تصور بعض المؤلفات الموسيقية صفحات ناصعة من تاريخ الأوطان وهناك العديد من المؤلفات التي سجلت المعارك التي خاضتها بعض الأوطان دفاعاَ عن حريتها.
ومن ذلك افتتاحية "1812" لمؤلف الموسيقا الروسى بيتر تشايكوفسكي وسيمفونية ليننجراد للمؤلف الروسي ديمتري شوستاكوفيتش، والقصيد السيمفوني 6 أكتوبر والقصيد السيمفوني "بورسعيد" لمؤلف الموسيقا المصري المعاصر محمد رفعت جرانة وبانوراما العبور لمؤلف الموسيقا المصري المعاصر عمر خيرت.
والقصيد السيمفوني "بورسعيد" كتبه جرانة وصور فيه العدوان الثلاثي الذي وقع علي مصر عام 1956، وشارك فيه كل من إنجلترا وفرنسا وإسرائيل، وفي هذا العمل استخدم المؤلف ألحان الأناشيد التي ظهرت أثناء تلك الحرب ورمز بها لكفاح الشعب المصري ضد القوات المعتدية، بينما رمز للقوات الفرنسية بلحن المارسيلييز وللقوات الإنجليزية بمارش إنجليزي، وبالطبع فإن المؤلف لم يستخدم لحناَ يرمز لإسرائيل لأن الوضع السياسي آنذاك لم يكن يسمح بذلك ثم أجري المؤلف صراعاَ بين الألحان السابقة.
وقد قسم المؤلف القصيد السيمفوني إلى مقدمة وسبعة عشر جزءاَ صور خلالها المراحل المختلفة للعدوان علي مصر والذي انتهي بانسحاب القوات المعتدية .
والأناشيد التي استخدمها جرانة في قصيده السيمفوني هي "الله اكبر – والله زمان يا سلاحي – الجنة هي بلادنا وجهنم هي حدودنا – حنحارب" بالإضافة إلى لحن "ناصر كلنا بنحبك" ليرمز به إلى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي قاد مصر في كفاحها ضد ذلك العدوان الغادر.
وبهذا سجل رفعت جرانة معركة بورسعيد التي خاضها الجيش والشعب المصري عام 1956 وقدم صياغة أوركسترالية موفقة لألحان الأناشيد التي قدمها الفنانون المصريون في ذلك الوقت وأستطاع أن يصور مراحل المعركة خطوة خطوة بحيث يمكن تتبعها من خلال الاستماع، كما ركز المؤلف علي استخدام آلات النفخ الخشبية والنحاسية وهى آلات ذات طابع عسكري فجاءت مناسبة للموضوع.
وكذلك فقد قام المؤلف بتغيير الميزان الموسيقي والسرعة عدة مرات ليتمكن من تصوير المراحل المختلفة للمعركة.
وبرغم أن تلك الحرب اشتهرت بحرب السويس إلا أن المؤلف اختار اسم "بور سعيد" لأنها المكان الذي بدأت منه المعركة كما أنها كانت رمزاَ للبطولة في تلك المعركة.
بقلم/ د. زين نصار
المصدر/ جريدة القاهرةالعدد 238
التاريخ/ 2 نوفمبر 2004
ساحة النقاش