حدث ان توفي والده ، وتعثر السامري في دراسته فاتهمه عمه بأن المسرح هو ما يشغله عن تحصيل علومه ، لذا يجب ان يبتعد السامري عن المسرح بأية طريقة ، وكانت الطريقة التي راها عمه هي نقله من مدرسة الالفي الثانوية الي مدرسة ثانوية اخري هي بنها وتم النقل بالفعل ولكن لم يحدث الابتعاد عن فن المسرح بل علي العكس من ذلك ازداد الولع به وجاء الاثر عكسيا لقد كان البعد اكثر قربا من هذا الفن 0
وفي تلك المرحلة لم يتكون السامري ثقافيا عبر القراءة فلم يكن الكتاب هو وسيلة المعرفة لديه وانما كانت لديه وسائل اخري هي الممارسة ، الرؤية ، الاستماع 0000 وظل الحال هكذا حتي كانت المحطة الجديدة ، وهي الانتقال من عالم القرية الدافئ المليء بمخزون ثقافي شفاهي وصوري وعالم القاهرة بكل اتساعه ورحايته 0
كانت القاهرة آنذاك علي مشارف نهاية الخمسينيات هادئة ، جميلة ، موحية ، وكانت الدراسة في جامعة عين شمس وفي كلية الحقوق هي نصيب السامري من التعليم لقد كان المسرح حتي هذه اللحظة هو مجرد هواية صغيرة وليس مجالا للتخصيص لذا كانت دراسة القانون هي الاساس بينما كان المسرح هو هواية الروح كان نور الدمرداش وسعد اردش 0000 واخرون هم من يخرجون العروض المسرحية في كليات الجامعة المختلفة آنذاك ولم يجد السامري فرصة افضل من هذه ليمارس موهبته وبشكل اخر اكبر فنية وحرفية عن ذي قبل 000
وظلت الايام والشهور تتراوح به ما بين العمل كممثل تارة ومساعد مخرج تارة اخري حتي جاءت اللحظة الحاسمة في مسيرته عندما اعلنوا عن انشاء فرق التليفزيون المسرحية بقيادة الفنان السيد بدير كان ذلك في عام 1960 وتقدم الكثير من الفنانين لهذه الاختبارات وتم قبول الكثير منهم وتكونت تسع فرق مسرحية هي ثلاث فرق لشعبة المسرح العالمي والتي التحق بها السامري بواحدة منها وثلاث فرق لشعبة المسرح الحديث وثلاث اخري لشعبة المسرح الكوميدي ووجدها السامري فرصة عمره التي جاءت له علي طبق من ذهب والتي اتاحت له التعلم من خلال مجموعة من الاساتذة الكبار منهم كمال عيد ، كرم مطاوع ، سمير العصفوري ، سعد اردش ، جلال الشرقاوي ، كامل يوسف ، حمدي غيث ، نبيل الالفي 000
وهذه الاسماء ونظائرها كانوا اعلام المسرح وشبابه النابض بالحيوية والتجديد فقد اتي معظمهم من بعثات تعليمية من دول مختلفة بالعالم وعملوا علي تغيير شكل ومضمون العرض المسرحي المصري ولكل اسم من هذه الاسماء صولاته وجولاته الفنية والتي مازالت ذاكرة المسرح تتذكرها حتي الان وعمل السامري معهم جميعا وله مع كل اسم مخزن كبير من الذكريات عمل معهم مساعدا للإخراج تارة معدا للموسيقي تارة اخري ومديرا للإدارة المسرحية تارة ثالثة 00
والعمل مع امثال هذه الاسماء له عدة اوجه من الفائدة فهم ليسوا مخرجين عاديين لكنهم ايضا معلمون للمسرح لا يملون ارشاداتهم علي الممثل او السينوغراف او حتي العامل البسيط لكي ينقذها من دون ان يفهمها لكنهم يشرحون كل مفردات وخبايا العمل المسرحي وكأنهم داخل قاعات الدرس وليسوا بصدد اخراج عمل مسرحي لقد كان الفتي يسميهم " المخرجون المعلمون " لانهم استطاعوا عبر هذا العلم المسرحي الجديد الذي جاءوا به من بلاد العالم المختلفة بناء عقليات مسرحية اخري داخل مصر ولم يتسنى لها الخروج في بعثة لذا فهو يعلن صراحة انهم ساهموا في تكوينه وبنائه بشكل حقيقي ربما لم يتح لكثيرين بعد ذلك وكان لا يستحي من السؤال عما لا يعرفه كانت ميزته السؤال وعمله يتكون عبر إجابات هذا السؤال المتراكمة لديه 000
وفكرة المخرج المعلم هي ما يراها السامري مفتقدة في معظم مسارحنا وخاصة مسرح الثقافة الجماهيرية والذي يحتاج اليها بشدة فالأمور داخله وفي معظم الاحوال تتم بصيغ غريبة لا يقبلها العقل الفني السليم صيغ تدور في فلك معان او كلمات من مثل " شطارة – فهلوة – مشي حالك – ...." فالمنظومة المسرحية بأخلاقياتها وأدبيتها التي تعرفنا عليها قد اختلت والاحتياج القائم والملح الان داخل مسارحنا هو احتياجنا الي رجل مسرح وليس الي مخرج فرجل المسرح صاحب الدراية الكاملة بكل علومه ومفرداته هو ما يختبئ داخله المخرج الجيد والعكس غير صحيح اما ما لدينا الان فهم وفقط مجرد مخرجين واذا لم يوافق احد علي هذا الراي فليأتي بثلاثة رجال مسرح " بجد " هكذا يقول عبد الرحمن الشافعي.
ويقول ايضا ان حيل المسرحيين الحالي ذلك الممارس لفن المسرح يمكن القول ومن دون مراجعة للذات وبرغم كل شيء انه جيل مظلوم لأنه جيل لم تصل اليهم الحدود الدنيا من المعرفة الحقيقية ولم يجدوا من يوفر لهم هذه المعرفة كما توفرت لنا قبلا...
وكانت شعبة المسرح العالمي التي انضم اليها السامري والتي شهدت اوج ازدهارها في الفترة من 63 – 67 هي المدرسة الحقيقية التي تعلم فيها احترام المسرح باقتدار بدأ رحلته مع حمدي غيث في عرض " عطيل " و انهاها مع السيد بدير في عرض " هاملت " وكانت هناك الكثير من التجارب بين هذين التاريخين تمثل كل واحدة منها مدرسة جديدة ومغايرة استطاع السامري ومن عمل معه فيها التعرف علي اهم تيارات واتجاهات المسرح في العالم 000
حتي هذه اللحظة هل لنا ان نتساءل عن علاقة السامري باسمه ، عن علاقته بالمسرح الشعبي الذي اشتهر به ، حتي الان ليست له علاقة فهل تراه ستكون ؟ وكيف ؟!
لاحقا :
- ماذا فعلت نكسة 67 في المسرح المصري ؟!
المصدر : جريدة مسرحنا العدد : 102
بقلم : ابراهيم الحسيني
تاريخ : 22 يونيه 2009
ساحة النقاش