هوية مسرحنا و هوية فرقنا و عروضنا
يستدعى الحديث عن هوية الوطن حديثا اخر عن هوية مسرحنا و هوية فرقه , فالناظر للعروض المقدمة فى المسرح المصرى سيجد غيابا واضحا لهويات الفرق المقدمة لعروضها مما يجعل من الصعب على الجمهور المشاهد أن يحدد الفرقة التى يتوجه إلى مسرحها لمشاهدة أحد عروضها .
و تجاوزا للفرق الخاصة و المستقلة و الحرة و الهواة عامة .
التوقف عند فرق الهيئة العامة لقصور الثقافة يكشف عن الحاجة لتحديد هويات فرق البيوت و القصور و القوميات وفقا لطبيعة و ثقافة و ذائقة البيئة المتواجدة على أرضها هذه العروض, و المتوجه إليها مخرج العرض من خارجها دون دراسة لثقافتها , و دون أن يلعب دوره الحقيقى فى تدريب و تثقف هذه الفرقة , بل هو يحمل دوما عدة نصوص قليلة , اختارها وفق ذائقته الخاصة , و مستهدف بها غالبا التقييم و التحكيم و إمكانية الفوز بالجوائز و الاشتراك فى المهرجان القومى للمسرح و يتم أختيار نص عالمى ملغز أو غير متوافق مع ثقافة البيئة , و غير ملبى لاحتياجاتها المجتمعية , وأحيانا غير واصل مضمونها و رسالتها لأعضاء الفرقة ذاتها , مما يجعل العرض مجرد قراءة خارجية للنص المقدم بممثلين يتحركون فى فضاء المسرح فحسب .
و الأمر أكثر تعجبا مع فرق البيت الفنى للمسرح ,التى نجد فرقة المسرح الكوميدى تقدم مرثية بكائية , و البيت الفنى للفنون الأستعراضية يقدم عروضا درامية للأطفال و للشباب تحت سن 18 , و يختلط الحابل بالنابل وهو ما يدعونا لطرح موضوع العودة لتحديد هويات خاصة لكل فرق من فرق البيت الفنى للمسرح .
ولنبدأ بفرقة المسرح القومى و الذى نرى أن تتبلور هوية هذه الفرقة العتيقة عبر قيامها بأداء دورها الثقافى و الفنى و الوطنى الهادف إلى تنمية مشاعر الأنتماء الوطنى و القومى , إلى جانب دورها فى الحفاظ و دعم هوية الدولة المصرية الحديثة سواء على المستوى اللغوى أو المستوى الثقافى بشكل عام , لذلك فعليها أن تهتم بتقديم كلاسيكيات النصوص المصرية و العربية و العالمية الراسخة , فى أستعادة للرصيد (ربرتوار) الإنسانى و المصرى بصورة متطورة و غير متحفية , ودون الإطاحة بالنصوص الأصلية , بهدف تعريف الجمهور العام و المتخصص بتراث المسرح و رصيد إبداعه الضخم ,و لذا يفضل تقديمها للنصوص الكلاسيكية برؤى إخراجية معاصرة دون تعد على متون نصوصها بإسم الإعداد أو الدراماتورجية , فهى الفرقة الأم الحافظة للذاكرة المسرحية .
هذا على حين تكتسب فرقة المسرح الحديث هويتها المتفردة من خلال اهتمامها بتقديم الإعمال التى تعبر عن واقع المجتمع المصرى الحديث على كافة المستويات و التى تعبر عن الأزمات الواقعية التى تعترضه , كما يعرض للرؤى المختلفة لماضى وواقع و مستقبل ذلك الوطن من خلال أعمال مسرحية تتميز بالجدية الفنية و التنوع الفكرى بما يجسد هدف الفرقة فى تقديم الرؤى المختلفة للواقع عبر أعمال مسرحية تعبر عن التيارات الفنية و الفكرية و السياسية الموجودة على الساحة المصرية , ومن ثم فهى تهتم بتقديم نصوص كتاب المسرح المصرى أصحاب التجربة المسرحية , و اللذينسبق التعامل معهم فى مستويات إنتاجية أخرى أبرزت تميزهم وأصالة تجربتهم المسرحية , فضلا عن تقديمها للنصوص العربية و العالمية الحديثة للكتاب المتميزين دوليا و ذلك برؤى جمالية تعرف طريقها نحو الجماهير الكبيرة , و تهتم بتقديم الأسماء اللامعة فى حقول التأليف و الإخراج و التمثيل فى مسرحنا المعاصر .
فى الوقت الذى تتضح فيه هوية مسرح الطليعة فى كونها ذات توجه طليعى و تجريبى يسعى للعمل على التقنيات و الأساليب المسرحية الجديدة وربط المسرح المصرى بالتيارات العالمية الحديثة سواء على مستوى النص المسرحى أو على مستوى فنون الأداء و العرض المختلفة مما يدفعها لضرورة الأهتمام بتقديم العروض التجريبية المختلفة من كل دول العالم بشرط حداثتها , لتعريف جمهور الكتاب و المخرجين و النقاد و العاملين بالمسرح و جمهوره المتخصص بأحدث التجارب العالمية ليكون بالفعل طليعة فرق البيت الفنى نحو كل ما هو حداثى , مما يجعله مسرحا تجريبيا كاملا .
أما فرقة المسرح الكوميدى فهى تبلور هويتها من أسمها المرتبط ارتباطا وثيقا بالعروض الكوميدية ذات الطبيعة الجماهيرية الكبيرة و الراقية , معتمدة على نصوص مصرية أو عربية أو عالمية و تستهدف الترفيه عن الجماهير دون إسفاف و دون إغفالها لدور المسرح التنويرى بين الجماهير .
وتكتسب فرقة مسرح الشباب هويتها الخاصة من معيار السن و الميزانيات المنخفضة للعروض , كمعايير أساسية تحدد مجالات عمل الفرقة و توجهاتها الفنية , حيث تهتم الفرقة بتقديم العروض التى يكتبها و يخرجها و يقدمها شباب يهفو للتغيير , و يعمل على التعبير التعبير عن افكاره و مشاعره بتدفق حر , و يتوجه نحو جمهور الشباب فى الجامعات و المصانع و الساحات العامة ,مما يتطلب كثرة العروض مع قلة الميزانيات كى تتاح الفرصة أمام أكبر عدد ممكن من الشباب على التعبير عن ذاته و ابتكار أساليب التواصل مع جماهيره .
و لبقية الفرق ...بقية من الحديث.
بقلم الدكتور : حسن عطية
المصدر : نشرة المهرجان القومى للمسرح العدد 14
ساحة النقاش