من المتعارف عليه أن لاي مهرجان وجوها ثلاث يتجلي الاول في فكرته وادارة فعالياته من مسابقات وندوات وسوق انتاجي ويتجسد الثاني في رواده من الفنانين الذين يظهرون عادة في حفلاته فقط والنقاد والمتخصصين الذين يشاركون في لجانه والجمهور العاشق لاعماله خاصة في مهرجانات السينما والمسرح ثم يبدو الثالث وهو الاهم في صورة الاعمال التي يقدمها هذا المهرجان وبغيرها لا يصبح للمهرجان وجود حقيقي بين الناس
ومع الدورة الخامسة عشرة لمهرجان الاعلام العربي للابداع المرئيوالصوتي تزداد قوته وترتفع قامته في ساحة المهرجانات العربية المتنوعة بعد أن تبلور وجوده في الغاية الساعي إليها وهي المنافسة من اجل الارتفاع بجودة المنتج الابداعي العربي في حقول الاذاعة والتليفزيون واللقاء الاخوي الذي ينشط التسويق ويحقق التناغم بين الافكار ويوحد سبل الارتقاء بالعقل والوجدان العربيين فالزمن واحد التناغم مشترك والحداثة مطلوبة للجميع .
ورغم ثبات هذا الوجه الاول للمهرجان ونجاح ادارته في تنظيمه وعقد ندواته وسوقه ومعرضه التكنولوجي وانشائها هذا العام ولاول مرة لجنة متخصصة لفرز الاعمال المقدمة وتوزيعها علي اللجان المختلفة ثار الجدل حول بعض نتائجها حيث وزعت اعمالا من دراما سير الشخصيات فرفضتها هذه اللجنة وهي ما يستدعي تعديلا في لائحة المهرجان بعد طوفان الاعمال الدرامية المقدمة لحياة شخصيات فنية وفكرية وكذلك رفض لجنة دراما الطفل لافلام موضوعاتها وابطالها ورسائلها موجهة للطفل وتحويلها للجنة الفيلم الروائي القصير دون تبرير مما جعل هذه اللجنة الاخيرة ترفض تحكيمها فخسرت هذه الاعمال حقها في التنافس داخل لجنتها الطبيعية .
الاعداء : رغم هذا الثيات فإن الوجه الاخر من القمر يكاد يبدو مخلخلا في بعض اجزائه خاصة مع عدم وجود جمهور مشاهد له بحكم طبيعته فهو لا يستجلب افلاما من الخارج تعرض علي الجمهورولجان التحكيم في صالات العرض كما في مهرجانات السينما والمسرح بل هو يعرض اعمالا عرضت او لم يتم عرضها من خلال شاشات التليفزيون وعبر اجهزة الراديو ويمنح لجان التحكيم وحدها حق الحكم عليها في قاعات مغلقة وهي لجان يتميز اغلبها بالنزاهة بينما تتسلل النعرات الاقليمية للبعض منها بسبب تكرار المشاركة علي مدي سنوات طوال جعلته يربط مع المتكررين من امثاله .
هذا التصور لكون عضو لجنة التحكيم سفيرا لبلده ينزع عنه الموضوعية ويجعله يسعي طوال الوقت للتأثير علي زملائه بالللجنة المشترك بها وارسال المندوبين عنه إلي بقية اللجان بالمن والسلوي ورفع شعار التوازن بين البلاد للحصول علي اية جائزة واذا ما بدا له انه سيفشل في ذلك يبدا في الترويج في ان هناك موقفا مسبقا ضد إنتاج بلده لتفوقه وان لجان سابقة قد اخبرته انه حصل علي اكثر من ذهبية ثم فوجئ بالنتائج المعلنة في نهاية المهرجان قد منحت هذه الذهبية للمنتج المصري زاعما ان احدهم قد ابلغه ان هذا التغيير قد حدث لان الانتاج المصري يمر بأزمة اقتصادية ومتناسيا ان المشاركة المصرية تكاد تقترب من نصف عدد المشاركات العربية مما يجعل فرصها في المنافسة اكبر من اية دولة اخري وهو بالفعل ما حدث حيث فازت مصر بالجائزتين الذهبية والفضية لافضل انتاج الاولي لفيلم "الصفقة "من انتاج قنوات النيل المتخصصة "الانتاج المتميز "والثانية لفيلم "بيت من لحم "من انتاج المعهد العالي للسينما فضلا عن ثلاثة من جوائز الابداع الخمس وهي :افضل اخراج للمخرج عز الدين سعيد ،عن فيلم "الصفقة "وافضل سيناريو لـ "عائدة الكاشف "وافضل تمثيل للنجم محمود عبد العزيز عن فيلم "النشوة في نوفمبر "من اخراج كاتبة السيناريو وانتاج المعهد العالي للسينما .
الوجه الثالث : انه وجه الابداع الذي يتجاوز تجاوزات البعض والذي يميز مهرجان الاعلام للمرئيات والسمعيات بتنوعه الضخم والذي يصل لثلاثة وعشرين حقلا ابداعيا تتكون له ثلاث وعشرون لجنة في مجالات المسلسلات الاجتماعية والتاريخية والكوميدية ودراما الطفل وبرامج الحوار والتحقيق والمنوعات والفترات المفتوحة فضلا عن لجنة نجيب محفوظ لافضل كاتب دراما تليفزيونية او اذاعية عن مجمل اعماله ولجنة لتحكيم الاعلانات الاذاعية والتليفزيونية وفيما تضمنه اللجان لجنة الفيلم الروائي الفصير الذي تنتجه المؤسسات الاعلامية المختلفة ونأمل في ان تهتم القنوات التليفزيونية المختلفة بعرضه علي شاشاتها لدعم هذا الحقل الهام من حقول الابداع الدرامي والذي يتميز فيه البعض بصورة خاصة ونري ضرورة الاهتمام به لقدرتها علي تكثيف موضوعه في اقل من ساعة وتلخيص رسائله في اقل عدد من الشخصيات ونقل افكاره بصورة مرئية لا تحتاج لكثير من الثرثرة الكلامية وهو ما بدا واضحا في مسابقة الفيلم الروائي القصير والذي شارك فيه سبعة عشر فيلما تسعة منها من مصر واثنان من الكويت وفيلم واحد من كل من سوريا وقطر والامارات ثم ثلاثة افلام جاءت بأسم لبنان انتجتها شركة واحدة هي شركة "كاريزما تي في " لصاحبها الاردني "ايمن الزيود" وقام بأخراجها المخرج الاردني ايضا "اياد الخزوز" وقام ببطولتها مجموعة من الممثلين السوريين ولا علاقة بالافلام الثلاثة بلبنان غير عنوان للشرة المنتجة ببيروت ومع ذلك تطرح الافلام الثلاثة فضايا علي جانب كبير من الاهمية حيث يناقش فيلم " قبول الذات " موضوع علاقة الانسان بذاته وعقله وجسده في مجتمع يأبي عليه ان يكون حتي ولو اطار الشكل غير ما تعود عليه منه مجسدا ذلك من خلال الزوجة الطيبة "كنده "صفاء سلطان "التي تعيش بمرح مع زوجها المحب عماد وابنهما حتي تكتشف فحأة انها مصابة بسرطان الثدي وليس امامها غير العملية الجراحية التي تحولها لامرأة بلا اثداء فترفض ان تقبل ذاتها علي هذا النحو وتثير التوتر داخل البيت فلا يملك الزوج المسكين كعادة رجال الافلام المساكين غير ان يقع في هوي اخري حتي يعود فجأة لرشده وبيته وزوجته ويقنعها بقبول ذاتها علي ما اصبحت عليها اما بالنسبة للاخرين فيكفيها ان تجري عملية تملا بها الصدر الفارغ .
أسلوب متكرر : اسلوب واحد يتبعه اياد الخزوز في اخراج افلامه الثلاثة حيث يبدا بصوت من خارج الكادر يلقي علي مسامعنا حكمة الفيلم ثم يسرد علينا الوقائع التي تجسده هذه الفكرة ثم يعاود في النهاية التأكيد عليها بلسان البطل ولكن ايضا بصوت من خارج الكادر فعل هذا مع فيلم "قبول الذات "وايضا مع فيلم "سلاح الصمت "الذي يكرر فيه نفس الموضوع المكرر عن الثالوث المشهور مليودراميا .الزوج والزوجة والعشيقة فضلا عن المرض الذي يفاجئ الزوجة فيغير من افكار الزوج الخائن وذلك حينما يخرج "إبراهيم""سليم صبري" معاون وزير الثقافة من الوزارة فيجد نفسه يعيش بفراغ قاتل حيث تنشغل عنه زوجته سيدة الاعمال الكبيرة "فتون""المتميزة ناهد حلمي "بأعمالها فيقيم علاقة مع الفنانة التشكيلية الشابة "دارين "
"قمر خلف" ويقدم علي الزواج بها بعد تطليقه لزوجته والتي تصاب فجأة بجلطة دماغية تؤدي بحياتها الا انها قبل ان تلفظ انفاسها الاخيرة تتب كل ثروتها لزوجها دون علم منها انه طلقها ويخفي هو امر تطليقه لها بحجة انقاذ تعبها واموالها من بين يدي ابنها الطماع الذي يناوئه علي الثروة لانه ابنها من الزوج السابق الثري والذي اورثها كل الاموال والمشاريع التي كانت تعمل بها الرجل دائما خائن حتي عندما يحب في فيلم "الخزوز" الثالث "دقائق علي الطريق" فلا يجد غير المختلفة معه دينيا ويظل يطاردها حتي تهرب من بيتها وعلي الطريق الي بيت اعده لهما خارج المدينة يقف بهما سائق التاكسي العم "ابو ثائر "
اندريه سكاف صديق والد الفتي العاشق مصطفي "مكسيم خليل"ليقنعه بضرورة عدم اتمام الزواج بالفتاة سارة "كنده حنا"
احتراما لدين كليهما وعادات وتقاليد مجتمع مازالت ثقافته ترفض زواج المختلف دينا وذلك بناء علي تجربة سابقة للسائق تظل تتداخل في مشهد الطريق الرئيسي مع حوار المسلم والمسيحية فينتصر الماضي وثقافة مجتمع محافظ وتعود البنت ‘إلي اهلها ويعم الاستقرار .
بقلم / د. حسن عطية اخبار النجوم
ساحة النقاش