نشأة الفلامنكو:
بالرغم من أن العديد من تفاصيل تطوير الفلامنكو مفقودة في التاريخ ألا أن الفلامنكو فن أسباني جنوبي أصيل. فهو شكل فني نشأ في جنوب اسبانيا المعروفة بالأندلس سابقا ويرجع بعض المفسرين أصل الفلامنكو إلى الحضارات الإيبرية القديمة لكن تطور على يد الغجر القادمين من شمال الهند في القرن الخامس عشر اما الفلامنكو في شكله الحديث ولد في القرن الثامن عشر ويعتقد انه قد تأثر بمزيج من موسيقى الغجر والمسلمين واليهود وولد من تعبير ناس مضطهدون بسبب ملك اسبانيا عام1492 الكاثوليكي الديانة (فريدناندفي) والملكة إيزابيلا بعد أن اصدر مرسوم أن كل شخص يعيش في مملكته لابد ان يغير ديانته إلى الديانة المسيحية الكاثوليكية وشمل ( الغجر . ،اليهود والمسلمون) ويعتقد إن بسبب هذا تجمعت هذه المجموعات العرقية المختلفة لمساعدة بعضهم البعض ومن هذا الخليط من الثقافات ولدت الفلامنكو. وكانت الأغنية تتميز بالحزن والكآبة وكأنها تعبير عن ظلم واقعي وحزن .
جاء الغجر من شمال الهند في شكل هجرات بدأت في القرن الثاني عشر بعد التجول خلال أوربا الوسطى مجموعة منهم وصلوا إلى اسبانيا مبكرا في القرن الخامس عشر ثم جاءت مجموعة أخرى من شمال أفريقيا لاحقا في نفس القرن وجلبوا معهم لغتهم الخاصة المعروفة ( cale او Romane) وموسيقاهم أساسها شرقية إلى يومنا هذا ويظهر الفلامنكو علامات أصولية شرقية بشكل واضح في استعمال التراكيب .
عاش الغجر مع الآخرين في المنطقة وبدأت أغاني الفلامنكو في البيوت أو الحشود الشكلية من العائلة المترابطة والأصدقاء وكانت أغانيهم تتميز بالحزن وتظهر مشاق الحياة والبؤس العام. واعتمادهم على الارتجال. في القرن الثامن بعد إن منحهم الملك كارلوس الثالث الحقوق القانونية. بدأت أغاني الفلامنكو تنتشر في المقاهي (Cantantes) و يدعى الغجر أنهم أساس هذا الفن و لكن الجدير بالذكر أنهم لعبوا دور هام في هذا الفن و لكن لا يمكن أن نغفل تأثير الموسيقى الشعبية و رقص الأندلس في الفلامنكو .
و يشمل الفلامنكو: تشمل ثلاث عناصر فنيه هي .......
الغناء (cante) والرقص ( baile) والجيتار (Guittarra) بالإضافة إلى جماعة(palmas) او التصفيق اليدوي و يعد الغناء هو مركز مجموعة الفلامنكو حيث أن الراقص يترجم الكلمات وعاطفة المغني جسديا من خلال حركاته" حركة الجسم والذراع " ويكون عازف الجيتار مكمل إلى جانب المغني والراقص ان رقصة الفلامنكو تعبر عن القوة والكبرياء وتنقل حساسية جمال اللحن .وعلى إيقاعات الفلامنكو يكون الرقص بعيدا عن التمايل الهادي للأجساد وبعيدا عن هز الخصر بالتحديد كالرقص الشرقي . أن راقصة الفلامنكو تعبر في رقصتها عن كبرياء وعنفوان ضد الظلم. وتعتمد راقصة الفلامنكو على حركة الأطراف أي حركة الأيدي والأرجل وهذه الحركة لا تتجه نحو الهدوء والرومانسية بقدر ما تتجه نحو التصعيد الحركي أو الدينامية المتنامية التي لا تستجيب لإيقاعات عنيفة في أكثر الأحيان وتخلق راقصة الفلامنكو أنماط إيقاعية معقدة بتقنية حركة معقدة . ولا تتحرك الأجساد الراقصة على إيقاعات الموسيقى فقط . وإنما على إيقاعات صوت المغني وحركة الرقص السريعة جدا تبدو أحيانا كأنها حركة ذاتية غريزية لا تنتظر أوامرها من الدماغ فما تراه من حركات غريزية للقدمين تجعلنا نسأل عن سر تلك القدرة. ان الراقصين الرجال أكثر قدرة على تمثيل تلك الحركة الإيقاعية السريعة من الراقصات. ان العنف في رقصة الفلامنكو مادة أساسية لابد منها .
أن هوس موسيقى الفلامنكو تصاعد تدريجيا وانتشار في جميع أنحاء العالم بعد انتهاء الديكتاتورية الثقافية و ذلك بعد رحيل الجنرال فرانشيسكو فرانكو عام 1975 . فالأسبان لم يعودوا وحدهم أساتذة لغة الجسد المثيرة التي ينطق بها الغجري الذي يجمع بين الحب والموت في آن واحد حيث نساء النرويج وكافة أنحاء العالم يتدفقن على اسبانيا لتعلم فنون رقص الفلامنكو وكذلك المدارس لموسيقى ورقص الفلامنكو في مدينة Osloوفي مدينة تروندهايم في شمال النرويج دليل على ذلك.
وكان للعازفين الجيتار اثر كبير في موسيقى الفلامنكو ومن أشهرهم عازف الجيتار(PACO DE LUCIA) باكو دي لوسيا بلاشك أفضل وامهر عازف جيتار معروف عالمياً عنده البراعة في العزف والتقنية والتكنيك في العزف على آلة الجيتار والأكثر أصالة في تاريخ الفلامنكو ولد عام 1947 وهو عازف جيتار ذاتي التعليم بدء العزف وعمره سبعة سنوات تعلم العزف على آلة الجيتار من اخيه الكبير العازف والبروفيسور مانويل غرنادوس.وهو مؤلف موسيقي وعازف محترف لفت انتباه العالم حيث ظهر في حفلات موسيقية وعلى التلفزيون الوطني والدولي والراديو. وله مؤلفات كثيرة في علم الفلامنكو ولا يزال أستاذ في كونسرفتوار برشلونة يدرس آلة الجيتار .
بقلم / مازن منصور من مجلة الحوار المتمدن اعده للنشر/ وسام سعد
ساحة النقاش