authentication required

 

يعتبر مؤلف الموسيقا الفرنسى هيكتور برليوز (1803-1869)ابو الكتابة الاوركسترالية الحديثة فهو اعظم شخصية موسيقية فرنسية فى العصر الرومانتيكى كما انه كان من اعلام ذلك العصر البارزين .

وقد كان له تأثيره الايجابى على المؤلفين الموسيقين المعاصرين له والتالين عليه بما ادخله من اضافات على فن الموسيقى سواء باستخدامه (الفكرة المسيطرة)التى توصل اليها فى السيمفونيةالخيالية التى كتبها عام (1830)ورمز بها لشخصية معينه ثم كرر تلك الفكرة فى كل حركة من حركات السميفونية بشكل مختلف وفقا لتطور الاحداث التى تعايشها الشخصية التى رمز لها .

ونجد ان (الفكرة المسيطرة)قد اثرت بشكل مباشر على اثنين من المؤلفين المعاصرين لبرليوز وهما اصغر منه سنا الاول هو مؤلف الموسيقا المجرى فرانزليست (1811-1886)والذى ساعدته هذة الفكرة على التوصل الى شكل القصيد السيمفونى الذى ابتكره حيث رأى أن عليه بدلا من تكرار لحن معين يربط بين حركات السيمفونية ان يكتب عملا من حركة واحدة طويلة تصور موضوعا محددا مثل قصيدة شعر او قصة او منظرا طبيعيا او لوحة مرسومة .

والمؤلف الثانى الذى تأثر بالفكرة المسيطرة لبرليوز هو مؤلف الموسيقا الالمانى ريتشارد فاجنر 1813-1883)الذى اوحت له الفكرة المسيطرة او ساعدته على التوصل الى فكرة (اللحن الدال)الذى رمز به لشخصية محددة فى اوبراته وكان يتكرر ذلك اللحن عند ظهورها على المسرح او عند ذكرها بين شخصيات الاوبرا .

وكذلك فقد كان هيكتور برليوز ميالا لاستخدام اعدادا ضخمة من المغنين والموسيقيين فى اعماله فقد الف عام 1837 مرثية للجنود الذين قتلوا فى الحملة الفرنسية على بلاد الجزائر وشارك فى اداء تلك المرثية مائتا مغنى واوركسترا ضخم وست عشرة طبله تمبانى واربع فرق لالات النفخ النحاسية.

وكان برليوز اول من ادخل لفن الموسيقا الحب الرومانتيكى ذو الخيال الجامح وكذلك استغلاله للموضوعات الادبية فى مؤلفاته الموسيقية حيث قامت الموسيقا بتصوير موضوعات محددة فقد تأثر برليوز بكل من بايرون وجوته وشكسبير وغيرهم وكان ميله الادبى هذا واضحا فى جانب اخر من نشاطه الفنى عندما عمل كناقد موسيقى يحرر عمودا فى جريدة الديبا على مدى ربع قرن وبرليوز كمؤلف موسيقى كان مسرفا فى استخدام الالوان الاوركسترالية فكان يحلم بأوركسترا خيالى يتكون من 465 الة منها 120كمان -20فيولا -45تشيللو -37كونتراباص -30بيانو -30هارب-بالاضافة الى الات النفخ والات الايقاع على نطاق واسع ويتضح من هذة الارقام المبالغ فيها مدى حب برليوز للضخامة فى اعماله كما انه قد درس بعناية الفروق الدقيقة والصغيرة جدا للافكار والالوان والظلال كما لم يفعل احد قبله.

ويعتبر بوليوز واحدا من عظماء الموسيقيين المجددين فى اساليب الكتابة الاوركسترالية كما نعرفها اليوم ونسميها فيرتيوزية وبراقة يمكن القول انها نشأت على يد برليوز.

وهو قد الف كتابا عن الكتابة الاوركسترالية عام 1844ما زال يعتبر مرجعا حتى الان.

والجدير بالذكر ان استخدامه للاعداد الكبيرة لم يكن لحبه للضخامة ولكن لانه كان لانه كان لا يكل من البحث عن اصوات والوان جديدة وكان يحاول دائما ان يستخرجها من المجموعات المختلفة من الالات كما كان يجرب دائما الالات الجديدة وبفضله دخلت اكثر من الة موسيقية الى الاوكسترا وبقيت فيه ومنها على سبيل المثال نذكر التى الهارب والكورنو انجليزى.

وكان استخدام برليوز ايقاع للايقاع جريئا وقد حرر اسلوبه فى الكتابة للاوركسترا الموسيقا من التبعية للايقاع واستفاد من التنوع فى النماذج الايقاعية المألوفة وغير المألوفة حتى ان الكثير من معاصريه كانوا ينظرون اليه على انه شخص غريب الاطوار فى هذة الناحية من كل ما سبق نجد ان هيكتور برليوز كان له تأثيره القوى على المؤلفين الموسيقيين الذين جاءوا بعده ايا ما كانت جنسياتهم.

ولد هيكتور برليوز فى الحادى عشر من ديسمبر 1803 فى قرية سانت اندريه بالقرب من جرينول فى جنوب شرقى فرنسا وكان والده طبيبا يعمل فى الريف ويرغب فى ان يصبح ابنه طبيبا مثله ولهذا فقد تلقى برليوز تعليما موسيقيا ضئيلا فى صباه لان تعليمه كان موجها ليصبح طبيبا وقد ارساله ولده عام 1921 إلي باريس ليدرس الطب ولكن عندما طلب منه ان يقوم بتشريح حيوان هرب من المدرسة مرعوباً وحبس نفسه في حجرته وادرك ان الطب بم يكون مهنة له.

وبالرغم من تلك التجربة فقد استمر بشجاعة في دراساته الطبية حتي حصل علي البكالوريوس عام 1824 ولكنه لم يترك دراسة الموسيقا وحرص علي حضور الحفلات في دار أوبرا باريس كما قضي الساعات الطوال في مكتبة كونسيرفتوار باريس يدرس المدونات الموسيقية وعندما سمع أوبرا إيفيجينيا في توريد لجلوك هزته بعمق وايضاً عندما سمع سيمفونية لبيتهوفن لاول مرة بدء كما لو كان قد اكتشف عالماً جديداً وبعدها لم يعد يتق صبراً علي تعلم ذلك الفن العظيم المدهش الذي استطاع ان ينتج عملاً مثل سيمفونية بيتهوفن فذهب إلي الاستاذ ليسيور ليتعلم علي يده وعندما كتب أوبرا الاولي قال له أستاذه انك لم تصبح ابداً طبيباً أو صيدلياً ولكنك ستكون مؤلفاً موسيقياً عظيماً لانك تملك عبقرية وكتب اودساً وقدمه في ديسمبر 1923 ولكنه لقي فشلاً سريعاً فقام بمحاولة غير ناجحة للالتحاق بكونسيرفتوار باريس ولما كان برليوز لا يعرف اليأس فقد عاد لبيت أسرته في صيف عام  1824 وأعلن علي والده أنه ترك دراسة الطب إلي الابد وسوف يتجه لدراسة الموسيقا وبعد جلسة عاصفة بين الاب وابنه اقتنع الاب بوجه نظر ابنه فوعده بالاستمرار في دعمه مادياً ولكن بشرط واحد هو ان يثبت في فترة معقولة انه لديه المقدرة علي النجاح في مجال الموسيقيا وهكذا تمكن من الالتحاق بكونسيرفتوار باريس وبعد فترة أراد ان يثبت براعته فنظم عرضاً ثانياً للقداس وقدمه في العاشر من يوليو عام 1825 وغطي نفاقاته بمبالغ اقترضها من بعض اصدقائه واستخدم العمل هذه المرة بشكل افضل وخاصة من أصدقائه ولكنه ترك برليوز مثقلاً بالديون بالطبع قام والده بسداد تاك الديون مما جعله نافذ الصبر حول جدية مواهب ابنه الموسيقية مما زاد الامر سوء انه علم ان برليوز تقدم مرتين للحصول علي جائزة روما الكبري ولكنه فشل وأخيراً اقنع الوالد نفسه بان ابنه ليس لديه مواهب التي تمكنه من النجاح في الموسيقي قتوقف عن مده بالمال وحاول برليوز ان يدبر اموره قدر الامكان فأعطي دروس خاصة وشغل وظيفة مدرب كورال فكان يحصل بالكاد علي ما يسد رمقه وفي عام 1827 حضرت إلي باريس فرقة شكسبير الإنجليزية وقدمت سلسة من العروض وكانت نجمتها تدعي هاريت سميسون وعندها رآها برليوز تؤدى دور ~(أوفيليا ) في مسرحية هاملت وقع في غرامها وحاول التعرف عليها دون جدوي فغمرها بسيل من الرسائل الغرامية ولكنه لم يتلق رداً وحاول أن يلفت نظرها بإقامة حفل لتقديم أعماله وقدم الحفل في الكونسيرفتوار في السادس والعشرين من مايو 1828 ولكنها لم تعرف حتي باإقامة الحفل.

ولما فشل في التعرف علي من يحب حاول أن يعزي نفسه بعلاقة حب مع عازفة البيانو كامي موك ولكنه لم يشعر بالهدوء ولا استطاع النسيان وعندئذ وجد الوقت مناسباً ليكتب أول عملين مهمين له الاول غنائية مصنف (1)على اساس ثمان مشاهد من فاوست (وقد اصبح هذا العمل فيما بعد اساسا لمؤلفه لعنة فاوست )والعمل الثانى كان السيمفونية الخيالية التى قدمت فى باريس فى الخامس من ديسمبر 1830 وكان فرانزليست بين الحاضرين فى ذلك العرض واعجب بالموسيقا ومنذ ذلك الحين اصبح اكثر اصدقاء برليوز تحمسا له واعجابا به وظل برليوز يبحث بقلق عن محبوبته لعلها تحضر الحفل ولكن دون جدوى وبينما وهو يشعر بخيبة الامل تلك جاءته الاخبار بانه قد فاز بجائزة روما الكبرى عن غنائيته التى كان قد قدمها فى اكتوبر عام 1830.

وذهب برليوز الى فيلا الميديشى فى روما لتقضى ثلاث سنوات وفقا لشروط المسابقة ولكنه عاد الى باريس بعد ثمانية عشر شهرا وفوجىء بان الانسه سميسون قد عادت الى باريس فاستيقظ حبه لها واعد على وجه السرعة عرضا للسيمفونية الخيالية (التى الفها من وحى حبه لها )املا ان تحضر العرض والفعل حضرت مع شقيقها وكان تأثير السيمفونية عليها كبيرا خاصة بعد ان علمت انها هى التى اوحت للمؤلف بالعمل واستغل برليوز الموقف وعبر لها عن مشاعره واستطاع فى النهاية ان يستولى على عواطفها وتزوجا فى الثالث من اكتوبر عام 1833 فى السفارة البريطانية فى باريس.

ولكن ذلك الزواج لم يكن سعيدا بسبب حدة طباع الزوجين وايضا بسبب فقرهما وشعور الزوجة بفقدانها لمجدها كل ذلك جعلها متهورة وسليطة وانتهى الامر بانفصالهما عام 1842 (وتوفيت عام 1853).

وخلال الاعوام التالية قدم برليوز بنجاح عدد من الاعمال الجديدة هى سيمفونية (هارولد فى ايطاليا )عام 1834 للفيولا والاوركسترا.

وكان برليوز قد كتب هذا العمل بناء على طلب من عازف الكمان الايطالى الاشهر نيكولو باجانينى(1782-1840) ولكنه لم يرض عن الدور المحدود الذى كتبه برليوز لالة الفيولا وذلك عندما رأى مسودات الحركة الاولى وطلب منه ان يعيد كتابته بما يتناسب مع مكانة باجانينى ولكن برليوز قال له إن العمل الذى تطلبه لا يستطيع ان يكتبه سوى باجانينى نفسه .

وقدم هذا العمل دون اى تغيير واداه عازف فيولا اخر فى الثانى والعشرين من نوفمبر عام 1934.

وعندما سمعه باجانينى فيما بعد فى السادس عشر من ديسمبر 1838 تأثر به وارسل رساله لبرليوز ومعها ارسل له هدية عشرون الفا من الفرنكات.

وفشلت اوبراه (بنفينوتو تشيللينى )عند عرضها فى باريس عام 1838.

وبعدها وقع فى غرام مغنية من الدرجة الثانية تدعى مارى ريتشو وزار معها بلاد اوروبا .

وعندما توفيت زوجته شعر بحزن عميق لانه لم ينس حبها ابدا وفى ايامها الاخيرة كانت مريضة فقام برعايتها بكل حب وحنان برغم شدة عصبيتها .

وفى العام التالى تزوج مارى ريتشو وجاء زواجه الثانى غير سعيد مثل الزواج الاول.

كتب برليوز مؤلفه (ليليواو العودة الى الحياة)وقصد به ان يكون تكملة للسيمفونية الخيالية التى مات البطل فى نهايتها ثم كتب الدراما السيمفونية (روميو وجوليت)للاصوات المنفردة والكورال والاوركسترا عام 1839 وفى هذا العمل استرجع برليوز بشكل موسيقى مشاعره العارمة التى توقفت عندما رأى هنريت سميسون اول مرة وهى تمثل على المسرح.

وقد عصفت به تلك الذكريات حتى انه هام على وجهه طوال تلك الليلة فى شوارع باريس.

وقد قدمت هذه الدراما السيمفونية فى الكونسيرفتوار فى نوفمبر من نفس العام وحققت نجاحا هائلا .

وكان من بين جمهور الحاضرين فى ذلك الحفل مؤلف شاب كان ما يزال مغمورا ذلك هو مؤلف الموسيقا الالمانى ريتشارد فاجنر.

وفى العام 1842 بدأ برليوز جولة لتقديم اعماله فى كل من المانيا والنمسا وانجلترا وروسيا .

وخلال تلك الجولة اتم تخطيط عمل كان قد بدأ يعمل فيه قبل ذلك بسبعة عشر عاما وهو الاسطورة الدرامية (لعنة فاوست )التى قدمت لاول مرة بمدينة باريس فى السادس من ديسمبر عام 1846 .

وقضى برليوز سنواته الاخيرة وهو غير سعيد بالاضافة الى زيجتيه غير الموفقتين وبدأت صحته فى التدهور وقضى عليه وفاة ابنه الوحيد بمرض الصفراء فتوفى برليوز فى الثامن من مارس عام 1869 عن عمر يناهز ست وستين عاما .

وحمل جثمانه عدد من مؤلفى الموسيقا الفرنسيين وفى مقدمتهم شارل جونو وامبروا توماس وعزف مارش جنائزى من تأليف برليوز .

وفيما يلى بيان بأهم مؤلفات هيكتور برليوز:-

1-الاوبرات بنفينوتو تشيللينى 1838 بياتريس وبنديكت 1862 اهل طروادة 1863 .

2-الاعمال الاوركسترالية السيمفونية الخيالية 1830-سيمفونية هارولد فى ايطاليا 1834 افتتاحيات الملك لير –القرصان –الكرنفال الرومانى .

3-الاعمال الكورالية الدراما السيمفونية (روميو وجولييت)-لعنة فاوست –القداس الجنائزى –اوراتوريو (طفولة المسيح)-صلاة الشكر .

وفيما يلى نلقى بعض الاضواء على السيمفونية الخيالية اشهر اعمال هيكتور برليوز.

تعتبر السيمفونية الخيالية من اهم اعمال الموسيقار هيكتور برليوز وتحتل فى عالم الموسيقى مكانة مرموقة فهى تمثل مرحلة مهمة من مراحل التطور الموسيقى فى القرن التاسع عشر وفتح بها برليوز افاقا جديدة لاستخدام الموسيقى فى التعبير والتصوير هذا بالاضافة الى ما فيها من ابتكارات فى الكتابة الاوركسترالية تعتبر فى حد ذاتها تجديدا وخروجا على كل القواعد المألوفة.

قدم برليوز لسيمفونيته الخيالية او كما سماها (فترة من حياة فنان )ببرنامج طويل فصل فيه ما تعبر عنه كل حركة من حركات السيمفونية من عواطف واحاسيس فى دقة متناهية حتى ان بعض النقاد يعتبرون هذة السيمفونية بمثابة مذكرات شخصية بسط فيها برليوز فترة من حياته العاطفية الجامحة عندما احب الممثلة الايرلندية هاريت سيمثون.

احمد المصرى السيمفونية الخيالية للموسيقار هيكتور برليوز بين الحقيقة والخيال القاهرة مجلة الفن الاذاعى مجلة خاصة تصدرها اذاعة القاهرة يوليو 1961 ص (18).

بقلم / د. زين نصار المصدر / كتاب درساات موسيقية و كتابات نقدية

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,831,936