إن الملابس سواء كانت حديثة أو تمثل العصور الوسطى أو القديمة، تعتبر جزءاَ من تصميم الصورة, أضيفت إليها عناصر أخرى شكلها المتكامل . وعلى هذا الأساس فإن الملابس تكون دائما هى الوسيلة التى تكشف لنا عن الأسلوب, والسلوك, والموضوع, والشكل, والشخصية. إشباعا لغريزة الأنثى, أى أنثى, فى حب التجمل والأناقة, والفتنة والتزين, تجملت المصريات بما استطعن التزين به, منذ أوائل الألف الخامس قبل الميلاد على أقل تقدير, بناء على ماصورن به فى المناظر وعثر عليه من أدوات زينتهن فى بقايا المساكن والمقابر. واستعن بالكحل والخضاب والأصباغ والحلى والطيوب ومختلف أزياء الثياب وتصنيفات الشعور, بما يتناسب مع تنوعها ماعاصرناه من العهود والبيئات والأذواق وماتلاءم مع مختلف ماتوافر لديهن من القدرات المادية, ونوعية المناسبات.
فضلا على التزين بما تستطيع اقتناءه من العقود والقلائد وأساور الرسغين والدمالج, ثم الأقراط والخلاخيل والخواتم, ودبابيس الشعر وأكاليل الرأس, وما الى ذلك من مصوغات أبدع الصاغة القدماء تشكيل أنواعها الفاخرة أحسن أبداع, بحيث لا زالت مجموعات الفنون ومتاحف الأثار العالمية تفتخر بروعة ماتقتنيه منها حتى الأن .
وتنوعت الثياب النسائية للراقصات , كما تنوعت الحلى , بتنوع العصور والإمكانيات وسوف نكتفى هنا بخطوطها العامة دون تفاصيلها الحرفيه.
فقد شاعت المنسوجات الكتانيه بنوعياتها المختلفة (للنساء والرجال) دون المنسوجات الصوفيه، واستحبت المصرية لثيابها اللون الواحد فى أغلب الأحوال، وفضلت اللون الأبيض الذى يتناسب مع سمرتها أو خمريتها اكثر مما عداه من الألوان , الى جانب نصاعته وسهولة تنظيفه وقليلا مااستحبت من اللون الليمونى , واللون الاحمر أو اللون الأخضر الزاهى وكانت ثيابها فى أغلبها طويلة ولكن أزيائها تنوعت بين الضيقه المحبوكة على الجسد بحيث تجسم مفاتنه وتبرز تقاسيمه الجمالية.
وقد قل ارتداء الراقصات المصريات أثناء الرقص هذا الثوب الأبيض الطويل والسبب فى قلة أرتداء الراقصات لهذا الثوب أثناء الرقص واضح, فهو يعوق الحركات الطليقة, ولا يسمح لهن بالتحرك فى خطوات واسعة أو برفع السيقان عاليا، ولذا ارتدت الراقصات في أيام الدولة القديمة نقب الرجال, وهى عبارة عن قطع مستطيلة من القماش تثبت حول الأرداف وتغطى الوسط حتى الركبتين, فى حين يظل ما فى الجسم أعلى الوسط عاريا, وكذلك أرتداء الراقصات من عهد الدولة القديمة نقبا مفتوحة من الأمام تتدلى منها أشرطة عند الوسط ولم تعرف نقب الرجال كثوب للراقصات فى عهد الدولة الوسطى ،وقد ارتدت الراقصات في عهد الدولة الوسطى فى بعض الأحيان الزى النسائى العادى, على أنه كان يصل أعلى الركبة فقط، أما في الدولة الحديثة فقد كانت ترتدى الراقصات عباءات ضيقه مفتوحة من الأمام, ينطوى أحد طرفيها تحت الطرف الثانى وقد صمم الجزء السلفى منها الذي يصل إلى منتصف الساق على نمط نقب الرجال وكان الزى المعتاد لنساء الدولة الحديثة عبارة عن رداء طويل عريض ذى أكمام قد تتسع أو تضيق وقد صورت تلك الأردية الشفافة بالأكمام الضيقه وقد ارتدتها الراقصات فى بعض المناسبات فى حين نرى راقصات بأردية بدون اكمام وهى تنساب ضيقه من أعلى الجسم حتى الارداف, ثم تنسدل بعد ذلك حتى الأقدام وترتدى الراقصة فى حريم الملك أمنحتب الرابع (اخناتون) ثوبا ضيقاَ بدون أكمام تزينه ثلاث هدابات.
وعلى أيه حال فلم يبلغ شغف الفنانين المصريين بإظهار مواضع الفتنه فى النساء حد الأسفاف, ولم يتجاوزه إلى كشف مواضع العفه للآنثى إلا فى القليل النادر وفيما يختص بالجوارى والراقصات لاسيما خلال فترات التحرر التى كانت تنتاب المجتمع من حين إلى أخر وقد استشهدنا لهذا بأربع لوحات راقصة بمقبرة بنى حسن
3- بينما صورت ثالثتها جواريها ينثين فى دلال بملابس نصفية هفهافه تكشف عما تحتها
4- وصورت الرابعة جواريها عاريان تماما ترفع الواحدة منهن ساقها العادية حتى مستوى بطنها أو حتى تلامس بها كتف الراقصة الأخرى الواقفه بجانبها
وكان لتصفيف الشعر عند نساء الدولة القديمة والوسطى هو قص أطراف الشعر ليكتسب طولا موحداَ, ثم تمشيطه إلى اسفل ثم جمعه فى ضفيرتين رفيعتين تتدليان من الكتف إلى الصدر وثالثة اخرى عريضه تغطى أعلى الظهر.
وقد اعتادت الراقصات فى عهد الدولة القديمة قص شعرهن أو اطالتة, ثم أخفاءه تحت غطاء محكم للرأس ويمكن ملاحظة استمرار هذه الطريقة فى تصفيف الشعر فى عهد الدولة الحديثة.
وقد مثلت راقصات من الدولة الوسطى ومن الدولة الحديثة بشعر ممشط إلى الخلف وقد جمع فى ضفائر مزوده فى نهايتها بشرابات.
وكان تصفيف الشعر فى عهد الدوله الحديثة, مثله كمثل الزى سريع التأثير بتغير (الموضة), التي كانت الراقصات المصرية بمثابة خادماتها المطيعات, وقد صففت الراقصات فى لوحة لعبة الرياح الأربعة "فى مقبره بنى حسن شعرهن تصفيفا مميزا إذ جمع الشعر على شكل معين أعطاه منظر تاج الوجه القبلى.
ولما كانت المرأة المصرية مغرمة بالتزين بالحلى, فقد كان من الطبيعى ألا تمارس الراقصات الرقص بدونها, وكانت أهم الحلى الشائعة العقود الرفيعة والعريضة الزاهية الألوان.
كذلك تحلت الراقصات بأساور فى أزرعهن وحول أقدامهن. وقد استعملت الراقصات فى عهد الدولة الحديثة كذلك الأقراط. وفى عصر الدولة القديمة فقط. كانت الراقصات يضعن أحيانا أشرطة حول صدورهن أو حول رقابهن ونجد الشرائط وقلائد الزهور تزين رؤوس الراقصات فى أيام الدولة القديمة ولكن في الدولة الحديثة فكان الفتيات يضعن أمشاطاَ على شعرهن كالعازفات على الجنك والكنارة وبالمزمار.
وكثيرا ما وضعت الفتيات زهوراَ فى شعرهن وكان زهرة اللوتس أحب تلك الزهور اليهن. ومن وسائل الزينة- التى قد تبدو غريبة على ذوقنا الأن ذلك المخروط المصنوع من ماده شبة دهنية مشبعة بالعطور والذى يثبت أعلى الرأس, حتى إذا ماذاب الشحم إنساب على الشعر والملبس فيزكى رائحتها. وقد أستعملت راقصات الدولة الحديثة مثل هذه المخاريط.
وبالنسبة لملابس الراقصون الرجال فكان يظهر أغلب المصريين القدامى فى مناظر وتماثيل المقابر عراة الصدر والساقين أحيانا, ويرتدون نقبة كتانية قد تكون قصيرة تمتد من تحت السرة إلى منتصف الفخذ فوق الراكبة, أو تكون طويلة نوعا تمتد من أسفل الخصر حتى مافوق العرقوبين وتتنوع طرز وتفاصيل هذه النقبة, من حيث سمك نسيجها وحبكتها أو أتساعها وعدد طياتها, وتفاصيل زخارفها ونوعية أحزمتها ومشابكها.
وقد ارتدى الراقصون في مصر القديمة غالباَ الزى العادى للرجال, وهو عبارة عن نقبة بسيطة وفى الدولة الوسطى أرتدوا نقبا مقوسه الحافة من الأمام . وقد استعمل الراقصون الممثلون أحزمة وشرائط متدلية كذلك كان الراقصون اليافعون الذين يمارسون الرقص الجنائزى الطقسى فى عهد الدولة الحديثة عراة تقريبا ومع شئ من التجوز لا بأس به عند مقارنة كلا هذين الوضعين الاستثنائيين بما لا زال بعض الافراد من الأفارقة والآسيويين بل والاسكتلنديين البريطانيين أيضاَ, يستحبون أن يظهروا به من ملابس تقليدية قديمة (مثل الجونلة المخططة) خلال مناسباتهم القومية.
وكان الراقصون يقص شعرهم, ولكنهم يضعون فى بعض الأحيان أغطية محكمة فوق رؤوسهم، وكان الراقصين الذين يؤدون رقصات الأقزام يضعون على رؤسهم تيجانا مضفورة من البوص أو النخيل على تاج الوجه القبلى الأبيض. وهى تشبة إلى حد كبير بما لا يقل كثيراَ عن تعدد أصنافها لدى النساء ولم يقتصر تكحيل العيون على النساء وحدهن وأنما أخذ به بعض الرجال وخصوصا الراقصون ولكن بصوره مخففة ويبدو أنهم كانوا يجدون فيه وقاية للعين من أذى الذباب وبعض أنواع الرمد فضلا عن غرض التجميل الخفيف.
ويبدو أن المصريين كانوا أقل أهتماما بالحلى من زميلاتهم الراقصات، فنرى في بعض الصور أساور تحيط بالأرجل ونرى عقودا يرتديها الرجال, كما يتحلى الراقصون بأشرطة حول صدورهم وحول رؤوسهم أيضاَ في المناسبات والاحتفالات الرسمية.
وكانوا أيضا مهتمين بالزهور وافتتنوا برونقها, فكانوا يزينون بها شعورهم أحيانا, ويتهادون بها, ويخرجون بها فى المواكب والأعياد, بل ويزينون بها موائد الطعام وقرابين الموتى والمعبودات.
المصدر / كتاب تاريخ الموسيقى و الرقص بقلم /ا.د خيرى رمضان ، ا.د شريف بهادراكاديمية الفنون
ساحة النقاش