authentication required


أ .د. أحمد صقر ـ جامعة الإسكندرية 
عند التعرض لملامح الشخصية فى الدراما الحديثة فإننا نجد الكثير من التغيرات التى طرأت على أسلوب رسم ملامحها وكذلك دورها الذى تضطلع به فى المسرحية، ذلك أننا فى "غالبية الدراما الحديثة نجد الشخصيات لا تعرف ماذا تريد، فهم ضحايا لقوى البيئة، فاقدوا الوعى والقدرة المادية على الفعل، ففى مسرحية "منزل القلوب المحطمة" لـ"شونجر" عُكِس هذا، إذ أن الشخصيات واعية تماما لما تريد".
ولا شك أن هذه السمة تتبلور فى كثير من أعمال كتاب المسرح الحديث، حيث نجد شخصيات "شو" كما يقول "إميل روى EMILROY" أصواتا واعية لأدوراها فى حين لم تستطيع شخصيات "تشيكوف" أن تفعل ذلك"، وبذا يتحتم على بطل الرواية أن يتمتع بملامح معينة إذا عجز عن تحقيقها فشل دوره، كما تؤكد وجهة نظر النقد الحديث، ذلك أن "بطل الرواية لا يعى أن موقفه ليس بطلا على الإطلاق، لكنه أداة عاجزة للقصة المروية".
إن هذا التطور والتغير الذى طرأ على ملامح الشخصية فى الدراما الحديثة نجده ينعكس بطبيعة الحال على ملامح الشخصية النسائية فى المسرح العالمى والمحلى، ذلك أن "برناردشو" ومن قبله "إبسن" وغيرهما قد أعطيا للمرأة مكانة مرموقة، فقد "كَرًمَ "شو" المرأة ووضعها فى مكانة عالية وأعلن أنه لابد أن تحب المرأة، إلا أنها لابد وأن تقدر وتحترم وتوقر فى نفس الوقت".
ذلك أن "شو" لم يقدم نساءه لكى يمارس معهن الحب وحسب بل لابد وأن يُحترمن، بل علينا أن "نخشى بأسهن". لذا نراه يعقلن العلاقات الجنسية، ويقرب العاطفة التى يريدها لتكون تجربة عقلية".
وهذا الأمر يعنى أن علينا احترام مشاعرهن وآرائهن.
إن "إبسن" و"برناردشو" وغيرهما من كتاب المسرح العالمى والمحلى قد أعطوا جميعا المرأة مكانة محترمة، فلها الحق فى أن تقوم بتخطى الحدود المتعارف عليها لها، ذلك أنه من الجدير بالملاحظة أن "النساء اللائى عادة تأخذن الخطوة الأولى- أى المبادرة- فى الدراما، ليس فقط فى أمور الحب ولكن فى كل شئ آخر إنهن القوة المحركة".
ومما سبق نستطيع القول أن "إبسن" و"شو" وغيرهما من كتاب الدراما العالمية قد خلًصُوا المرأة من مكانتها المتدنية، وقدموا صورة لشخصية المرأة غير المستكينة لقدرها.
أما عن ملامح شخصية المرأة فى مسرح كاتبنا "توفيق الحكيم" فهل اتفقت مع التطور العالمى الذى حدث فى مجال الدراما العالمية وفى أساليب التعامل مع المرأة بطريقة تمكنا من القول أن الشخصية النسائية فى مسرح "الحكيم" قد قدمت الكثير من الخصال والملامح مما يباعد بينها وبين المرأة بالمفهوم التقليدى ويقربها من المرأة الجديدة التى تحدث عنها "شو" ويعنى بها أنها "ليست جديدة بالمفهوم التاريخى ولكنها حركة تعبير عن خصائص معينة فى المرأة سواء عاشت هذه المرأة فى الماضى أم إنها تعيش فى عصر الحاضر".
من خلال هذه الدراسة أطرح ثلاث نقاط تتعلق بطبيعة الشخصية النسائية وتصويرها فى مسرح "توفيق الحكيم".
وأول هذه النقاط يتمثل فى الجديد الذى أتى به "الحكيم" فى تصويره لملامح المرأة وعلاقة ذلك بما يثار حوله من أنه كاره النساء. وثانى هذه النقاط يتمثل فى كيف صور النساء فى مسرحه وعلاقة ذلك بواقع المجتمع الذى عاش فيه، إذ يفترض البعض أن جميع نساءه أخذن ملامحهن من جو الأساطير "إيزيس"/ "جلاتيا"/... إلخ. وثالث هذه النقاط إلى أى مدى نجح "الحكيم" فى تحقيق التوازن بين التصوير الواقعى فى ظل مجتمع لازال ينظر إلى المرأة نظرة التابع.
احتلت المرأة فى مسرح "توفيق الحكيم" مكانة مرموقة عالية حيث كرمت وأعطيت حقها من التقدير والاحترام، ولم يعد ينظر إليها على أنها متاع مملوك للرجل، تأكل وتشرب وتنجب وكفى، بل أصبحت محترمة، خلافا لما كان سائدا.
ومن ناحية أخرى تمتعت المرأة أيضا عنده بسمة أخرى تمثلت فى أنها تقوم بالخطوة الأولى لتحريك كل الأمور المحيطة بها مما جعلها مركز الثقل بالمسرحية. هذا إلى جانب أنها تمتعت ببعض السمات التى تمثلت فى قوتها التى يخشى بأسها، تحمل من صفات الرجل الكثير ولم تعد تلك المرأة المستكينة الضعيفة التى صورها الكتاب من قبل.
صور "توفيق الحكيم" دور المرأة من خلال مسرحيته "شهرزاد" فجعل لها الحق فى القيام بالخطوة الأولى المتمثلة فى مبادرتها من أجل تغيير حال ترى أنه مشين، ويتحقق هذا لـ"شهرزاد" التى رفضت ما كان يقوم به "شهريار" تجاه النساء ونجحت فى أن تصرفه عن حبه وعشقه لسفك الدماء وتحول إلى طلب المعرفة والعلم، كذلك شخصية الغانية فى مسرحية "السلطان الحائر" تنجح فى إعطاء "السلطان" و"القاضى" بل الجميع درسا فى إصرارها على أن يصححوا نظرتهم إليها كامرأة نظر إليها على أنها ساقطة تسعى من أجل المال واللذة، وتعطيهم درسا تبادر فيه وتوضح ضرورة التمسك بالقيم والقانون والابتعاد عن القوة".
إن "الحكيم" هنا ينجح فى أن يجعل الغانية قادرة على إبداء الرأى، بل وتغيير ما حولها، فهى لم تعد المرأة التقليدية- كما سبق وذكرنا- بل أصبح لها الحق فى المشاركة وإبداء الرأى فى كثير من الأمور مما يجعلها قوة محركة دافعة لتسيير عجلة الأمور.
وقد ترتب على ما سبق أن أصبحت المرأة- قادرة على إحداث التغيير سواء فى الأسرة أو المجتمع، وأعنى بذلك أن المرأة هى الأم التى تربى وهى الزوجة التى تلد وهى رمز الحياة واستمرارها، وتتحقق هذه السمة فى مسرح "الحكيم" من خلال مسرحياته "شهرزاد" و"بجماليون"، إلا أن هذه النظرة قد تختلف عن بعض كتابنا نظرا إلى شرقيتنا التى لاتزال تنظر إلى المرأة نظرة تجعلها تأتى فى المرتبة الثانية من بعد الرجل.
فـ"شهرزاد" هى الحياة، نور المعرفة، هى الأمل الذى عقد عليه "الحكيم" أمل "شهريار" فى التغيير ونجح فى ذلك، وكذا "جالاتيا"- المرأة- التمثال الذى دبت فيه الحياة- التى تنجح فى أن تكشف عن نوازع الأنانية وضيق الأفق فى شخصية "بجماليون" وتمسكه بدور المرأة التقليدى فى الحياة فهو رفضها حينما شاهدها تكنس وتقوم بدورها كامرأة إلى جانب دورها كحبيبة ورمز للمشاعر الرقيقة، وهنا تكشف "جالاتيا" هذا الزيف لتجعل النظرة المستقبلية للمرأة موضوعا لابد أن نعيد النظر فيه من أجل التغيير".
يتحقق عند "توفيق الحكيم" أيضا ملمح آخر يميز الشخصية النسائية فى مسرحه وهو حقها فى الاختيار والرفض فيما يتعلق بأمور الزواج والحب، وتتحقق هذه السمة عند "الحكيم" فى مسرحيته "السلطان الحائر"، فـ"الغانية" التى اشترت السلطان وأجلسته إلى جوارها وأصرت على حقها فى أن تتمتع بوقتها، كيفما تحب، نراها تصر على أن يبقى "السلطان" معها تلك الليلة إلى أن يؤذن المؤذن لصلاة الفجر، وهنا نرى أن "الغانية" تحادث "السلطان" وتطلب منه أن يشاركها فى الاستمتاع بالغناء والموسيقى، ويتساءل "السلطان" هل هذا كل ما تطلبه، فتجيبه أنها لا تسعى إلى أكثر من ذلك.
وهذا ما حدث بالفعل أيضا مع شخصية "شهرزاد" التى استطاعت برغم القيود الظاهرة أن تمارس ميولها دون قيود حقيقية عن طريق التحايل على "شهريار"، وتنجح فى أن تنقذ حياتها، وتستمتع بتحقيق ما تتمناه، وأكثر من ذلك نجاحها فى تحقيق التغيير فى شخصية "شهريار".
سمة أخرى أراها تتحقق فى مسرح "توفيق الحكيم" فيما يتعلق بملامح الشخصية النسائية، وأقصد به أن المرأة كشخصية نسائية قد صورت ولها بعض الملامح من وعيها وقدرتها على إبداء الرأى واتخاذ القرار، إلا أن هذا لا يعنى أنها صورت بملامح لم يعتدهاالناس من قبل، بل وجدنا الرقة والأنوثة وفيض المشاعر هذا يتحقق إلى جانب ما ظهر من ملامح الخشونة والقسوة فى الشخصيات النسائية مثل "شهرزاد" حيث تحمل الأنوثة والرقة ومشاعرها الفياضة وأيضا شخصية "الغانية" فى مسرحية "السلطان الحائر" وشخصية "براكساجورا" فى مسرحية "براكسا".
وعليه نستطيع القول إن تميز هذه الشخصيات النسائية بقدرتهن على اتخاذ القرار وإبداء الرأى لم يقلل من شخصياته وقيمتها، ذلك أن شخصياته لم تحرم ما تتمتع به الشخصية الإنسانية من مشاعر الرقة وفيض الأنوثة والحب مما جعلهن شخصيات باقية خالدة.
سمة أخرى تتحقق عند شخصيات "توفيق الحكيم" النسائية ألا وهى أن النساء يدلين فى بعض الأحيان بآراء لا تتفق مع قدراتهن وطبائعهن وما يتوقع منهن الجمهور مما أدى ببعض النقاد إلى وصفهن بأنهن أبواق لآراء المؤلف وليس لهن الرأى الحر المستقل.
يتضح من شخصية "الغانية" فى مسرحية "السلطان الحائر" أنها تتفوه فى بعض المواقف بعبارات قد لا تتفق مع ما عرف عنها، إلا أننا لابد وأن ندرك منذ البداية أن "الحكيم" فعل ما فعله "شو" حيث عقلن شخصياته ووضع على لسانها كلاما وردودا عقلية منطقية جعل البعض يقول إنهن أبواق لآراء المؤلف.
ويقول Hanshud off Kamer على لسان "شو" إننى لا أستطيع أن أغير عقول وأفكار الشخصيات ولكنى أستطيع أن أزيد معرفتهم بأمور الحياة" وبذا تبدو هذه الشخصيات وكأنها تعتنق- أفكارا كثيرة هى أفكار المؤلف مما يحولها إلى "أبواق ضعيفة تعبر عن آراء المؤلف، إنه يدفعها لأن تتكلم رغما عنها، إن شخصياته هى ذوات للمؤلف، إنها مجرد دمى وهى تتحدث بلسانه، إنهم الممثلون فقط الذين يجعلونهم يظهرون مختلفين" فمثلا عند حديث "الغانية" مع "القاضى" نراها تقول:
الغانيــة: وتعنى كذلك إنه يجب أن أوقع العقد حتى يصبح الشراء نافذا.
القاضى: تماما
الغانيــة: لكن يا مولاى القاضى ما هو الشراء ... أليس هو امتلاك شئ فى نظير ثمن ...
القاضى: هذا هو ...
إنه التخلى عن الامتلاك" ...
كذلك الحوار الذى دار بين "السلطان" و"الغانية" ليؤكد ما سبق ذكره من أنها تتفوه فى بعض المواقف بما يفوق إمكاناتها العقلية وما نعلم عنها فى المجتمع، مما يجعلها تبدو مجرد دمية تردد ما يملى عليها، فمثلا حوار "السلطان"و"الغانية" يوضح هذا:
الغانيـــة: ومن الذى أعطانى كل هذه السلطة ... المال ...
السلطان: القانون ...
الغانيــة: لفظ من فمى يستطيع أن يغير مصيرك، ويوجه حياتك إما إلى الرق والعبودية، وإما إلى الحرية والسيادة...
السلطان: وعليك أن تختارى ...
الغانيــة: "متفكرة" بين العبودية التى تمنحك لى، وبين الحرية التى تحفظك لعرشك وشعبك...
السلطان: عليك أن تختارى ...
الغانيـــة: الخيار صعب!
السلطان: أعرف! ...
الغانيـــة: إنه لمؤلم أن أتركك تذهب ... أن أفقدك إلى الأبد ... ولكنه مؤلم أيضا أن أراك تفقد عرشك ... لأن بلادنا لن يتاح لها أبدا سلطان فى مثل عدلك وشجاعتك ... لا ... لا تترك الحكم، ولا تعتزل العرش ... أريد أن تبقى سلطانا ... .
أما عن شخصية "براكساجورا" فى مسرحية "براكسا" فنتعرف من خلال عدة مواقف ومن خلال حوارها على أنها تتفوه بما لا يتفق وسلوكها ويؤكد عدم اقتناعها بما تقول، فبعد أن تستولى على الحكم نراها تتحاور مع الفيلسوف فى محاولة إيجاد حل لبعض المدينين الذين طالبوا بإعدام الدائنين، فترى ردها يدل على شخصيتها وعدم إلمامها بكل الأمور، فتقول:-
الفيلسوف: لقد ارتفعت إلى هذا المكان، لأنك تستطيعين.
ولقد طلبتى أن تمنحى السلطان، كى ترضى الناس أجمعين! ..
براكســــا: عدم الدائنين من أجل المدينين ... وإعدام المدينين من أجل الدائنين؟ ... وبهذا وحده أحقق المطالب؟ ...
الفيلسوف: وبهذا ترضين الجميع! ...
براكســــا: أتسخر منى؟! ...
وفى موقف آخر يجمع بين "براكسا" و"بليروس" تتفوه "براكسا" بأسلوب يدل على أنها تنطق بما يجعلنا نصرف إنتباهنا إلى الكاتب "توفيق الحكيم" "وإلى أرائه فى الحكم أكثر من أن نركز على الشخصية ذاتها:-
براكســـــــــا: إن الشعب لم يعد يريدنى ...
بليــــــروس: الأمر مختلف إنى لا أستطيع أن أحكم إلا برأى المجلس، والمجلس غير موجود الآن ... أما أنت فإن الأمر الواقع هو الذى يفرضك الآن على الناس ...
هيرونيموس: ليس هنا المسألة ... إن الشعب سيرضى بك ملكا لأنك رجل جديد، تمثل صفحة جديدة ... هذا كل شئ ...
بليــــــــروس: ملك؟ ... ولماذا ملك؟
براكســــــــا: لأنك لا تستطيع أن تكون كما كنت أنا لم تنتخب من الشعب ولا أن تكون كما كان "هيرونيموس" لأنك لم تكن قائد للجيش ...
إن "توفيق الحكيم" بذلك يكون قد قدم صورا ونماذج عديدة لشخصية المرأة من خلال بعض مسرحياته، ولعله فى ذلك أراد أن يوضح ما أُثِيرَ حول عداوته للمرأة، ذلك أنه كان من المناهضين لحركة تحرير المرأة التى نادى بها "قاسم أمين"، إلا أنه رغم ذلك لم يدعو إلى أن تمكث المرأة فى المنزل وتحترم حقها فى التعليم والثقافة، ولكنه حدد أن كل هذه الأمور لا يرفضها ولكنه يبدى تخوفه من أن يؤدى تيار الحياة العصرية إلى جرف المرأة بعيدا عن واجبها الأسمى الذى حدده "الحكيم" فى تربية الأولاد ورعاية الأسرة.
وعليه نستطيع القول أن "الحكيم" لم يكن كارها لهذه النوعية من النساء اللائى يحفظن أسرهن ولكن كراهيته وجهت إلى المرأة المتحررة كما اتضح فى مسرحياته "المرأة الجديدة" و"مصير صرصار" إذ أعلن "الحكيم" فى كتابه المعنون بعنوان "حمارى قال لى" عن عداوته لهذه النوعية من المرأة التى تنسى واجباتها وتريد أن تتخطى حدود المشاركة إلى حد السيطرة على الرجل وتحويله إلى تابع لها. وربما تكون البيئة التى نشأ فيها "الحكيم" هى السبب فى هذه التكوينة النفسية.
إن "الحكيم" عندما صور شخصياته النسائية فى بعض مسرحياته مثل "السلطان الحائر"- "براكسا"- "شهرزاد"- "بجماليون"- موضوع الدراسة- لم يراع الواقعية فى رسم ملامحها، مما ترتب عليه عدم اتفاق بواعثها مع الأسلوب الذى رسمت به.
إن "الحكيم" برع فى وضع فروض وقضايا فكرية لمسرحياته كما برع فى إدارة الحوار على أساس تلك الفروض، إلا أنه لم يعن نفسه العناية بخلق الشخصيات مما جعلها أقرب إلى الرموز التى تحمل المطلق من المعانى، وعليه نستطيع القول أن شخصياته بشكل عام، والنسائية بشكل خاص، قد افتقدت الواقعية فى رسم ملامحها، وبالتالى فإن بواعثها حادت بعيدة عن الواقع، كما حدث فى مسرحية "أهل الكهف"، فالشخصيات تخرج إلى العالم الخارجى وتعجز عن التعايش معه فترتد إلى الماضى، إلى اللاواقعية، ويصدق هذا القول أيضا على مسرحية "بجماليون"، حيث ركز "الحكيم" على موضوع بعيدا عن الحقيقة يحلق فى الجو الأسطورى، إذ هو يتناول حيرة الفنان بين الكمال فى الفن وبين فنية الحياة، كل هذا جعل شخصيات المسرحية تعيش فى جو أسطورى خالص، الأمر الذى جعلها تعجز عن أن تكون شخصياته إنسانية واقعية، وهو ما يتحقق أيضا فى مسرحيته "السلطان الحائر" و"براكسا".
إن "الحكيم" بذلك أخفق فنيا فى تصوير ملامح شخصياته النسائية فى مسرحياته سالفة الذكر، إذ أن مضامين هذه المسرحيات مستمدة من الأساطير وهو ما جعل الكثير من الدارسين والنقاد أمثال د."الرشيد بوشعير" يرون ما يباعد عن واقعية الشخصيات وبين الجو الأسطورى الذى جاءت منه، فيقول د."الرشيد بوشعير" إن الحكيم يعتمد فى مسرحه خاصة على الأساطير وما يشابهها، كما نرى فى بجماليون والملك أوديب وشهرزاد وسليمان الحكيم وأهل الكهف وإيزيس والسلطان الحائر ولا ريب فى أنه من الصعب على الكاتب أن يجرد هذه الشخصيات فى صفاتها الأسطورية، وأن يجعلها من البشر العاديين، لأن تجريدها من صفاتها يتطلب خيالا يكون من القوة بحيث يستطيع أن يحيلها إلى كائنات بشرية تحس وتتألم وتفكر...
أما عن ثالث النقاط فى هذه الدراسة فتتعلق بمدى نجاح "الحكيم" فى تحقيق التوازن بين التصوير الفنى لأبعاد الشخصية وبين التصوير الواقعى، ذلك أن "الحكيم" أراد أن يحقق النجاح للحقيقة الفنية، وهو ما تمسك به فى أسلوب تصوير شخصياته وطريقة عرض قضيته، أما عن التصوير الواقعى فهو لم يراع ضوابط هذا المجتمع الذى كان لا يزال ينظر إلى المرأة على أنها تأتى فى المرتبة الثانية بعد الرجل وفى ظل دعوات التحرير، مما ترتب عليه أن جاءت جميع شخصياته النسائية، خاصة موضوع الدراسة، شخصيات مثالية من حيث تصويرها الفنى، بعيدة عن الواقع، وهو ما يجعلنا نطرح هذا التساؤل:
"هل راعى "الحكيم" الفارق بين الواقعى والمسرحى" فى أسلوب رسم شخصياته النسائية أم أنه راعى الجانب المسرحى ولم يراع واقعية التصوير وفى ظل مجتمع لا يرفض إعطاء المرأة مكانتها ولكن يرفض ريادتها، ريادة تلغى وجود الرجل.

 

المصدر: المركز الإعلامي

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,820,018