نشر في جريدة الأهرام يوم (12/6/2001) على الصفحة الخامسة عشر موضوعا بعنوان (بمساهمة من الاتحاد الاوروبى وجامعة حلوان مشروع قومي لأحياء الموسيقى المصرية الفرعونية القديمة)
وأضاف كاتب الخبر يقول (في أطار المشروع القومي لتحديث الدولة ومواكبة تطورات العصر وتعظيما لدور الجامعات في إحياء وتأصيل الثقافة القومية تقوم جامعة حلوان بإعداد مشروع قومي لأحياء الموسيقى المصرية الفرعونية القديمة بالتعاون مع علماء متخصصين من كل من ألمانيا وهولندا وسويسرا وبدعم ومساهمة الاتحاد الاوروبى وأنه قد تم الاتفاق مع الجانب الاوروبى على عقد مؤتمر دولي تشارك فيه مصر ودول العالم ويتم الأعداد له حاليا بعنوان (الموسيقى المصرية الفرعونية ).
والذي سيعقد بالقاهرة وليكون تحضيرا للمشروع القومي وعقد مهرجان سنوي في مدينة الأقصر لعرض المؤلفات والألحان الموسيقية والغنائية للمؤلفين المصريين والأجانب على أن تقدمها فرقة موسيقية فرعونية كهدف سياحي واعلامى ومرافقة رحلات الآثار المصرية في جولاتها المتعددة الى الدول الصديقة فى كل من أوروبا واسيا وأمريكا وان المشروع القومي تبلغ تكاليفه المبدئية للمرحلة الأولى خمسمائة ألف جنيه حيث سيستغرق المشروع ما بين(24و30)شهرا .
ويهدف المشروع إلى إعادة تصنيع الآلات الموسيقية المصرية القديمة بنفس المواصفات من آلاف السنين وتشكيل فرق موسيقية فرعونية وإنشاء متحف لهذه الآلات على أن يختار موقعه جوار احد المعابد المصرية القديمة وكذلك إيجاد فرص عمل جديدة لشباب الخريجين في مجالات فنية وثقافية ومهنية.
وعن خطة العمل قال مدير مركز دراسات وبحوث التنمية التكنولوجية بالجامعة أنها تعتمد على جانبين أساسيين هما الجانب العملي والجانب البحثي من خلال النماذج الموجودة بالفعل (الأصلية ) في المتاحف المصرية ودول العالم والأبحاث والدراسات السابقة في هذا المجال خاصة لغة إشارات اليد وتقارير علماء الآثار عن العلامات والحروف المنقوشة ولجنة علماء الاجتماع عن طباع الشعوب أما الجانب الأخر فهو علمي تنفيذي بتشكيل لجان علمية لقياس واختيار النماذج المطلوبة والتعرف على نوعية الخامات المصنوعة منها الآلات .
وعن بدء العمل بالمشروع القومي يؤكد مؤسس المشروع وأمين عام المؤتمر الدولي أنه قد تم بالفعل عقد عدد من اللقاءات بين الجانبين الالمانى والهولندي متمثلا فى معهد جوته أساتذة وخبراء وتداولت اللقاءات الشرح التفصيلي ومراحل الإعداد والتنفيذ وعمل اللجان الثلاثية المشتركة وتم الاتفاق على جميع الجوانب وأضاف مؤسس المشروع أنه تم الاتفاق مع جميع المشاركين على عقد المؤتمر بالقاهرة نهاية العام الحالي (2001)لتحقيق الأهداف القومية للمشروع وتم عمل لجنة تحضيرية برئاسة رئيس الجامعة حضرها (27)في تخصصات مختلفة وتم توزيع مجموعات العمل من واقع محاور المؤتمر ومازال العمل مستمرا من اجل إحياء مشروع الموسيقا الفرعونية القديمة إلى هنا انتهى التحقيق الصحفي المنشور بجريدة الأهرام يوم( 12/6/2001).
التعليق:
في البداية لابد أن نتفق أننا جميعا نشجع وندعم كل بحث علمي جاد للوصول إلى مزيد من المعرفة وتحقيق الجديد من الاكتشافات وقد حظيت الحضارة المصرية القديمة باهتمام العالم أجمع بعد أن انبهر بعظمة تلك الحضارة وبعلومها وفنونها .
ويمكننا أن ندرس المتاح لنا خاصة بعد أن تم حل رموز اللغة الهيروغليفية عقب اكتشاف حجر رشيد وبذلك تمكنا من معرفة الأدب والحياة الاجتماعية وتاريخ الحكام لان كل ذلك مدون على جدران المعابد والمقابر أما فيما يتعلق بالموسيقا فإن الأمر يختلف فقد وجدنا صور الآلات الموسيقية في مصر القديمة وليس هذا فقط وإنما عثرنا أيضا في المقابر على الآلات الموسيقية نفسها ويمكن لاى زائر للمتحف المصري بميدان التحرير بالقاهرة ان يشاهد تلك الآلات معروضة للجميع.
فالصور الموجودة على جدران المقابر والمعابد للعازفين وهم يمسكون آلاتهم الموسيقية توضح لنا كيفية إمساك العازف للآلة التي يعزف عليها.
والجدير بالذكر أن الحضارة المصرية القديمة قد عرفت كل فصائل الآلات الموسيقية التى نعرفها اليوم سواء كانت آلات وترية أو آلات نفخ أو آلات إيقاعية باستثناء الآلات الوترية ذات القوس اى التي تصدر الصوت بمرور القوس على الأوتار فلم تعرفها الحضارة المصرية القديمة والآلات الوترية تتغير تسوية (ضبط)أوتارها أحيانا والعازف مازال ممسكا بها فيعيد تسويتها (ضبطها)كما نرى أحيانا في الحفلات العامة فما بالنا والآلات موضوعة فى المقابر منذ آلاف السنين .
إذن نحن لا نعرف حتى الآن النغمات التي كانت تسوى (تضبط)عليها أوتار الآلات الوترية الموسيقية في الحضارة المصرية القديمة فكيف ستسوى (ستضبط)أوتار تلك الآلات الآن
وآلات الناي التي عثر عليها في مقابر الحضارة المصرية القديمة تتميز بأن طول عمودها الهوائي ثابت وكذلك قطر الآلة وبعد الثقوب على جسم الآلة بعضها عن بعض لذلك فإن الجانب المهم والجدير بالمناقشة هو أن الآلات الموسيقية بين أيدينا الآن فكيف لنا أن نعرف الألحان التي كانت تصدر عن تلك الآلات فى الحضارة المصرية القديمة ونحن لم نكتشف حتى الآن وسيلة للتدوين الموسيقى عرفها الموسيقيون في الحضارة المصرية القديمة وأى شخص يقول غير ذلك فعليه أن يقدم الدليل العلمي القاطع على ما يقول ولا يقدم لنا مجرد افتراضات رجما بالغيب.
والسؤال الآن هو كيف إذن سيتم إحياء موسيقا لا يمكن معرفتها أو الوصول إليها المؤتمر يمكنه أن يبحث العديد من جوانب الحياة في الحضارة المصرية القديمة أما أن يتعرض للموسيقا بالصورة التي وردت في التحقيق المنشور في جريدة الأهرام يوم( 12/6/2001 )فهذا كلام غير مقبول لأنه لا يستند على أي أساس علمي .
أما موضوع تصنيع آلات موسيقية تكون مماثلة للآلات التى عثر عليها فى مقابر قدماء المصريين فلو فرضنا جدلا أن هذا التصنيع قد تم فماذا ستعزف تلك الآلات هل ستعزف ألحانا معاصرة أم قديمة بدرجة أو بأخرى أم أنها ستقدم مؤلفات مصرية وأجنبية كما قيل أم ماذا إذا كان المقصود هو العرض فالآلات الأصلية معروضة بالفعل في المتاحف أما إذا كان المقصود أن يلبس العازفون ملابس فرعونية للإيهام بوجود الجو المصر القديم فهذا موجود بالفعل فى القرية الفرعونية بالجيزة وبالطبع لا مانع أن تكون هناك فرقة موسيقية يرتدى أعضاؤها الملابس الفرعونية بشرط واحد أن يكون واضحا تماما أن ما ستعزفه هذه الفرقة من ألحان لا علاقة لها مطلقا بالموسيقى في الحضارة المصرية القديمة .
والسؤال الملح هو هل تم عرض هذا المشروع الذي يقال أنه قومي قبل البدء فيه على المتخصصين في أكاديمية الفنون وهى صرح علمي عملاق وبه أقسام لعلوم الموسيقا متخصصة فى الموضوع
وفى الختام أود أن أؤكد أنني أساند وأدافع عن كل جهد علمي فى الاتجاه الصحيح أما عن (المشروع القومي لإحياء الموسيقا الفرعونية )فهو أقرب إلى الأساطير منه إلى الواقع و واقع البحث العلمي على وجه الخصوص.
بقلم د/ زين نصار المعهد العالى للموسيقى العربية اكاديمية الفنون
ساحة النقاش