<!-- <!--

<!--

السينما المصرية ولدت في حضن الغناء ، وتأثرت إلى حد بعيد بأفلام الكوميديا الموسيقية في هوليود واستقطبت منذ بداياتها الأولى نجوم ونجمات الغناء من موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب وحتى مطرب الجيل تامر حسنى ! ... وكانت الاغانى في معظم الأفلام مقحمة على السياق الدرامي وتستغرق مساحة زمنية طويلة تخل بالإيقاع السينمائي ، لكنها تخلصت من هذه العقدة مع مرور الوقت وأصبحت الاغانى في الأفلام اقصر وأكثر رشاقة ، ومعبرة أحيانا عن الحدث الدرامي مثل أغنية عبد الوهاب " أجرى ... أجرى " في فيلم " الوردة البيضاء " وفى معظم أفلام العبقري المجدد محمد فوزي صاحب اشهر " الدويتوهات " الغنائية في السينما المصرية ، وبعض أفلام العندليب الأسمر الراحل عبد الحليم حافظ ، وخصوصا تلك التي شاركته بطولتها الرائعة شادية قبل أن تتوقف عن الغناء في الأفلام وتتفرغ للتمثيل وثبت أن موهبتها كممثلة لا تقل روعة وإجادة عن مكانتها كمطربة ، واذكر أن زميلا أجنبيا لنا من أيام المدينة الجامعية وهو الباني الجنسية جاء ليدرس اللغة العربية في جامعة القاهرة فوقع فى غرام شادية ، قال لي مرة انه يتمنى من فرط حبه وإعجابه بفنها أن تموت حتى يذيعوا أغنياتها وأفلامها ليل نهار ، ويبدو انه عرف من عشرته لنا أننا لا نحتفي سوى بالموتى والراحلين .

وقد ظلت الاغانى في الأفلام مقصورة على المطربين والمطربات الذين يجربوا حظهم في التمثيل ولا يخرجون في معظم أعمالهم في " تيمه"  درامية واحدة تتكرر دائما بتنويعات مختلفة هي تيمه المطرب الذي يصعد من القاع إلى القمة و يساعده في الوصول إلى الشهرة و المال أهل حارته الطيبين ، وهو الموضوع الأثير لدى معظم المطربين الممثلين الذي لا يزال مستمرا حتى ألان بتنويعات مختلفة يدخل فيها " الاكشن " أحيانا كما في أفلام حمادة هلال ، أو الاستظراف أحيانا أخرى كما في أفلام تامر حسنى . ومنذ سنوات قليلة غزت السينما موضة جديدة و هي أعداد أغنية أو أكثر تكون جزءا من الدعاية للفيلم الجديد ، ويقوم بأدائها مطرب أو مطربه لا يشاركون بالتمثيل فى الفيلم ، وليس مهما بالطبع أن تكون هذه الأغنية معبره عن الموضوع أو خارجه عن السياق ، فالمهم أن يكون هناك أغنية يتم تسويقها للمحطات الفضائية الموسيقية لتذاع مع لقطات من الفيلم ، وتدر ربحا أضافيا للمنتج : وبعض هذه الأغنيات نجحت نجاحا مدويا  ربما يفوق نجاح الفيلم نفسه مثل أغنية " بحبك وحشتنينى " للمطرب الخليجي حسين الجسمي ضمن أحداث فيلم " الرهينة " ، وأغنية كارول سماحه فى فيلم إيناس الدغيدى " الباحثات عن الحرية " ، وأغنية شرين في " عن العشق والهوى " .

 

والمشكلة أن أفلام الموجة الجديدة لم تلجأ إلى الاغانى سوى بدافع الجذب التجاري ، جريا وراء المعادلة الفنية السائدة في الأفلام الروائية وهى قصة وأغنية ومجموعة افيهات مع قصة مستهلكة تنتهي بمحاضرة أخلاقية فارغة المضمون ، وهى المعادلة التي استهلكتها لسنوات طويلة مسرحيات " الكباريه " ، قبل أن تختفي و تبطل " موضتها " وتنتقل إلى سينما الإسفاف و الضحك على الذقون . أما الفيلم الاستعراضي الغنائي الحقيقى  الذي يوظف الأغنية في سياقها الصحيح ، يستخدم الابهار والإضاءة والملابس والاستعراضات لتقديم عمل فني حقيقى فلا يزال غائبا عن الشاشة ، ليس لاننا لا نملك مواهب استعراضية تستطيع تقديم هذا اللون في الأفلام ، ولكن لأننا نجرى دائما وراء التقليعات ونتوهم أن الجمهور عايز كده : والحقيقة أن الجمهور بريء من هذا العبث!!

بقلم/ محمد رفعت المصدر/ مجلة أكتوبر العدد 1759 11 يوليو 2010

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,844,121