شوارع قاهرتى ..... ما هى ؟ البنايات العتيقة ، الارصفة ، نهر الطريق .....
وجوه البشر السائرون و الجالسون على المقاهى و الملتصقين بالنواصى النائمون فوق ارائك السيارات ام الصخب المتكرر لعربات تجرها الخيول و موديلات السيارات القديمة و الحديثة ...؟ اهى الوان الباصات الترام و التروللى باص و المترو .... و رائحة الميكروباص و شقاوة التوكتوك ..... ؟ ربما ثقافة الزحام اغرت انوبيس للتنزه خارج مقابر طيبه ليلا .......
- تداخل المرئى و لا مرئى بقاهرة المعز ... تأتى سحابة سوداء مجهولة المنشأ تبحث عن سخرية بيرم التونسى و المتنبى و تدخل عوالم نجيب محفوظ و تحن لشجن سيد مكاوى و ثورية درويش نستيقظ على هتافات ثورة القاهرة الاولى و الثانية ايام نابليون ....و يا خفى الالطاف نجنا ممن نخاف و فى بيت القاضى نسترق السمع لبيعه محمد على و نربت على كتف الشيخ عمر مكرم ... و فى شوارع القلعة الضيقة يعلن المنادى بصوته الجمهورى عن وليمة للماليك تنتهى بذبحهم .... و يقفز مراد بك من نافذة القلعة الحجرية ... و يموت جواده واقفا كاشجار السنط النيلية .... سحابة متربه بالشارع تعلن خروج ابراهيم باشا بجيش جرار الى "رأس محمد" ليأتي لمصر بأربعة عشر نصرا ... و فى هذا المكان يقف احمد عرابى معلنا الكرامة الثورية و يتربص الفدائيين خلف نواصى كل الشوارع .... يقفز المجنون الاخضر خارج لوحات الجزار مهرولا فى دروب السيدة زينب و الحسين و باب الشعرية ... مخلفا وراءه اتربة رمادية ..... و بعد فترة يسقط البطل مصطفى كامل داخل لوحات حامد ندا .... تحترق المسافر خانة .... بعد ان اتم رسمها زهران سلامة و فى نفس الشارع تاتى لنا اصوات المرأة المصرية فى ثورة 1919 لينتهى بكوبرى عباس المفتوح .... ليصبح فى بيتنا رجل و تأتى شوارع 52،56 و فى 1967 و نشاهد لاول مرة المناديل الصفراء تمسح دموع جنودنا الجالسين فوق دبابة حزينة امام بيت الزعيم ... الشوارع تصرخ ست سنوات حنحارب حنحارب .... و ياتى عبور 73 و مازال المجنون الاخضر يهرول فى شوارع القاهرة العتيقة ... معلنا الانفتاح و نهاية الاحزان و يبشر بعرض كل انواع الشيكولاته و الكريمات على ارصفة الشوارع ..... و على الرصيف المقابل يحتشد انوبيس و حتحور و سخمت لقراءة الطالع للناس الطيبين .
- و بعد فترة الظهر شوارع موازية لها بوابات دخول و خروج .... هوائها بارد .... ليست سحابة سوداء او ذباب او كلاب ضالة او بائعى مناديل فى الاشارات المرورية .... هى شوارع افتراضية بها كل شىء ديجتال و متاح .... جلسات حب و غرام و صفقات من كل جنس و العاب و اجهزة الكترونية و تزحلق على الجليد .... ملابس و اكسسورات من خارج الحدود طعام و شراب سابق التجهيز .... مصاعد شفافة سلالم كهربائية ... و طرقاتها بسيور متحركة .... موسيقى حالمة و يتحرك الناس كراقصى الباليه ... يختفى الصخب ... لا تذهب للاشياء ... الاشياء تأتى لك بمجرد التفكير فيها .... عالم اثيرى شبه خيالى .... يتناص مع الشوارع الخارجية المفعمة بالحيوية و الضوضاء .
** و سألت نفسى ببراءة الاطفال .... ايهما احب لى .... شوارع قاهرتى القديمة ... ام الشوارع الافتراضية الموازية و مازالت فى حيرة الاختيار و تأمل لوحاتى لعام 2009 .
بهذه الكلمات افتتح الفنان التشكيلى ا.د / مصطفى يحيى معرضه " شوارع افتراضية " بالمسرح الكبير بدار الاوبرا يوم الثلاثاء الموافق 15 ديسمبر 2009،مشيرا ان الهدف الاساسى من هذا المعرض هو عرض نماذج من الشوارع الافتراضية و التى رغم قلتها و غراباتها الا انها موجوده بشكل واقعى داخل مجتمعنا فداخل افخم المولات اصبحت تقام الافراح و المناسبات الشعبية، حتى داخل المحلات نجد ان المعروضات قد تنوعت ما بين منتجات " فرعونية ، شعبية ، مودرن ،..... " فلقد اختلطت الاذواق و اندمجت معا حتى اصبحنا لا نجد غرابة فى تقبلها معا...
و حول حرص الفنان التشكيلى د/ مصطفى يحيى على استخدام بعض التيمات" النماذج" الشعبية فى لوحاته مثل استخدام "الحرباء" كرمز شعبي يدل على المراة و تحولها من لون الى اخر لتتكيف مع المجتمع و"المكواة" إلى تدل على السيطرة و السخرة ، و غيرها من التيمات الشعبية مؤكدا ان التراث الشعبى بنماذجه المتعددة لم و لن يختفى من حياتنا و سوف يظل موجود بقوة مشيرا انه حتى و مع غزو الانترنت و التكنولوجيا الديجتال لحياتنا الا ان هذه النماذج لم تختفى بل اعيد استخدامها فى حياتنا بشكل معاصر مما دفع الفنان الى استخدامها على جانب أخر، استخدمت النماذج الفرعونية فقد تناولها الفنان وفقا لقيمتها الرمزية المتوارثة و التي يتفاعل معها المتلقي بمجرد رؤيتها مثل الاله حتحور و الاله انوبيس الذي تميز في المعتقدات القديمة بأنه يحمى المقابر و غيرها من من النماذج الفرعونية.......
و فيما يتعلق بحرص الفنان د/ مصطفى يحيى على أظهار بعدا سياسيا من خلال لوحاته اشار ان السياسة اصبحت جزء لا يتجزأ من حديث الشارع المصرى بكل فئاته لذلك كان لابد ان يرمز اليها فى لوحاته و ليس السياسة وحدهاهى التى حرص الفنان على الاشارة اليها بل عمل على ابراز العديد من الاحداث الهامة التى مرت على الشارع المصرى و كانت محور حديثه فى الفترة الاخيرة مثل " مباراة مصر و الجزائر، انفلونزا الطيور، انفلونزا الخنازير .... و غيرها من الأحداث التي تدل على معايشته للواقع الاجتماعي و السياسي في المجتمع....
و اخيرا اوضح الفنان ان هذا المعرض و الذى ضم 47 لوحة قد استغرق عام كامل حتى يظهر الى النور مشيرا ان فكرة اللوحة لا تكتمل دائما فى رأسه بل يشرع فى رسم اللوحه بافكار مبدئية و كلما تتوافد الى ذهنه الافكار يسعى الى تطبيقها فلوحاته كلها تعتمد على الالهام و على ما يطرأ من احداث فى الواقع المصرى و لذلك جاء معرضه الأخير " شوارع افتراضيه " معبرا عن ذلك
السيرة الذاتية للفنان ..... ا.د/ مصطفى يحيى من مواليد القاهرة 1948بكالوريوس التربية الفنية جامعة حلوان 1971 ماجستير النقد التشكيلى اكاديمية الفنون 1976،دكتوراه النقد التشكيلى اكاديمية الفنون 1981، رئيس النقد التربية الفنية بكلية اعداد المعلمين ( الرس – القنفذة ) بالمملكة العربية السعودية حتى 1991،رئيس قسم النقد التشكيلى بالمعهد العالى للنقد الفنى و عضو مؤسس لجمعية خريجى المعهد العالى للنقد الفنى و عضو اتحاد الفنانين و الكتاب ، رئيس مجلس ادارة خريجى النقد الفنى ، عضو شعب المجلس الاعلى للثقافة و العديد من اللجان النقدية و الفنية، اقام العديد من المعارض الخاصة منها "معرض بالمركز الثقافى الفرنسى بمصر الجديدة ، معرض قاعة قرطبة بالمهندسين،معرض باتيلية القاهرة ، معرض مجمع الفنون بالزمالك،معرض ساقية الصاوى بالزمالك،معرض باتيليه جدة للفنون بالمملكة العربيه السعودية و معرض بدولة الامارات، معرض بدولة ابو ظبى و معرض ببلغاريا، معرض المملكة الاردنية الهاشمية ،معرض محكى القلعة كما كان له العديد من المؤلفات منها على سبيل العرض " كتاب التذوق الفنى و السينما، كتاب دراما اللوحة،كتاب القيم التشكيلية قبل و بعد التعبيرية،نقد الفنون التشكيلية و غيرها كثير ....
التغطية الاخبارية / وسام سعدالمركز الاعلامى اكاديمية الفنون
ساحة النقاش