هناك وسائل متعددة لقياس شعبية الفيلم السينمائى، من بين هذه الوسائل إيرادات الفيلم، أو المكانة الفنية التى يحتلها الفيلم مع مضى الزمن، أو شعبية الفيلم فى الاستطلاعات العامة. ولابد من التمييز بين شعبية الفيلم، ومكانته الفنية لأنهما شيئان مختلفان، مع أن أفلاماً كثيرة تجمع بين هذين العاملين.

ولعل أكثر هذه الوسائل مصداقية هو إيرادات الفيلم على شباك التذاكر، لأنها تعبر عن أرقام وإحصائيات أكثر دقة وتتفوق بذلك على الوسائل الأخرى. كما يجب عدم الخلط بين إيرادات الفيلم وعدد مشاهديه، لأن ثمن التذاكر يتغير من زمن إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر. ويتأثر بعامل التضخم، فى حين أن عدد المشاهدين رقم مطلق.

نشير إلى أن الفيلم الشهير "ذهب مع الريح"، ربما كان يتمتع بأكبر عدد من المشاهدين فى تاريخ السينما، إلا أنه يحتل المركز السادس والسبعين فى قائمة الأفلام التى حققت أعلى الإيرادات فى تاريخ السينما، حيث بلغت إيراداته العالمية الإجمالية المتراكمة على شباك التذاكر بعد عروضه المتكررة فى دور السينما 400 مليون دولار، والسبب الرئيسى لذلك هو أن السعر السائد لتذكرة السينما فى العام 1939، وهو العام الذى افتتح فيه فيلم "ذهب مع الريح" كان ربع دولار فى الولايات المتحدة. ومع أن هذا السعر ارتفع إلى نصف دولار حين عرض الفيلم، فإن هذا المبلغ أقل بكثير من معدل السعر الحالى لتذكرة السينما فى الولايات المتحدة، الذى يصل إلى عشرة دولارات فى معظم المدن الأمريكية، ويبلغ فى المعدل أكثر من 6.5 دولار للتذكرة بسبب التفاوت فى الأسعار بين عروض النهار والمساء والتخفيضات الخاصة بشرائح عمرية معينة كالأطفال والمسنين.

ومع أن فيلم "ذهب مع الريح" كان يعاد عرضه فى دور السينما الأمريكية كل خمس سنوات، على مدى ربع قرن، مما أسهم فى زيادة إيراداته، فإن عدة أفلام تحقق كل عام، ومنذ عدة سنوات دخلاً يزيد على الإيرادات الإجمالية لفيلم "ذهب مع الريح".

ومع أن فيلم "ذهب مع الريح" كان يعاد عرضه فى دور السينما الأمريكية كل خمس سنوات، على مدى ربع قرن، مما أسهم فى زيادة إيراداته، فإن عدة أفلام تحقق كل عام، ومنذ عدة سنوات دخلاً يزيد على الإيرادات الإجمالية لفيلم "ذهب مع الريح".

ومع إن إيرادات الأفلام على شباك التذاكر هى أكثر العوامل الإحصائية قبولاً عند التحدث عن شعبية الأفلام السينمائية، فلابد من الإشارة إلى أن هذه الإيرادات لا تأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل مهمة كتكاليف إنتاج هذه الأفلام، وعامل التضخم على مر السنين عند ترتيب الأفلام وفقاً لإيراداتها الإجمالية.

ولتوضيح ذلك بالأرقام، فقد بلغت تكاليف إنتاج الفيلم التاريخى "طراودة" (2001) 160 مليون دولار، فى حين أن تكاليف إنتاج الفيلم الكوميدى "زفافى اليونانى الكبير السمين" (2002) بلغت خمسة ملايين دولار فقط، بينما بلغت إيراداته العالمية الإجمالية 354 مليون دولار، وقد أنفق 50 مليون دولار على الحملة الإعلانية للفيلم الأول، و19 مليون دولار للفيلم الثانى، وبذلك تكون أرباح فيلم "طراودة" 287 مليون دولار، وأرباح فيلم "زفافى اليونانى الكبير السمية" 330 مليون دولار.

كما تنبغى الإشارة إلى أن الموثق من إيرادات الأفلام على شباك التذاكر فى الماضى غير البعيد يقتصر على إيرادات هذه الأفلام فى دور السينما الأمريكية والكندية فقط. فحتى عهد غير بعيد لم تكن الإحصائيات المتعلقة بإيرادات الأفلام الأمريكية خارج الولايات المتحدة وكندا متوافرة كلياً بسبب تعقيد شبكات التوزيع فى العالم، وقيام كثيرين من موزعى الأفلام فى الماضى بإحاطة تلك الإيرادات بالسرية التامة.

فعلى سبيل المثال، كان بعض موزعى الأفلام الأمريكية فى الدول الأوروبية يوزعون هذه الأفلام فى الدول الأفريقية المرتبطة بها لقاء رسم مقطوع يدفعونه للشركة المنتجة فى هوليود من دون أن يقدموا لها كشفاً بإيرادات الفيلم فى الأسواق الفرعية.

لذا فإن لأى تحليل واقعى، أو مقارنة للأفلام التى حققت أعلى الإيرادات فى دور السينما، كان يعتمد فى الماضى على دخلها الفعلى فى دور السينما الأمريكية والكنديه، وعلى تقديرات لإيراداتها فى دور السينما الأجنبية. وقد درج المحللون السينمائيون على اعتبار دخل الفيلم فى الولايات المتحدة وكندا معادلاً لنحة نصف دخله الإجمالى، ويأتى معظم الدخل فى الخارج من دول أوروبا الغربية واليابان، حيث تنتشر دور السينما بأعداد كبيرة بالنسبة إلى عدد السكان، حيث ترتفع أسعار تذاكر السينما.

إلا أن هذه المعادلة تغيرت فى هذه الأيام، فأفلام المغامرات التى تعتمد أساساً على الحركة والإثارة ولا تتطلب معرفة جيدة باللغة الإنجليزية، تحقق نسبة أعلى بكثير من الإيرادات فى دور السينما الأجنبية، مقارنة بصالات العرض الأمريكية، فى حين أن القاعدة معكوسة بالنسبة إلى الأفلام الأمريكية الجادة والكوميدية، حيث تعتبر معرفة اللغة الإنجليزية عاملاً مهماً.

فعلى سبيل المثال بلغت الإيرادات العالمية الإجمالية لفيلم المغامرات الغرامى "تايتانيك" 1.835 مليار دولار، منها 600 مليون (33%) فى الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا و1.235 مليار دولار (67%) فى الخارج، فى حين أن الإيرادات الإجمالية للفيلم الكوميدى "وحيد فى المنزل" بلغت 534 مليون دولار، منها 285 مليونا (53%) فى الولايات المتحدة وكندا 249 مليونا (47%) فى الخارج.

والشىء الأكيد هو أن نسبة إيرادات الأفلام الأمريكية على شباك التذاكر خارج حدود الولايات المتحدة وكندا آخذه فى الازدياد منذ عدة سنوات، مقارنة بإيراداتها فى دور السينما فى هاتين الدولتين، وتشكل هذه الإيرادات فى الخارج حالياً نسبة 59 فى المائة من الإيرادات الإجمالية مقارنة بنسبة 41 فى المائة من إيراداتها فى دور السينما الأمريكية والكندية.

ولغرض التحليل والمقارنة ومراعاة الدقة قدر الإمكان، نشير إلى أن الإيرادات التى نتحدث عنها تقتصر على شباك التذاكر فقط، أى لا يدخل ضمنها دخل الفيلم من مبيعات أو تأجير أشرطة الفيديو وأقراص DVD، أو من حقوق عرضه على التليفزيون، أو من مبيعات أسطواناته وأشرطته الغنائية والموسيقية، فهناك أفلام كثيرة زاد دخلها من أشرطة الفيديو على إيراداتها على شباك التذاكر.

كما لا يدخل فى هذه الأرقام دخل الفيلم من مبيعات المنتجات التجارية المرافقة لعرض الفيلم من ملابس ولعب وألعاب وكتب وحلوى ومرطبات وغيرها، التى بلغت مئات الملايين من الدولارات بالنسبة إلى بعض أفلام الخيال العلمى، كأفلام سلسلتى "حرب النجوم" و"الحديقة الجوراسية".

ولا يزيد دخل الأفلام الأمريكية على شباك التذاكر عن أربعين فى المائة من إيراداتها العالمية الإجمالية التى تقدر بحوالى 55 مليار دولار.

ويتبين من الجدول المرفق للأفلام الخمسة والعشرين الأولى التى حققت أعلى الإيرادات العالمية الإجمالية فى دور السينما أن جميع هذه الأفلام ناطقة باللغة الإنجليزية، كما أن تسعة من الأفلام العشرة الأولى فى القائمة، وعشرين من الأفلام الخمسة والعشرين من إنتاج السنوات العشر الأخيرة.

ويمكن استخلاص عدة نتائج عند استعراض الأفلام الخمسة والعشرين التى حققت أعلى الإيرادات، منها 23 من هذه الأفلام من أفلام الخيال العلمى وأفلام المغامرات والحركة المشحونة بالإثارة وأفلام الرسوم المتحركة التى تعتمد على براعة استخدام المؤثرات الخاصة، وهى عادة من الأفلام الضخمة الإنتاج، وهذا النوع من الأفلام يرق عادة لصغار السن، أى من هم دون سن الخامسة والعشرين والمراهقين الذين يشكلون غالبية رواد دور السينما.

وتشتمل القائمة على فيلم درامى واحد فقط هو الفيلم السيكولوجى "الحاسة السادسة" كما تتضمن فيلما كوميديا واحدا هو فيلم "فورست جامب".

وهذا يعنى أن معظم الأفلام التى تحقق أعلى الإيرادات فى جميع أنحاء العالم من الأفلام الترفيهية التى تروق لشريحة عمرية معينة هى المصدر الرئيسى لهذه الإيرادات، أى من هم دون سن الخامسة والعشرين.

كما أن من بين الأفلام الخمسة والعشرين أربعة أفلام من إخراج أو إنتاج المخرج جورج لوكاس وثلاثة أفلام من إخراج أو إنتاج المخرج ستيفين سبيلبيرج. وقد بلغت الإيرادات العالمية الإجمالية لهذه الأفلام السبعة 5.78 مليار دولار، مما جعل هذين الفنانين المرموقين من أكثر مخرجى ومنتجى هوليود نجاحاً وثراء.

كما تشتمل القائمة على ثلاثة أفلام للمخرج النيوزيلندى بيتر جاكسون، هى سلسلة أفلام "ملك الخواتم" التى زادت إيراداتها العالمية الإجمالية إلى 2.9 دولار، للمخرج الأمريكى كريس كولومبوس ضمن سلسلة أفلام "هارى بوتر" الرباعية التى زادت إيراداتها العالمية الإجمالية على 3.5 مليار دولار.

كما تضم القائمة أربعة من أفلام الرسوم المتحركة هى كل من "الملك الأسد" (1994)، و"العثور على نيمو"(2003)، و"شريك- الجزء الثانى" (2004)، و"المعجزات" (2004)، وزادت الإيرادات العالمية الإجمالية لهذه الأفلام الأربعة على 3.2 مليار دولار. وقد أصبحت أفلام الرسوم المتحركة الروائية الطويلة جزءا لا يتجزأ من الإنتاج السينمائى الأمريكى خلال السنوات الأخيرة بفضل النجاح الكبير الذى تحققه على شباك التذاكر. ومما أسهم فى إنتشار إنتاج هذا النوع من الأفلام التقدم التكنولوجى السينمائى الكبير الذى تحقق باستخدام أجهزة الكمبيوتر.

وأخيرا، وليس آخرا، لابد من التأكيد على أن إيرادات صناعة السينما الأمريكية آخذه فى الازدياد فى صالات العرض الأجنبية بمعدل يزيد على ازديادها فى صالات العرض المحلية، كما أن نسبة هذه الإيرادات خارج دور السينما فى ازدياد مستمر أيضا بفضل التكنولوجيا المتقدمة التى تتيح عرض الأفلام فى المنازل، وبفضل التغيرات فى عادلت المشاهدين الذين يفضل كثير منهم مشاهدة الأفلام فى راحة وخصوصية منازلهم بعيداً عن صخب دور السينما.

وينطبق على صناعة السينما الأمريكية فى هذه الأيام ما كان ينطبق عليها منذ فترة العشرينيات من القرن الماضى، على حد وصف المحلل الاقتصادى السينمائى كاميرون ستوث الذى قال فى العام 1991: "ليست هناك صناعة أمريكية تضاهى صناعة السينما فى قوة منافستها فى الأسواق الخارجية، فأفلام هوليود إلى حد كبير هى أفلام العالم".

الأفلام التى حققت أعلى الإيرادات فى تاريخ السينما

 

الترتيب

الفيــلم

الإيرادات العالمية الإجمالية بملايين الدولارات

سنة الإنتاج

1

تايتانيك

1.845

1997

2

سيد الخواتم: عودة الملك

1.129

2003

3

هارى بوتر وحجى الساحر

977

2001

4

سيد الخواتم: البرجان

926

2002

5

حرب النجوم: ج1- شبح الخطر

924

1999

6

شريك- ج2

921

1993

7

الحديقة الجوارسية

896

2004

8

هارى بوتر وغرفة الأسرار

877

2002

9

سيد الخواتم: أخوة الخاتم

871

2002

10

لبعثور على نيمو

865

2003

11

حرب النجوم: ج3 – انتقام السيث

849

2005

12

الرجل العنكبوت

822

2002

13

يوم الاستقلال

817

1996

14

هارى بوتر وكأس النار

814

2005

15

حرب النجوم

798

1977

16

إى.تى مخلوق من الفضاء الخارجى

793

1982

17

هارى بوتر وسجين أزكابان

790

2004

18

الملك الأسد

784

1994

19

الرجل العنكبوت- ج2

784

2004

20

text

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,255,085