لغاية آخر العصر الكلاسيكى كانت الفنون منفصلة عن بعضها فالموسيقى موسيقى والرسم رسم والشعر شعر والنحت نحت من دون أن يكون بينها أية روابط فنية مشتركة لكن العصر الرومانسى الذى كانت أولى صفاته إطلاق العنان للمشاعر الإنسانية كلها فتح هذه الفنون على بعضها وأبرز كل عناصر القربى التى تربطها فبدأنا نسمع أعمالاً موسيقية مستوحاة من لوحات فنية وكان أشهرها فى بداية العصر الرومانسى اعمال فيرنز ليست "1813- 1886" المجرى للبيانو المستوحاة من لوحات رافييل وأشهرها معزوفة خطوبة العذراء مريم.

ومن اشهر العمال الموسيقية بل أشهرها التى استوحاها ملحنها من اللوحات الفنية "لوحات من معرض رسم" التى ألفها للبيانو الموسيقار الروسى الشهير موديست موسورجكى التى كانت فى أساس المدرسة الانطباعية الموسيقية الفرنسية التى أسسها الفرنسى كلود ديبوسى "1862-1918" بعد زيارته لروسيا وتعرفه على هذا العمل وقد ألف موسورجسكى "1839-1881" عمله هذا مستوحياً إياه من معرض للوحات صديقة الرسام الذى توفى فى أثناء إقامة المعرض وذلك تخليداً لذكراه ... ولا يذكر اسم هذا الرسام الان إلا عند ذكر هذا العمل الموسيقى وقد وزع الملحن الانطباعى الفرنسى الكبير موريس رافييل "1875-1937" هذاالعمل من البيانو على الأوركسترا السيمفونى الكبير واستعمل كل عبقريته فى التوزيع – وهو المشهور بذلك – لتحويل ألوان اللوحات التى رسمها موسورجسكى على البيانو إلى ألوان الأوركسترا.

ولم يكن الرسم وحده مصدر الإلهام الوحيد للملحنين فقد لعب الأدب وبالذات الشعر دوره فى ظهور اعمال موسيقية مستوحاة من الأعمال الأدبية ومن تاثر الملجنين باشلعر ظهر فى العصر العصر الرومانسى قالب موسيقى جديد سمى " القصيد السيمفونى" ومن أشهر هذه الأعمال وأجملها "رقصة الموت- دانس ماكابر" للموسيقار الفرنسى كميل سان سانس "1835-1921" وقد استوحاها من قصيدة تصف الهياكل العظمية فى مقبرة عند انتصاف الليل تخرج من قبورها وتروح فى رقصة هستيرية محاولة الرجوع إلى شكلها الإنسانى دون جدوى وبعد الرقصة المجنونة يبزغ نور الفجر فترجع هذه الهياكل إلى المقبرة ثانية .. هذه المواضيع الغريبة كانت موضع اهتمام كبير عند ملحنى العصر الرومانسى واستعمل الملحن ألة الإكسيليفون بشكل عبقرى لإبراز صوت العظام وهى ترتطم ببعضها.

أما فى القرن العشرين ومن أهم الأعمال الموسيقية المستوحاة من عمل أدبى باليه "أنا كارنينا" للمؤلف الموسيقى الروسى المعاصر "شيدرين" الذى استوحاه من رواية تولستوى بنفس الاسم وقبله باليهات تشايكوفسكى "1840-1893) المستوحاة من قصص معروفة لكتاب مختلفين.

ومن أشهر الفنانين الذى ملك ناصية أكثر من فن واحد مؤلف موسيقى ليتوانى كبير اسمه تشيرليونيتس كان فى نفس الوقت رساماً كبيراً درسنا أعماله الموسيقية ضمن مادة تاريخ الموسيقى فى معهد تشايكوفسكى فى موسكو كما درسنا أعماله الفنية ولوحاته ضمن مادة تاريخ الفنون التشكيلية الذى تعلمناه لمدة سنتين فى نفس المعهد وكان من السهل علينا كموسيقيين اكتشاف القوالب الموسيقية التى استعملها تشيرليلدنيتس فى لوحاته : فهناك قالب السوناتا وقالب الفوجة وقالب موضوع وتنويعات وغيرها ونجد هذا القالب الأخير فى بعض لوحات الفنان التشكيلى المصرى الكبير حلمى التونى الذى يستعمله فى إحدى لوحاته، فالموضوع هو شجرة نخيل والتنويعات هى الوضعيات المختلفة التى رسم فيها الشجرة حسب اتجاه الريح.

 

يدونها : الفنان سليم سحاب

المصدر/  عن مجلة الكواكب العدد3071

8 يونيو 2010

 

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,874,249