ولد كرم مصطفى مطاوع الشهير ( بكرم مطاوع ) في 7 ديسمبر عام 1933 وهو مخرج مسرحي وممثل حصل على ليسانس الحقوق جامعة عين شمس وتخرج في معهد الفنون المسرحية عام 1956 والتحق بالمسرح الشعبي وقام بإخراج مسرحية " شعب الله المختار " لعلى احمد باكثير وشارك في بطولة مسرحية " وراء الأفق "ليوجين أونيل" من أخراج حسن عبد السلام وفى أكتوبر 1958 – أوفد إلى ايطاليا ليستكمل دراساته بأكاديمية روما في الأكاديمية الوطنية للفنون الدرامية وقام برحلة فنية في بعض الدول الأوروبية مثل انجلترا وفرنسا وألمانيا والنمسا ليتعرف على الاتجاهات الحديثة في فنون المسرح وعاد إلى مصر في أوائل عام 1964وكانت مسرحية يوسف إدريس.

" الفرافير" هي أولى مسرحياته التي يقوم بإخراجها بعد عودته في ابريل 1964 واستطاع أن يتعامل مع هذا النص غير التقليدي بما يتناسب معه من إلغاء الحائط الرابع والاستفادة من روح الكوميديا المرتجلة في أخراج شخصية ( الفرفور) ولكن الصراع الذي نشب بينه وبين المؤلف بعد نجاح المسرحية نقديا وجماهيريا تسبب في إيقاف عرض المسرحية رغم أنها كانت تعد من ابرز عروض المسرح المصري في الستينيات ... بحثا عن التأصيل والتجذير لأشكال المسرح المصري لكن هذا العرض بعد الدراسة ارتدى الشكل المسرحي الغربي وخاصة عند الايطالي (ليوجى بيراندللو).

وفى صيف عام 1964 عين مديرا (لمسرح الجيب) فكون للمسرح أول فرقة دائمة له ووضع برنامجا يعطى الأولوية للنصوص ذات المصادر التراثية سواء من المسرح المصري أو العالمي إلى جانب أعمال الكتاب الشباب مثل رفيق دفعته (نجيب سرور) و (شوقي عبد الحكيم) واخرج مسرحية "لوركا" "يرما" عام 1964 و"يس وبهية" 1964و " حسن ونعيمة" 1964 ( لسرور ، وعبد الحكيم) وفى عام 1968 يستقيل من أدارة مسرح الجيب ويعين مديرا للمسرح القومي في مايو 1969 حتى ابريل 1970 وانتدب لتدريس التمثيل والإخراج على مدى ثلاثة فصول دراسية بمعهد الفنون المسرحية بالجزائر لكنه كمخرج كان قد قدم في تلك الفترة مسرحيات " خادم سيدين"1965 لجولدونى وأجاممنون"1966 لايسخلوس و" المسير الطويل "1966 لهدى وقدم لميخائيل رومان مسرحية ذات الفصل الواحد " الوافد "1966 لقصر ثقافة مرسى مطروح " الأسلاف يتميزون غضبا " و" مسحوق الذكاء " 1967 لكاتب ياسين ومسرحية الفصل الواحد و" محاكمة رأس السنة " 1976 " يا بهية وخبريني " 1968 ومسرحية " يا ليل يا عين " 1967 لنجيب سرور – في مسرح الجيب كما اخرج للمسرح العالمي "مذكرات محتال" 1964 لاستروفسكى وللمسرح القومي " الفرافير " كما سبق ان ذكرنا و" الفتى مهران " 1966 لعبد الرحمن الشرقاوي " شهرزاد" 1966 للحكيم " كوابيس في الكواليس" 1997 لسعد وهبة " ليلة مصرع جيفارا " 1969 لميخائيل رومان " وطني عكا " لعبد الرحمن الشرقاوي " 28 سبتمبر " – مسرحية من فصل واحد -1970 " ايزيس " 1970 لتوفيق الحكيم وفى السبعينات يقوم بإخراج " الحب في حارتنا " 1973 في المسرح الحديث " حب وفركشة" 1974 لفرقة أنغام الشباب و" دنيا البيانولا " 1975 لمحمود دياب للمسرح الغنائي عندما عين مديرا للفرقة الاستعراضية الغنائية وأسس هناك فرقة انغام الشباب عام 1972 وكان قد شارك في تلك الفترة في إخراج بعض عروض مسرح القطاع الخاص وهى " يس وبهية " 1972 لفرقة تحية كاريوكا " وكالة نحن معك " 1972 لفرقة الفنانين المتحدة لنعمان عاشور " عالم كداب ... كداب " 1972 لعلى سالم وفى مسرح القطاع العام يقوم بإخراج مسرحية " جواز على ورقة طلاق " 1972 لألفريد فرج ومسرحية " حدث في أكتوبر " 1973 لإسماعيل العادلى بمناسبة انتصار أكتوبر ، " النسر الأحمر " 1973 لعبد الرحمن الشرقاوي.

وفى الثمانينيات والتسعينيات انخفض معدل أعماله المسرحية وانشغل بالأداء التمثيلي في السينما على وجه الخصوص والتي كانت له فيها بدايات متواضعة منذ الستينيات وفى التسعينيات قام بإخراج مسرحيات " أنشودة الدم " 1991 لمحمد العناني في المسرح القومي و" ديوان البقر " 1995 لمحمد أبو العلا السلامونى في مسرح الهناجر.

ويعد كرم مطاوع في إخراجه للمسرح من أصحاب الرؤى الخاصة في تناوله للنصوص المسرحية والطابع المحدد الذي يهتم بالتفاصيل المتقنة الصنع في سينوغرافيا ، مشهدية العرض ...فهو مخرج دارس مثقف ومتأثر بالمدرسة المسرحية الايطالية المنفتحة على كل الاتجاهات والقائمة على الأصول العلمية والقواعد النظرية الثقافية والفلسفية والسيكولوجية والجمالية لذا فهو يؤمن بنسبة العرض المسرحي إلى المخرج قدر نسبته إلى المؤلف ومن المسلم ب هان مجال الخلق أمام ( المخرج ) لا يقل عن ذلك المجال الذي يصول ويجول فيه ( المؤلف ) وكان ذلك احد أسباب خلافاته الحادة مع يوسف إدريس أثناء تقديم مسرحية " الفرافير " الذي يرى البعض أن (مطاوع)  قد شارك مشاركة أساسية في صياغات ( مطاوع ) الجمالية إلى أسلوب ناضج في توظيف فنون ولغات خشبة المسرح وتوظيفها حداثيا – فقد ركز على خدمة الكلمة المنطوقة بأية وسيلة وإبراز المعنى الشاعري أكثر من تركيزه على تضخيم وتفخير العنصر المرئي للعرض في الديكور وغيره و( بروزة ) الانفعالات في مسرحية "الفتى مهران " التي تعد مرحلة مهمة في حياته المسرحية 1966 حيث أراد أن يعطى ( النص ) تفسيرا ملمحيا قاصدا كسر الإيهام المسرحي بتوظيف ستار شفيف عندما يجعل (الغجرية سلمى ومهران ) يقدمان نفسيهما للجمهور ثم تتوالى الأحداث وهذا يبدو تناقضا في أسلوب العرض ألا أن البعض يرى إن من حق المخرج ألا يلتزم بأسلوب واحد ونجده أيضا يمتد بصدر المسرح إلى الصالة وأصبحت ( البناوير ) جزءا من المسرح وقد سبق له أن وظف البنوار في "الفرافير" كذلك يعتمد في هذا العرض على الإيحاء فحسب في المناظر والتركيز على الكلمات التي كان الممثلون ينطقون بها اما في "الفرافير" 1964 فقد اعتمد على أكثر من لون واحد في اتجاهات الإخراج المسرحي فلم يلتزم بمدرسة بعينها وإنما استغل كل معيار يمكنه من تجسيد هذه الدراما الفكرية المجردة فأزال الحاجز الفاصل بين الممثلين والجمهور حركيا ، بل جعل الحركة ممتدة بين الصالة والمسرح وجعل الديكور يتخطى خشبة المسرح التقليدية وينزل بمقدمة المسرح إلى مقدمة الصالة ثم أكد على تليين الحركة وجعلها تساهم في خلق جو التحرر من المسرح المغلق المحدد ومن ثم تحرر من المكان من اقتصار الحدث على مكان بعينه ومن ثم انتمائه إلى الأرض التي نعيش عليها بصورة عامة ،ومن المسرح العربي يقدم مسرحيتي الجزائري كاتب ياسين " الأسلاف يتميزون غضبا " و " مسحوق الذكاء " 1967 والتي ينقصهما الجزء الأول من هذه الثلاثية لذا كان استيعابها صعبا بدون الجزء الأول  خاصة أن مطاوع قد لجأ إلى الإخراج التجريدي والكوميديا الصارخة التي دفعت به إلى المبالغة في إبراز جانب الفكاهة والإسراف في محاولة الإضحاك كما دفع به إلى حذف بعض المواقف والفقرات في النص الأصلي مما افقد المسرحية ترابطها الفني من ناحية ومغزاها الثوري من ناحية أخرى مما جعل الأداء تمثيلا في تمثيل ، ونلاحظ أن مسرحيته " خادم سيدين " 1966 لجولدونى لم تحظ باهتمام النقاد رغم أنها نموذج في كوميديا الفن حيث قدم فيها نموذجا جيدا في الإخراج والأداء منطلقا من مبادئ المدرسة الايطالية في الإخراج التي تربى علي يديها وفى مسرحية ايزيس 1986 لجأ إلى العناصر الغير مسرحية الخالصة متعمدا الإبهار لكن لم تسعفه ( الرقصات ) التي لم يكن لها علاقة بالرقص الفرعوني لعبد المنعم كامل ولا الأشعار والألحان لصلاح جاهين وهاني شنودة ولا ديكور سكينه محمد على لذا بدا العرض كمولد من موالد أولياء الصالحين ولم يستطع أن يعالج لغة الحكيم السردية في بعض المشاهد بمعادل مسرحي لبعض الأحداث الحوارية وان كان قد وفق في استغلال إمكانيات المطربين الذين شاركوا في العرض في مثل هذا الشكل الذي يمتزج فيه التمثيل بالغناء والرقص وألوان الملابس والديكور والإضاءة واختلطت فيه فنون الإبهار والفرجة بالدعاية السياسية مستخدما الدفعة الخطابية لأشعار جاهين في الحديث عن مصر والنيل وحضارة المصريين وفى أخر مسرحياته " ديوان البقر " 1995 لجأ إلى المسرح الدعائي المباشر الذي يهدف إلى الدعاية والترويج لفكرة معينة هي مهاجمة السلفية والتطرف الديني ومنهج التفكير الدوجمانى الأعمى معتمدا على إجادة فريق الممثلين الجادين المشاركين في العرض والتركيز على الكلمة والخطاب الدرامي.

 

يكتب/ عبد الغنى داود

المصدر/ جريدة مسرحنا العدد175

2010/11/15 

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,253,850