بناء الجديد على انقاض القديم!!

التزمت بتفكيك كل أشكال التشدد أثناء المقاربة النقدية

مقاصد النقد وأهدافه في تلقى التجريب المسرحي لا يمكن إثارة موضوع النقد المسرحي المصري لمعرفة توجهاته الجديدة ومناحيه الأكثر حضوراً في نزوعه نحو الوصول إلى حالة التناغم مع حركية القراءة المبدعة للمسرح المصري، إلا بالتعرف على مستويات التفاعل المتبصر والواعي مع مدارس النقد الجديد في الغرب واستحضار تجاربه المتميزة في إنتاج الخطاب النقدي ومساهمته بكل إصرار وطموح فى ترجمة الحصيلة المعرفية لما وصل إليه الغرب من بدائل في الدرس النقدي ومناهجه وما بلغ اليه من معرفة بالنقد أثناء قراءة التجارب المسرحية وتقديم إشكالاتها بطرق سليمة تساعد على منح الدلالات المسرحية معانيها بثقافة القراءة والتحليل وتركيب قضايا الواقع بخطاب نقد له درايته وله علمه بالتجارب المسرحية وله معرفته الدقيقة بآخر صيحات وموجات التجريب المسرحي في هذا الغرب بكل ما ينطوي عليه من جديد وبكل ما يقدمه من نتائج يدبج أسسها وقواعدها بنظريات تصير – بعد تجريبها – ملكاً للثقافة العالمية ويقدمها كتجارب صارت لها قدرتها على فتح باب المعرفة على مصراعيه بكفايات تصل إلى مقاربة هذه التحول وقد صار يمثل العمر الإبداعي للطفرة النوعية التي راهنت بها الدكتورة نهاد صليحة فى هذا النقد – مع الجيل النابه الذى رافقها في مسيرتها – على الاندماج مع هذه الثقافة والتعرف على معانيها وفى الآن نفسه الانفصال عنها بعد ترجمتها الى فعل قرائي يجرب معرفته بمعرفتها في مقاربة التجريب المسرحي في العالم وفى مصر ويجرب ترجمة فهمه إلى حوار بين الثقافات والفنون وتاريخ نظريات المسرح القديمة التي ترفضها بعد الاطلاع على متحفيتها وتقبل منها المستحدثة التي تأخذ منها قوتها المعرفية لتغيير ما يمكن تغييره من ممارسات قرائية في تلقى العرض المسرحي.

والقيمة الرمزية للناقدة نهاد صليحة في الاتصال بهذه المعرفة وفى هذا الانفصال عنها لا تتعلق بتأثيرها في العملية النقدية الأدبية، والفنية فى مصر فقط – بل يصل هذا التأثير إلى الوطن العربى، بحكم ما تحمله هذه القيمة من مظاهر البحث فى اشكاليات الفنون، وما ترسمه من أبعاد البعد الجديد والمغايرة للممارسة القرائية للمسرح، معها صارت فاعلة فى إنتاج معنى القراءة، والنقد ، والتلقى المسرحى مع كوكبة من العارفات بأصول هذا النقد ومصطلحاته، ومفاهىمها الجديدة فى مصر، من بينهن الناقدات فاطمة موسى، ومنحة البطراوى، وصافىناز كاظم وعبلة روينى، وآمال بكير، وسامية أسعد، وهدى وصفى، وسامية حبيب، وذلك بعد أن امتلكت مثلهن القدرة على تمثل فعالية أدوات التحليل و الفهم، فقدمت نظريات النقد إ لى المتلقى العربى، وضبطت آليات اشتغال بنيات ودلالات العملية المسرحية فى وجود النص والعرض أساساً، وفى كل مستويات الفرجة ومن هنا أصبحت هذه القيمة محفزاً معرفياً لها على إنجاز قراءة الجديد بجديد هذه الأدوات، وأصبحت تفصح عن ذكر أسرار العرض، وتبوح بما سكت عن ذكره النص المكتوب أو على وجه التحديد نص العرض، بجرأة قوامها تأسيس التوجه الجديد فى القراءة العارفة التى تعرف كيف تفهم، وكيف تقرأ، وكيف تسير مع انبساط هذا النص، أو وجوده فى منعرجات التركيبات النسقية التى تكون بنياته للوصول به إلى خارج حدود التنميط القسرى الذى يصادر منه شعريته فى التعبير والتصور والهدم ثم البناء وذلك بدعوى هدم كل الضرورات الملزمة للمتلقى القارئ الملزوم بإتباع القراءة النموذجية التى تعيد ما حبره قراء ونقاد آخرون فى خطاب النقد الذى لا يصل مستواه عند بعضهم إلى فهم البنيات العميقة فى الكتابة النصية بعلامات النص والفرجة ولا يقارب بمعرفته العميقة السياقات، ولا يدرك ضوابط الشروط الخاصة والعامة التى تحكم العملية الإبداعية التى تقبل مؤقتاً ما تستجمعه من معارف لتتمرد بعدها على هذه الثقافة اثناء توليد تصورات ومفاهيم أخرى تستجيب لطبيعة وظروف المبدع وظروف وملابسات الوضع الثقافى فى مصر. والناقدة نهاد صليحة بمثل هذه المعرفة الموروثة من ثقافتها العربية والمكتسبة عندها من الغرب وبفضل درايتها بأسرار لغة الترجمة وما تحمله من معارف وما تقدمه من أبحاث ومدارس وتيارات أدبية وفنية تريد أن تتصدى لكا أشكال التجريب العارم بجعل معرفتها وترجماتها قناة حقيقية تنقل بها المعرفة والمناهج وتعرف بشعريات النظريات المسرحية وتنقلها الى السياق الثقافى العربى وتقرب المتلقي المصري من خلاصات وتمظهرات التجريب المسرحي فى الغرب وبها تنوع معرفتها لتنوع خبرات هذا المتلقي ودرايته بأسرار اللعبة المسرحية وبها تسير بمعاني القراءة الى المفاهيم التى تدعمها بمرجعيات تغيب أثناء وبعد ممارسة فعل هذه القراءة وتوظفها فى تحريك رؤيتها وبنائها بالشكل السليم والمرن والفاهم أثناء القراءة حتى لا تصير هذه القراءة إعادة لما قيل أو تصير نظريات لا تتكلم عن النص أو قضايا المسرح العربى، بقدر ما تتكلم بما تقدمه هذه النظريات من أفكار بعيداً عن معنى العرض أو معنى الأطروحة العصية المراد فهمها وتوظيفها فى السياق العربى وهى المفارقة التى عملت على تجاوزها بعد أن أخذت من المعرفة والفهم ما به فعلت حيوية القراءة لأنها تعتبر هذه النظريات ومهما اختلفت مصادرها وتوجهاتها – عبارة عن مكتسبات تحفز على التفاعل بين الأفكار وتعدها وسيلة من بين وسائل المقاربة النقدية وليست غاية فى حد ذاتها وليست هدفاً محدداً لا يمكن التمسك بغيره من الأهداف هذه النظريات فى نظرها تمثل مفاتيح الابداع وليست اقفالاً للتخييل وهى فى نفس الآن تبقى عوامل مساعدة تعين على الكشف عن حياة المتخيل فى فنون هذا الابداع الفرجوى، وليس نظرية تحتل مكان هذه الحياة أو تصبح بديلاً عن شعرية الدراما أو تصير خلفاً لعوالمها. لأن الإبداع يبقى هو عالم التخييل والنظرية النقدية تبقى أدوات إجرائية تغادر قوتها الدلالية لتتحول الى شريك للإبداع فى إبداع ما خفى فى ذاته وفى علاماته.

علمياً فالمعرفة بهذه المناهج – فى منظور الناقدة نهاد صليحة ليست موضع خلاف بين المشتغلين بالنقد لأنها المعرفة المزدهرة فى الحياة النقدية الجديدة بكل أبعادها وحيويتها فى فعالية التعامل مع النظرية النقدية بعد فهمها وتوظيفها لفهم معانى التجريب المسرحى وبتشغيلها أثناء تتبع حيوات العرض وعوالمه وجرأته كسرت كل القيود التى تطوق انطلاقة أبعاد العرض الدلالية أو تحول بين حريته وبين الافصاح عن معانيه، والتزمت بتفكيك كل أشكال التشدد أثناء المقاربة النقدية التى بنت عليها جرأتها أثناء المقاربات النقدية وأثناء بناء الجديد على أنقاض القديم وتشييد حديثها على حداثة البنيات والرؤى الحالمة أو الواقعية أو السريالية.

بهذه المعرفة تميزت قراءة المسرح المصرى فى كتابها "المسرح بين النص والعرض" بمقاربة العرض المسرحى المصرى وفى كتابها "المسرح بين الحياة والفن" عملت على فك غموض معنى التجريب المسرحى فى بعديه النظرى والتطبيقى وضبطت حدود التفاعل فى هذا التجريب هل هى  فى التميز والاختلاف أم فى التبعية والتقليد؟ وتطرقت إلى موضوع تجليات التجريب المسرحى فى صورته العربية وأثناء الحديث عن التجريب تناولت – بجرأة موضوع المسرح بين التهميش والتحريم وتناولت مسالة التجريب بين الحرية والتبعية ومسألة الجسد فى الواقع والمسرح بين الضحك والكوميديا والمسرح بين الأصالة والتجديد ومسألة ترجمة النص المسرحى وهى فى هذا التناول النقدى لإشكاليات المسرح والحياة تمنح للنقد المسرحى المصرى إمكانات قراءة معنى التصورات التى يقدمها النقد الجديد فى قراءة الواقع الثقافى والنقدى والسياسى والمؤسساتى فى مصر، كما أنها تحدد موضوع المسرح المصرى لتضعه فى مختبر التحليل النقدى لفهم العرض المسرحى المصرى الذى أثار النقاش حول بنياته ودلالاته التجريبية كما أنها أرادت الوصول بفهمها إلى ما يريد إبلاغه هذا العرض من قضايا مصرية تمثل القوة الدلالية الكامنة وراء قوته الدرامية التجريبية.

فكيف يفصح العرض المصرى عن دلالاته فى مختبر التحليل النقدى عند الدكتورة نهاد صليحة؟

وكيف تدافع الناقدة نهاد صليحة عن منهجها فى النقد أثناء قراءة العرض المسرحى دون التفريط فى أصول المسرح والدراما؟

المسرح المصري فى مختبر نظرية العرض المسرحي تتمسك الناقدة نهاد صليحة بعرى القناعات المتمردة فى اختياراتها على مقاربة البعد الواحد فى النص أو العرض المسرحى وتثبت الذاتية والذوقية والمعرفة بأصول المسرح والدراما ونظرية العرض المسرحى وتدافع على أصول وقواعد المناهج الجديدة فى النقد وكانت كلما اقتربت من عمق هذه الاصول فى قراءة العرض المسرحى المصرى إلا وتريد أن تتريث فى تطبيق القواعد حرفياً أو تقليداً أو تمشياً مع موضة التجديد، دون مراعاة شرط التمثل والفهم لأن أزمنة النظريات الأدبية والنقدية فى هذا التريث موصولة الصلة الى خصوصيات ثقافية مصرية محددة تريد أن تطبع فهمها لهذه النظرية بميسمها الخاص وتطبق نظرية العرض المسرحى على قراءة العرض المسرحى برؤيتها الخاصة وترسم لأسلوبها معنى الاختلاف وتفرق بين السرعة المتأنية والتسرع المتهور فى تقبل واستقبال هذه المعرفة النظرية فتعطى لعنصر الزمن أهميته فى معرفة الضرويات التى يفرضها التاريخ العربى المحكوم بحتمية الخروج من أزمنة التخلف والمحكوم بالرهان على الحداثة ويتطلع الى زمن ما بعد الحداثة فى الإبداع تحقيقاً للتطور والتقدم المنشودين، تمشياً مع السرعة المتأنية المطلوبة التى لا تجافى هذه الضروريات ولا تعاديها ولا تقصيها.

إن السرعة المتأنية عند الناقدة نهاد صليحة هى الرغبة فى الوصول إلى النتائج المرجوة من التطور بعد وضع الأسس المتينة للثقافة المرجوة للمجتمع العربى، وهذه السرعة تبقى رهينة الزمن وصيرورته ورهن التاريخ العربي حاضراً ومستقبلاً داخل السيرورة الثقافية العربية تقدماً أو انحساراً حفاظاً على الهوية، أو ذوبانها فى الآخر أما التسرع فهو محكوم عندها بغموض النتائج ولبس الزمن ومحكوم بعشوائية الاختيارات ومحكوم حتمياً بفشل التجربة التى تريد الوصول الى معانى التاريخ والحضارة بلهفة مجنونة ورغبة عمياء دون عقلانية متبصرة حكيمة تضبط إيقاع السير بهذه السرعة لالتحاق بالركب الحضاري الإنساني دون التفريط بهذا التسرع في الرهانات الحقيقية لبناء حداثة المستقبل العربي.

إن عدم التغير فى الثقافة يصير بلا معنى حتى تصبح هذه الثقافة مبنية على اختيارات التسرع العشوائي، وتبقى حبيسة هذا المأزق، وتصبح بذلك نسخة لنسخ بدون أصل، فى حين أن ما تريده الناقدة نهاد صليحة من المسير الثقافى الحقيقي المصري هو الققافة الحيوية الجديدة بالمعنى الثقافى الذى يصون بأصله العربى أصالته الثقافية فى العالم المتحول، ويحافظ على هذا الأصل، ويطوره، دون إغراقه فى مستوردات نظرية جاهزة تنقضى فعاليتها بانقضاء تاريخ صلاحية استعمالها أثناء استخدام أصول غير الأصول العربية الثقافية.

ومن فهمها لعمق العراك بين التيارات الفكرية العديدة التى تخترق مجال الثقافة المسرحية العربية فى الوطن العربي بهذه النظريات, ومن اعترافها بجدوى المحاولات المتعددة لكثير من النقاد، والمفكرين، والأدباء فى مصر، فى فرض دلالاتهم الخاصة على مفهوم " الأصالة" فى علاقتها بقضية المعاصرة، وقضية التأثير الثقافى، أو ما تسميه بالغزو الثقافى فى ظل العولمة، أرادت أن تقدم موقفها من هذا التغير اعتمادا على التوكيد على أن المسرح بهذه الأصالة ، يبقي نشاطا جماعيا- أيضا- فى مرحلة الإعداد، والتنفيذ، وهو نشاط جماعى- أيضا- فى مرحلة التلقى ، لهذا وجدت أن قضية الأصالة تمثل المفتاح السحرى لفهم ما يدور فى الساحة المسرحية المصرية من أشكال تجريب كلها تسعى إلى ان تكون الضابط القوي للسرعة التى بها تصبح الأساليب العربية الحديثة جزء لا يتجزأ من نسيج مسرحى صميم ترقى به الإبداعية المصرية العربية فى مجال الدراما فكريا لتغدو فنا عالميا.

وبين هذه السرعة المتبصرة التي تسير في الزمان وفى المكان، كسير ينمى القدرة على استشراف افاق التجربة الثقافية، والنقدية العربية، وبين التسرع الاستهلاكي الذى يغمض عيون المتلقي على رؤية الذات، وفهم الآخر، وإدراك نوعية العلاقات السائدة فى العالم، تريد الناقد نهاد صليحة، الوصول بالسرعة الواعية بقنوات التواصل إلى ضمان السير المعرفي السليم للوصول إلى أفق المعنى، أو بلوغ المعاني التي لا يصل إليها النقد المثقف، والتلقي المثقف، إلا بتوفر شرط المهارة، والحذق، والفهم، والقدرة على إنجاز معانى هذا الفهم في معانى النقد، وفهم معانى الخطابات والعلامات المتداخلة، والمتجاورة ، والمتقاطعة، التي تكون فى متخيل التجريب المسرحي القدرة الممكنة التي تتمرد على الواقع الفني، وتتمرد على الجماليات المحنطة، كما أحدثت ذلك الثورة الحداثية التي تحدث في المجتمع الثقافي والفني الغربي.

وترى أن هذه السرعة في التحديث هي التي تصلح ما أفسده التكرار، وشوهه التقليد ، وحنطه الجمود الفكري، وقتلته الانغلاقية المميتة، ومعنى هذا أن التحديث هو الذى يهدم أركان كل ما قام على باطل، وهو ما لمسته في تمظهرات النقد المسرحي وتحولاته في مصر حين أكدت ذلك بقولها:( لقد بدأ النقد لمسرحي يصلح من مساره، ويجتهد فى تحليل العرض المسرح. بقدر اجتهاد فى تحليل النص- ويهتم بإبداع المخرج- وفناني العرض مثل اهتمامه بإبداع المؤلف، بل يرصد الجدل، والتراسل، والحوار بين النص والعرض، وما يثمره ذلك من تنوع، وثراء فى دلالات التجربة المسرحية وجوانبها الجمالية).

هذا جعلها تتبنى بفهم عميق وموضوعى – نظريات التلقى المسرحى وشعرياته وتتبنى نظريات العرض المسرحى ومداراته وتعى الفروقات بين الممارسة النقدية التى كانت تركز على النص الأدبى الدرامى المكتوب وبين أشكال تلقى المسرح فى شعريات النظرية التواصلية وتدرك الفرق بين نقود كانت لا تعطى الأهمية للمكونات الأخرى للمسرح بعد إنجازه كنشاط إبداعى جماعى أثناء التواصل مع المتلقى كمكمل للعملية التواصلية وتلق يتبنى نظريات التلقى اعتماداً على رولان بارت وإيزر وياوس وباتريس بافيس وآن أوبيرسفيلد...

وعلى الرغم من اختلاف منظور كل ناقد من هؤلاء فى تلقى بهاء وجماليات المسرح فإن التلقى المسرحى صار عالماً من العوالم التى تستدعى نوعاً جديداً من تلقى المسرح وصار محكوماً برد القيمة إلى بنيات النص وعلاماته والتفريق بين التلقى الضمنى والناقد المفترض والناقد المبدع الذى يشارك فى إبداع نص العرض بإبداع نص التلقى وفى هذا المضمار تتحدث الناقدة نهاد صليحة عن هذه الثورة التى حققها زمن التلقى الجديد فى أزمنة التلقى المسرحي العربي وتعتبره تجاوزاً لكل أشكال المقاربات النقدية فتقول : (إن التطرق إلى مناقشة التلقى يمثل فى تصوري مشروع ثورة ضد سلطوية المؤسسات الأدبية والفنية والنقدية والأكاديمية بل والسياسية والتراثية أيضاً أى المؤسسات التي تبنى فرضية ثبات المعنى وخلوده والتي يتسيد فيها النص الموروث الحقيقة التاريخية والتفاعلات الاجتماعية إنها ثورة تجادل الحق المطلق للمؤسسات فى إعطاء المعنى وتحديده وإرساء القيم، وتنقل هذا إلى المتلقى/ المواطن القابع فى ظلام تجهيل الهوية فى ساحات الفعل "المسرحى/ الاجتماعى" وذلك بغية أن يتحول من متفرج سلبى إلى مشارك فى صنع المعنى ومؤسس إيجابى "للعرض/ الفعل" معرفياً وجمالياً وإلى واضع القيمة فى نسبتها التاريخية المتحولة دوماً.

وبهذا التوجه الجديد فى تلقى العرض المسرحى المصرى والعالمى أعلنت الناقدة نهاد صليحة عن أسباب تبنى هذا المسير الثورى وأعلنت عن كيفية تطبيقه على المسرح المصرى لتنتقل بتلقيها المبدع للعرض المسرحى إلى زمن التلقى المشارك فى إبداع هذا العرض اعتماداً على قراءة نصوص العديد من الكتاب الذين كانوا وراء تطوير أساليب تأصيل معانى المسرح المصرى مثل ألفريد فرج، ويوسف إدريس، ومحمود دياب، ورأفت الدويرى، وعبد العزيز حمودة، وفوزى فهمى، واعتمادا أيضا على نتاجات مبدعين لزمن العرض المسرحى تحدثت عنهم بحب ممزوج بقراءة عاشقة لتجاربهم فى كتابها "المسرح بين النص والعرض وقدمت قراءتها للنصوص التى تحولت بفضل إبداعاتهم إلى عروض خرجت على النمطية فى تطويق العمل الجماعى فى عمل المخرج وحده دون الالتفات الى جماعية العمل الفنى ومشاركة مختلف التخصصات التى تنسجم فى بنية نص العرض ومن بين هذه المسرحيات / العروض:

تحت الأرض "تأليف محمد سلماوى وإخراج فهمى الخولى".

"ابن الكلب" تأليف عبد العزيز حمودة إخراج أحمد زكى.

"دماء على ستار الكعبة" تأليف فاروق جويدة، إخراج هانى مطاوع.

"الملك هو الملك" تأليف سعد الله ونوس، إخراج مراد منير.

"عفريت لكل مواطن" تأليف لينين الرملى، إخراج محمد أبو داود.

"أهلا يا بكوات" تأليف لينين الرملى، إخراج عصام السيد.

"سالومى" تأليف محمد سلماوى، إخراج فهمى الخولى.

"الغربان" تأليف محمد عنانى، إخراج كمال الدين حسين.

"انقلاب" اعداد جلال الشرقاوى من خلال أشعار صلاح جاهين إخراج جلال الشرقاوى.

"القاهرة 80" إعداد السيد طليب وسمير العصفوري، عن رواية "قتل الزعيم" للروائى نجيب محفوظ ، إخراج سمير العصفوري.

"عصفور الجنة" تأليف بيومي قنديل، إخراج الدكتور محمد عبد المعطى.

"أوبريت الشحاذين" إعداد عزت عبد الوهاب عن برتولد بريخت "أوبرا الثلاث بنسات" إخراج عبد الرحمن الشافعي.

"الحادثة" تأليف لينين الرملي (عن رواية "جامع الفراشات" للكاتب البريطانى جون روبرت فاولز) إخراج عصام السيد.

"سجن النساء" تأليف فتحية العسال إخراج الدكتور عادل هاشم.

وأبانت الناقدة نهاد صليحة فى قراءتها لهذه العروض عن إلمام وإدراك عميقين لطبيعة التكوين الدلالي والعلاماتى والاجتماعي لهذه العروض، وكشفت عن عمق متابعة حيثية للتجربة المسرحية المصرية فى تجربة إبداع العرض المسرحي، ولم تتحدث فقط عن المؤلفين والمخرجين، بل تحدثت على العمل الجماعي الذى كان وراء إنجازه مصممو الديكور، ومؤلفو الموسيقى التصويرية الدرامية ومصممو الزى المسرحي ومصممو الرقصات وتحدثت عن مساهمة المؤسسة المنتجة للعرض، وأشارت إلى تاريخ ومكان تقديمه، وهى فى هذه القراءة المتفحصة الشاملة أرادت أن تكون وفيه للمناهج الذى اتبعته لتحقيق الأهداف التالية:

تثوير مناهج النقد المسرحي وتحريرها من تبعيتها للأدب من خلال عملها التطبيقي.

العمل بهذا التطبيق للمناهج الجديدة على تغيير مسيرات النقد العربي الحديث والدخول به فى أزمنة ما بعد الحداثة أو ما بعد البنيوية والتي ولد في رحمها النقد التفكيكى ونظرية التلقى أو ما تسميه الناقدة نظرية الاستقبال حسب الترجمة التي تقدمها للمصطلح.

الدعوة الى عدم البقاء فى عزلة آمنة بعيدة عن الفكر النقدي المعاصر.

وهى بهذا الإنجاز القرائي الإبداعي تكون قد وضعت سؤال المعرفة النقدية ووضعت هوية المجتمع المصري في سياق قرائي جديد مبررة هذا الاختيار بتبنى معان جديدة ترتبط برهانات جديدة تروم بها أن يمتلك النقد المسرحي العربى فهماً بديلاً عن الفهم السائد فى الممارسة النقدية تثويراً أولا لمستوى فهم الواقع المصري وثانياً يكون فهماً أكثر عمقاً لشعرية ودرامية الدراما أثناء تجريب أدوات إجرائية جديدة تكون أكثر فعالية فى المعرفة النقدية المبدعة وتكون أكثر قدرة على فهم إشكاليات التبعية وفهم تحولات المجتمع المصري.

فما المفاهيم التي رصدتها الناقدة في خطابها النقدي حول التبعية والهوية والمجتمع المصري؟

وكيف تبرز كفاياتها النقدية، ومهاراتها لإبراز معانى مصر فى صورة البناء الدرامي في علاقاته بالتجريب المسرحي وبالثقافة وبالتاريخ المصري؟

المصدر/ جريدة مسرحنا

العدد 95- بتاريخ 4 من مايو 2009

بقلم / د. عبد الرحمن بن زيدان

"المغرب"

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,273,002