هاني رمزي يختلف عن كل الكوميديانات ... فهو لا يعتمد على الافيهات المضحكة والحركات البذيئة التي تتسول الضحك من الناس لكنه يقدم كوميديا الموقف وترجع أهميته أيضا في انه يتناول موضوعاته بعناية...قضايا هامة وموضوعات اجتماعية تعكس حال العشب التعبان ... وقد شاهدنا له من قبل الكثير من هذه النوعية مثل "جواز بقرار جمهوري" و" محامى خلع" و" ظاظا" و" عايز حقي"و" السيد العربي وصل"
أما فيلمه الجديد " الرجل الغامض بسلامته"فهو يتناول أهم قضايا البلد مثل موضوع الاستثمارات المشبوهة التي تفشت بمساعدة اهم الرموز السياسية والغير سياسية من المسنودين وأيضا بعض الشخصيات البارزة الذين أصبحوا مليارديرات على حساب الشعب الفقير الذي يعانى من الحصول على رغيف العيش كما يصاب بكثير من الأمراض مثل السرطان والفشل الكلوي وأمراض القلب.
هاني رمزي في هذا الفيلم هو شاب من فقراء المواطنين ...اسمه "عبد الراضي" والاسم يدل على المعنى يعيش مع أسرته في احد الأحياء الشعبية التي أصبحت مجمعا للفقراء ...أبيه رجل طيب محال للمعاش وأمه تدعو له باستثمار بالتوفيق في الزواج بعد ان فاته القطار وهو مثل كل شاب من الشعب الذين يمثلون القاعدة العريضة من الشعب ولا يملكون الإمكانيات المادية لتكوين أسرة والذين يعانون من البطالة والحرمان الجنسي ورغيف العيش وأزمة السكن.
الفيلم من أخراج المصور الكبير محسن احمد الذي كانت له رحلة طويلة مع التصوير وأصبح من أهم المصورين السينمائيين وهذه هي التجربة الثانية له في مجال الإخراج الذي جمعته بالفنان هاني رمزي بعد فيلم "السيد أبو العربي وصل" ومن تأليف الكاتب الكبير بلال فضل وكان بمثابة خطبة حماسية يجسد كل ما هو سلبي في المجتمع الذي يمثل القاعدة العريضة من الناس فجعلت الشباب يتحرش بالبنات علنا فى الشوارع باللمس والألفاظ البذيئة وكشف المخرج رؤيته لضياع هذا الجيل.
و"عبد الراضي" يعمل في شركة ألبان ويكشف قضية فساد من خلال العمل ويحاول أن يلتقي برئيس الشركة لكشف هؤلاء ويتضح أن رئيس الشركة هو أهم هؤلاء الفاسدين فيطرده من الشركة ويمنحه 2500 عن مدة نهاية الخدمة ، يضع "عبد الراضي" همومه في ملاحقة الفتيات الجميلات شبه العاريات خاصة فى المطار وفى أماكن تجمع السياح .. وبالمال الذي أخذه عن نهاية الخدمة يلبس أفخم البدل ويمسك حقيبة فى يده مثل كبار رجال الأعمال كما يتصرف بنفس أسلوبهم فيدخل احد الفنادق الفخمة لحضور مؤتمر لكنه يدخل بطريق الخطأ إلى قاعة أخرى تجمع الجمعيات النسائية الخيرية الأهلية لمناقشة حلول بالنسبة لأطفال الشوارع ونظرا لنظهره الذي يبدو محترما كبعض رجال الأعمال الكبار يسألونه عن رأيه في هذا الموضوع فيجيب على السؤال برأي أعجب الجميع وفعلا بدأ الأعضاء فى جمع التبرعات السخية ..وحين طلب منه التبرع اعتذر بأنه لا يحمل دفتر الشيكات ويهرب بعد ذلك ويختفي تماما.
وفى الجانب الأخر نرى لميس "نيللى كريم" قد ركزت عليه للزواج به لمظهره الثرى وهى احدي عضوات الجمعية وذلك بعد أن ينزل من العربة الفارهة ويفتح له السائق الباب وتطارده متصورة انه سيكون الزوج الثرى الذي سيخلصها من الديون التي تركها الأب بعد وفاته ولم تعرف ان السيارة التي يركبها يمتلكها سفير أصيب بشلل رباعي وأصبح جليس الكرسي المتحرك أما الكلام فهو بتعبيرات الوجه ويمثله "يوسف داوود" وان السائق استغل السيارة للتكسب من ورائها فصدم "عبد الراضي"الذي اسمي نفسه بعد ذلك "رياض" وخشي السائق أن يعرف عبد الراضي الحقيقة وينقلها للسفير وفى مقابل هذا عقد اتفاقا بينهما على أن يوصله لاى مكان يريده.
ومن هذا المنطلق عرف عبد الراضي أو "رياض" بأنه صاحب الأفكار البناءة ورجل الأعمال الذي اشتهر بنزاهته فطلب منه احد الوزراء الشرفاء المخلصين لعملهم بعد أن اطلع على مشروعه بأن يكون مستشارا له ولان الغاية تبرر الوسيلة تتغير الشخصيات ويتحول الإنسان النزيه إلى رجل أخر معدوم الضمير ويتحقق الحلم بقدرة قادر فى العمل مع الوزير الشريف يستدعيه رئيس الوزراء العدو للوزير ... واستطاع إن يستقطبه من اجل صفقة اكبر ليترك الوزير الذي يحارب الفساد وعلى عداوة مع المستثمرين الأجانب الذين يجلبون لنا نفاياتهم المسرطنة ويطرده الوزير من عمله فيدفع الوزير حياته ثمن لذلك.
وبهذا يريد المؤلف أن يقول أن أصحاب الضمائر المخلصين لبلدهم هم ضحايا المجتمع ويتهم "رياض" بقتل الوزير ليحكم عليه بالإعدام وتنقذه الفتاه "لميس" التي تركته بعد اعتراف كل منهما للأخر بالكذبة ويتضح أنهما الاثنين فقراء وذلك في أخر لحظة ككل الأفلام العربية حين تقدم اعترافه في الورقة التي كتبها.
فكرة جيدة وهى فساد المجتمع الذي رأيناها في بعض الأفلام لكن المؤلف هنا عالجها بطريقة تجمع بين الكوميديا والأفلام الجادة جمع فيها البطالة والجنس وفساد معظم رجال الأعمال لكنه لكي يجذب المشاهد فقد ركز على البنات شبه العاريات في الشارع وفى حمامات السباحة وتكررت الكثير من المشاهد التي تعبر عن ذلك كنوع من التوابل للفيلم كما غلبت على الفيلم المشاهد والحورات الطويلة، وكانت الصورة من أهم عوامل نجاح الفيلم.
قدم هاني رمزي دورا جديدا بعيدا عن الإسفاف والتدني بالرغم من قلة الضحك وإحساسنا أكثر بالفساد المستشري فى بلدنا إنا نيللى كريم "لميس" فهي شخصية مسطحة ساذجة ضعيفة وجهها لا يعبر على اى انفعال سواء الحزن أو الفرح أو الضيق حينما اكتشفت الكذبة ... فقد أفسدت أهم مشهد في الفيلم وهو اكتشاف الكذبة!
عموما الفيلم ينتمي إلى الكوميديا الاجتماعي الهادفة الذي كشف الفساد في مجتمعنا فازداد الحرامى ثراءا وازداد الفقير فقرا...
بقلم/ إيريس نظمىالمصدر/ مجلة أخبار النجوم2010/10/28
ساحة النقاش