لدينا ظاهرة مسرحية غريبة ،لا نجدها في أى مكان من العالم وهي حالة الطوارئ التي تنتاب فرق مسرح الدولة للدخول أفواجا إلي المهرجان التجريبي بتمويل من ميزانية المسرح الرسمي.

لقد استوقفتني هذه الظاهرة كثيرا لتؤكد أن فلسفة التجريب المسرحي غائبة عن عقل المسرح الرسمي وفي الوقت  نفسه يشير ذلك إلي أن مسرح الدولة الذي يمول بأموال الشعب يغيب عنه الدور المنوط القيام به فمسرح الدولة مسرح تقليدي غير مؤهل للدخول في تفاصيل عملية التجريب التي تستغرق وقتا طويلا داخل المعمل المسرحي وهي عملية معقدة تحتاج إلي نوع من الثقافة النظرية /العلمية والتقنيات العلمية والمعملية والرؤي الفلسفية ووضوح الاهداف بعيدة المدي وغير ذلك من امور تصبح غير عملية اذا ما قام بها المسرح التقليدي أو مسرح الدولة الذي يعتمد في ادواته علي ما استقر عليه وجدان المتفرج من قيم ومعاني تقليدية وجمالية.

المسارح الكبري :

ان مسارح العالم الكبري لا يعنيها التجريب وايضا المسارح الرسمية والتقليدية والتجارية والمسارح التي تتوجه بأعمالها إلي جميع الجماهير اذ ان ما يعني هذه المسارح هي تلك الاعمال الفنية المبدعة التي تقدمها من خلال قيم جمالية وتقنية قد استقرت في وجدان الناس وقد احبوها وتعودوا عليها وهم يقبلون عليها لانها تخاطب ذائقتهم الفنية .

جمهور المسرح التجريبي :

ولهذا فإن جمهور المسرح الذي استقرت تقاليده الفكرية والجمالية غير جمهور المسرح التجريبي الذي لم تستقر تقاليده الفنية وقيمه التقنية بعد وهو دائما علي استعداد لاستقبال الجديد في مجال المسرح علي كل المستويات الفنية من افكار وتفسير ورؤي وفلسفات وتقنيات وجماليات تحطم في مجموعها الأشياء التقليدية وما جاء به المسرح فى تاريخه .. ومن هنا تجد جمهور التجريب ، جمهورا من الخاصة المثقفين ، أو المسرحيين صانعى العملية الفنية وغير ذلك .

فرقـة المهندسيـن :

ولهذا شبه ليونارد كابل برونكو التجريب بفرقة الطليعه التى تتقدم الجيوش ، وهى المهندسين ، حيث تتولى تطهير الأرض من الألغام ، وأذا ماتيسر لها ذلك ، سارت فرق الجيش التقليدية فى الطرق المهدة والتى عبدتها فرقة طليعة الجيش .

وهذا يعنى أن الفرق التجريبيه حالما تصل فى معملها إلى اكتشاف جديد فى عناصر اللعبة المسرحية ـ من الفرقة التجريبية الى التقليدية ـ لتستفيد منها وتطور أدواتها من خلالها ، وهو ما يعنى أن الاكتشاف قد تم على أيدى المسرح التجريبي ، وأن الأضافه قد تمت بمعرفة المسرح التقليدى . 

 

المسارح الكبرى والمعامل المسرحية :

هناك اذن فارق جوهرى بين دور المسارح الرسمية الكبرى ، وبين فرق المعامل التجريبية ، والتى بدأت تمارس معمليتها من نهاية القرن التاسع عشر مع دوق ساكس مايننجن ( جورج الثانى ) بألمانيا ، وأندريه أنطوان فى فرنسا وستانيسافسكى فى روسيا ( نهاية ق 19 ومطلع ق 20 ) ، ثم ماكس رانيهاردت فى النمسا ، وجوردن كريج فى انجلترا ، وانتونان ارتوا فى فرنسا ، ثم بريشت فى المانيا ، وجروتوفسكى فى بولندا ، وباريا الايطالى فى النرويج والدنمارك وغيرها من معامل مسرحية دعمت بالنظرية والرؤى الفلسفية وبعلم والافكار الجديدة التى تتجاوز القيم من أجل تحقيق أهداف ابداعية لم تكن موجودة من قبل .

ولم تكن تسعى هذه التجارب ـ فى بداياتها ـ إلى الجماهير العريضه ـ باستثناء تجربة بريشت ـ وانما وصت اليها بعد تجارب طويلة من السنوات والتجريب ، بل وتحولت ـ فيما بعد طريقة ستانيسلافسكى والتى تعتمد بشكل أساسى على الممثل ـ تحولت الى طريقة تجارية على يد تلميذيه بولسلافسكى واوزنبسكايا بعد هجرتهما الى امريكا ، وقد تتلمذ على ايديهما ستراسبرج وكازان اللذان حولا منهج ستانيسلافسكى فى التمثيل الى طريقة تجارية ، ولكنها مبدعة وعلمية بتوظيفهما لعلم النفس الفرويدى ، وقد أصبحت هى الطريقه المعتمدة لنجوم هوليود فى الاربعينيات والخمسينات ، وقد تدرب على نهجها مارلين براندو ، جيمس دين ، بول نيومان ، ال باتشينو ، يول براينر ، مارلين مونرو وغيرهم .

وهكذا تكون بدايات التجريب محدودة ومقصورة على فئة متخصصة ـ سواء فى عملية الابداع أو التلقى ولكنها حين تثبت أركانها تنتشر وتوظف فى الاعمال التقليدية ، فتكتسب شرعية وتتجاوز تجريبتها لتصبح بدورها جماهيرية .      

بقلم /د. احمد سخسوخ مجلة اخبار النجوم 22/2/2010

ساحة النقاش

abdullkader

بدءت العلاقات العامة قبل بدء المسرح وهو السؤال ......
واخذ مصمم الديكور كيف تمرير الناس ....... بصورة الرسمية او الغير الرسمية
وعلم الافكار الجديدة التي لم تكون قائمة للمحتويات والمصادر وايظا السؤال .

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,255,850