الموسيقى التصويرية والمؤثرات الصوتية قديمين قدم المسرح،فقد نشأتا من أصوات حفيف الأشجار وأصوات قرع الطبول والأجراس البدائية التي كانت ترافق الإنسان في الصيد والحروب والنزالات والطقوس الديني إلى الصوت والموسيقي المصاحبة للعرض المسرحي الحديث وغالبا ما يعد الصوت والموسيقي جزءين متممين للعمل المسرحي الناجح. 

ولأن الفن هو البحث عن كل العلاقات والترابط بين الحياة وبين ما نفرزه من إبداع للإنسان، صار علينا أن نبحث عن تجديد وتحديث في العرض المسرحي من خلال تطوير العلاقة بين سينوغرافيا العرض وما تتضمنه من إنارة وديكور وموسيقى وبين النص المكتوب وبين الممثل.

الموسيقى هي لغة علينا أن نفهمها كي نعرف كيف نوظفها بشكلها السليم ولاضير إذا استخدمنا الموسيقى بدلا من ديالوج حواري أو حتى مشهد.

لأن الموسيقى هي لغة يمكن للجمهور أن يتلقاها إذا ما استخدمت استخداما صحيحا.

وبمرتجعة بحثية لمسرحية "العاطفة" التي مثلت بمدينة مونز عام 1501، نجد أنها تتضمن لوحتين من البرونز ووعاءين كبيرين من النحاس استعملت لأحداث الرعد. وفى نص المسرحية مذكرة لطيفة للإخراج تقول: "ذكروا هؤلاء الذين يتولون الأسرار الآلية لبراميل الرعد بأداء ما يوكل إليهم وذلك بأتباع التعليمات، ولا تدعهم ينسون أن يتوقفوا عندما يقول الإله :كفوا ودعوا السكينة تسود".

هذا يدل على أن الموسيقى المسرحية تزامنت بدايتها مع بدايات المسرح نفسه، فالإنسان عرف فن الموسيقى منذ قديم الزمان، وكان من البديهي أن يستخدمه عاملا مساعدا في الفن المسرحي.

وكل من قرأ مسرحيات شكسبير أو ما كتب عن أعماله لابد أن يدرك أهمية الصوت والموسيقى في المسرح الإليزابيثي، ولوحظ مما دوّن من مذكرات عن الصوت أنها تكّون نسبة كبيرة من التوجهات المسرحية، بينما نجد مثلآ "موسيقى عميقة من البراجيل"، "موسيقى ناعمة"، "موسيقى جدية وغريبة"، "أبواق من الداخل"، "نداءات السلاح"، "طبول وأبواق"، "عاصفة ورعد"، وغيرها من المؤثرات التي تساعد على تكوين بيئة حية للمشهد في العرض المسرحي.

وقد بلغ استعمال الموسيقي والمؤثرات حد الدقة في حالة الميلودراما وكما يفرض الاسم على هذا النوع من المسرحيات أن يعتمد اعتمادا كبيرا على الموسيقى بعنصر مهيئ للجو خاصة في مشاهد الحب واستدرار الشفقة أو الصراع العنيف لمواقف الشر.

والواقع أنه لم يحدث أي تغيير جوهري بالنسبة للمؤثرات الصوتية والموسيقى التصويرية منذ عهد شكسبير حتى القرن العشرين الميلادي.

إذ بقي استخدام الموسيقى سائدا في مشاهد الحرب والحب والخير والشر إلا أن بعض المخرجين يحاول تجنب الاستعانة بالموسيقي أثناء العرض المسرحي والبعض الآخر يحاول الاستعانة بها عندما يقتضى النص وجود موسيقى في المشهد أما الأخير فهم من يستخدمون الموسيقي بشكل مبالغ فيه إذ يتخذ من الموسيقي وسيلة لسد الفراغات وزيادة وقت العرض المسرحي من خلال موسيقى قد لا تمت للعمل بأية صلة ويقول بعض النقاد في مجال المسرحي "إن استخدام الموسيقى الجيدة والمناسبة في العرض المسرحي لا تساعد المشاهدين فقط على الاستمتاع بالعرض بل تساعد كذلك الممثل على أن يبرز طاقاته من خلال إعطائه مساحة للأداء وإظهار مرونة جسمه وخاصة في الأعمال الصامتة.

إلا أن هناك بعضا من المخرجين يتحفظ على استخدام الموسيقي في المسرح لأنها من وجهة نظره تحطم نقاء الدراما وكان رد الباحثين في مجال المسرح عليه هو أن المسرح الحقيقي كان مزيجا من فنون عدة وحرف ولا يزال هكذا إلى يومنا هذا وأن تأثيره يجب الحكم عليه من تكامل هذه الفنون والحرف بشكل موحد وفعال، وليس بالحكم على عنصر واحد فقط.

 

 

المصدر/ جريدة مسرحنا

العدد/ 82- بتاريخ من  2فبراير2009

بقلم/ محمد جمال الدين

 

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,267,299