذلك
العام أغنية ( يا سايق الغليون ) من تلحين محمود
الشريف ، ويقول مطلعها :
ياسايق الغليون عدى القنال عدى
وقبل ما تعدى خد مننا وادى
دا اللى فحت بحر القنال جدى
---------------------------------------
هذه هى الإبداعات المصرية التى أقترح أن يكون لها مكان فى حفل إفتتاح قناة السويس الجديدة ، وربما يرى المسئولون عن الحفل تقديم فقرة من أوبرا (عايدة ) لمؤلف الموسيقا الإيطالى جوزيبى والتى ألفت خصيصا لتقدم فى حفل افتتاح
قناة السويس (القديمة ) عام 1869 ، وخاصة أنها قد قدمت
على مسرح دار الأوبرا المصرية عدة مرات 0
وبجانب هذه الفقرات التى اقترحتها نريد أن نرى إبداع كبار
الفنانين المعاصرين من شعراء وملحنين ومؤلفين موسيقيين
ومطربين ومطربات ، وهم يعبرون عن هذا الحدث التاريخى
الذى تشهده مصر ، بافتتاح قناة السويس الجديدة فى السادس
من أغسطس 2015
وأخيرا أتمنى التوفيق والنجاح لكل القائمين على تنظيم حفل الافتتاح حتى يخرج فى أبهى صورة تليق بمصرنا الحبيبة إن شاء الله .
بقلم : أ.د. زين نصار
أستاذ النقد الموسيقى بأكاديمية الفنون
المصدر : المكتب الإعلامى
أكاديمية الفنون
ساحة النقاش