صورة لالة الناى
يبدأ تاريخ الآشوريين الموسيقى من منتصف القرن الثالث عشر قبل الميلاد، يوم حكمت أسرة ملوكهم عام 1271 قبل الميلاد، الشعوب الآشورية، وهو حلقة من حلقات تاريخ الممالك والشعوب الآشورية فى آسيا قد عاصرت الدولة الحديثة لقدماء المصريين، وكانت كلتا الدولتين على اتصال دائم بالأخرى بحكم الجوار والاختلاط، ولذا فقد وجد تماثل بين الموسيقى فى كلتاالدولتين من ناحية أصولها وآلاتها، كما أظهره التاريخ، وهذا ما وجد فى نقوش قدماء المصريين الذى يرجع تاريخها إلى أكثر من ألف عام قبل الميلاد.
وآلة الناى فى الدولة الآشورية، هى مثل ما عرف فى الحضارات الفرعونية من حيث الاستعمال وعدد الثقوب وطول القصبة وجلسة العازف ومشاركته فى الحفلات، وكان الناى أحب آلات النفخ عند الآشوريين، عرفوه على النحو الذى عرفه قدماء المصريين، ثم اليونان فالرومان، واستعملوا منه أنواعاً مختلفة، منها المزمار ذو البوق، ومنها ذو البوقين المتلاصقين تلاصقاً يمكن النافخ قيه من وضعهما معاً فى فمه، واستعماله بسهولة، وتتكون تلك الآلة دائماً من مزمارين يتلاقيان عند الفم، ويفترقان كلما ابتعدا عنه، كما كانت تلك المزامير الآشورية تتركب من عدة قطع يوصل بعضها ببعض يمكن فصلها عن بعض وفق الاستعمال.
ويعتقد الباحث أن المزمار المزدوج عند الآشوريين هو صورة مطابقة تماماً لآلة الأرغول المستعملة حالياً فى مصر، من حيث التركيب والقطع وطريقة النفخ فيه، إلا أن قطعتى الغاب فى الأرغول المصرى مثبتان بعضهما ببعض بواسطة خيوط لسهولة العزف عليه.
وبالرجوع إلى المصادر التاريخية، وجد أن الموسيقى والآلات الموسيقية على وجه الخصوص استمرت تداولها الحضارات القديمة،من فرعونية إلى بابلية وآشورية، متشابهة فى مسويقاها، وخاصة آلة الناى التى انتقلت من حضارة إلى أخرى دون تبديل فى شكلها ومواصفاتها أو طريقة العزف عليها، فقد ظهرت فى بلاد الاغريق (اليونان) أيضاً تكراراً لما شاهدناه من آلات موسيقية فى حضارات مصرية سابقة، فكان يسمى المزمار المزدوج عند الاغريق، "الأولوس Oulos"، وكان صوته حاداً بالغاً فى الحدة على نحا ما عرف عند قدماء المصريين، وكان يستخدم فى المسرات الدنيوية والتعبير عن العواطف، وتصاحب تلك الآلة الرقص والمسرحيات.
فالموسيقى عموماً، والناى خاصة لا يختلف كثيراً عما سبق فى حضارات مصرية قديمة، غير أن هذه الدولة توقفت عند ما قبلها من آلات موسيقية كالمزمار المزدوج، وكان يستعمل عند الرومان مصاحباً للغناء، وذلك لأن الدولة الرومانية كانت كثيرة الحروب، ولم تهتم بالفنون عامة، وإنما اعتمدت على ما قبلها من حضارات.
وقد جاءت كلمة "الناى" فى التوراه لدانيال، حيث ذكر أن الملك "نبوخذ نصر الثانى" آخر ملوك الكلدانين الذى حكم ما بين 664-562 قبل الميلاد، قد أقام احتفالاً دينياً لتمثال صنعه من الذهب، وطلب من حاشيته ورعاياه أن يسجدوا لهذا التمثال عندما يعزف بالناى والسنطور والقانون والعود والطبول والمزامير.
المصدر: آلة الناى عند قدماء المصريين
إعداد
د. عاطف إمام فهمى
المدرس بالمعهد العالى للموسيقى العربية
أكاديمية الفنون
ساحة النقاش