تشارك فرقة بيت الحكايات الإيطالية فى مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى بمسرحية "أوديب فوق القمة" ، فى هذا العرض نجد الملك العظيم والد اوديب الذى كان فى الأسطوره ملكاً ومالكاً لشعوباً ودول ما هو إلا جامع لأكوام القمامة.ففى الأسطوره كان الملك يحصل على ما يريد قبل أن يشتهيه ، أما فى 2010 يبحث عن الطعام بين النفايات ، أما زوجته التى كانت قديماً ملكة متوجه نجدها فى المعالجة المسرحية، أمرآه مشردة تسرق الطعام من جامعى القمامة , وتنجب أوديب بعد أن يختصبها أحد جامعى القمامة.
وقد ظهرت ملامح التجريب فى عدة جوانب منها دمج أحدث الآلات الموسيقية فى القرن الواحد والعشرون مع الأسطورة الشهيرة (أوديب )، حيث استخدم المخرج هذه اللآلات مع الأسرة العصرية التى تعيش فى الوقت الحالى لتصبح هى الأسرة البدلية لأوديب ليصبح هذا نوع من أنواع الربط الدرامى الذى لجأ إليه المخرج عبر رؤيته ليصبح مبررا دراميا لتقديم أوديب عام 2010، ومن خلال هذا الربط حلت الموسيقى محل الكلمات المنطوقة، ومن ثم أصبحت الموسيقى لغة تواصل لها مفردتها وإبجديتها الخاصة وبالفعل كانت هذه اللغة قادرة على أرسال دلالات درامية أضافت بعدًا فنيًا أكد على العمق الدرامى للعمل ككل، فكانت الموسيقى تتحدث، وتنفعل ، وتندمج وما الى ذلك من دلالات التواصل بين الشخوص المسرحية.
كان العرض محملا بأكثر من مصدر للطاقات التمثيلية التى كان من شأنها الأعلاء من القيمة الفنية للعمل حيث أستطاع الممثلين تجسيد أدوارهم بأتقان ، فأستطاعت مارتا لاكوبينيا والتى جسدت دور الأم أن تجسد الدور من خلال أمتلاكها لأدواتها التمثيلية التى تعددت وتلونت وقامت بإرسال كم هائل من الدلالات عبر أنفعالاتها المختلفة ، فأستحوذت على انتباه الجمهور فى البداية أثناء سرقتها للطعام من زوجها ذلك الرجل المتجبر المتسلط ،الذى لا يتحكم فى شئ سوى أكوام القمامة، كما فازت بالتعاطف بصراخها أثناء ولادتها لأوديب،كما جذبت الأنتياه حين صاحت ألماً حين عرفت بمقتل أبنها ( أوديب) بيد أبيه،حينما علم الأب أنه سوف يقتل على يد ولده وذلك من خلال نبؤة العراف .
وأندمج الجميع معها وصدقها فى لحظات الجنون والشرود وهى تبحث عن أبنها، ومن الطاقات التمثيلية التى لايمكن أغفلها سلفو لامباردو الذى قام بدور أوديب فما رسم لهذا الدور من خطوط حركة ما كان ليقوم بها الا ممثل يحمل براعة جسدية واخرى تمثيلية لتعدد هذه الحركة احيانا وصعوبتها احيانا اخرى من قفز وجرى واظهار اعاقة جسدية وهذا مابرع فى تقديمه .
ومن ثم فان المخرج ميشال مانسينى استطاع تقديم فكرته الجديده ومابها من اسقاط سياسي ممثل فيما تمارسه السلطة الحاكمة من قهر وظلم واستغلال من جهة، ومن ممارسات عنف على من يحاول مقاومة ذلك وبالتالى اصبح الشعب خائفا فلا يرى ولا يسمع ولايتكلم.
أما الأضاءة فكانت فى كثير من الاحيان لاتضيف جديد على العرض رغم وجود بؤر الاظلام ذات الفعالية وخاصة فى تلك اللحظات التى تحتاج الى تركيز المشاهدة وتكثيف المعنى، إلا أنها كانت احيانا ماهى الا تبديل لاقيمة له.
ومع ذلك لايمكن أنكار أن العرض ككل كان عملا مسرحياً ذا قيمة درامية وفنية برع المخرج فى تجسيدها كما نجح فى تصوير فكرته الإخراجية مسرحياعبر تلك الوسائل المسرحية المتاحة.
أحمد شعراوى
المعهد العالى للنقد الفنى
مرحلة البكالوريوس
ساحة النقاش