من المعروف أن مجموعة المؤدين علي مسرح الباليه هم الأساس في توصيل أفكار مصمم الباليه إلي الجمهور عن طريق الأداء الحركي الذي هو بمثابة الكلمات في المسرح الكلامي ولذا فمن العوامل الأساسية التي ينظر إليها الناقد لفن الباليه هي ، هل استطاعت مجموعة المؤدين بما فيهم الراقصين الأوائل توصيل المطلوب من مضمون درامي إلي الجمهور ؟ وقد يتساءل هنا أحد السائلين أن المؤدين علي مسرح الباليه ليسوا إلا دمي يحركهم مصمم الباليه دون أن يكون لهم أي دور في تغيير أو تعديل أو تبديل ما تم التدريب عليه . هذا صحيح ولكن مصمم الباليه مهما كانت موهبته لن يستطيع أن يحرك في الراقص انفعالاته الداخلية إذا لم تكن أصلاً موجودة فيه فإن راقص الباليه إذا كان يعتمد فقط علي الأداء الجسمي دون الاعتماد علي الانفعالات الداخلية الصادقة المعبرة عن المواقف المختلفة والمتعددة يصبح هذا الأداء بارد لا روح فيه أداء سطحي مجرد من المعني . والمشاهد لفن الباليه المتمرس علي المشاهدة يستطيع أن يشعر بذلك . وبالتالي وجب علي الناقد لهذا الفن أن يكون أعلي درجات من المشاهد العادي لفن الباليه.وفنان الباليه المؤدي للجمل الحركية التي يمليها عليه مصمم الباليه يجب أن يلتزم بها التزام كلي وجزئى وليس من حقه أن يرتجل أو يضيف أو يعدل أو يغير فيما أوجده مصمم الباليه وذلك لأن أي إرتجال أو إضافة أو تغير مفاجئ علي المسرح سيشعر به مل منن المشاهدين بما فيهم الناقد لفن الباليه ، فالباليه عمل فني مسرحي تم إعداده بشكل متقن وتم التدريب عليه حتى يصل بكل المؤدين إلي الهارمونية المتكاملة وتكون كل لحظة فيها من جماليات الشكل والأداء ما يشيع في النفس البهجة والسرور والمعرفة ، ,إذا كان التدريب عليه غير كاف فهنا يظهر لناقد الباليه أن مستوى الأداء منخفض ويظهر هذا علي مسرح الباليه بشكل أوضح . وهذا التدريب غير الكاف يؤدي بانحراف المشاهد إلي النقد وفقد المتابعة الدرامية التي تكمن في الباليهات الهادفة وتظهر أيضاً في الباليهات الاستعراضية والتي تعتمد علي الأداء المهاري للعناصر الحركية الصعبة والمركبة والتي هي الأساس الذي يبني عليه الباليه الاستعراضي . وفي العروض الفنية للمنوعات الراقصة إذا لم يكن التدريب غير كاف لظهرت هذه المنوعات في صورة غير التي من أجلها وجدت علي مسرح المنوعات ذلك لأن مخرج المنوعات لا يستطيع أن يجازف بوجود منوع علي المسرح يقل في مستواه التدريبي عن المنوعات الأخري ، والناقد لفن الباليه عندما ينقد عرض المنوعات يكون هدفه مختلف عن هدفه في نقد الباليهات الدرامية فهنا يختلف الهدف من حيث الأداء المهاري الفردي أو الثنائي أو الجماعي فهو ينظر من حيث الأداء الحرفي ومدي تمكن المؤدي لما يؤديه في توافق حركي سمعي وتوافق عضلي عصبي وفي توازن وانسجام مع الزميل أو الزميلة المشارك أو المشاركة معه في الأداء الثنائي ، كما تختلف رؤية الناقد عند مشاهدة عمل جامعي راقص علي مسرح المنوعات هذا العمل الجماعي الذي يحكمه ويقيده الالتزام بالشكل العام والالتزام الكل في الأداء الموحد المتطابق مع الموسيقي والتي هي الأساس في ضبط الإيقاع الأدائي بين المؤدين . وعلي كل المؤدين الالتزام بالمسافات في الفراغ المسرح حتى يظهر للجمهور التشكيل المرئي في إطار مريح من ألأداء ، أما إذا خرج أحد المؤدين عن التشكيل فإن عين الجمهور العادي سوف تتبع هذا المؤدي لأنه أصبح نشاز (كما في العزف الموسيقي الذي يشذ عن زملائه فتلتقطه الأذن بسرعة) وهذا أيضاً ما يحدق لعين المتفرج المتابع للأداء الحركي فنجده يتبع بعينيه المؤدي الذي خرج عن التشكيل  .وإذا كان في عرض الباليه الهادف رقصات جماعية فهنا نجد في خروج المؤدي عن الشكل والتشكيل العام خروج المشاهد أيضاً عن الإحساس بالجمال المريح وخروج المشاهد أيضاً عن المضمون الدرامي وبالتالي فالخطأ هنا خطأ مزدوج . وما يلحظه المشاهد العادي يجب أن يلحظه أيضاً المشاهد الناقد لأنه سوف يكتب عن ذلك صباح اليوم التالي لينبه إلي ضروري إعادة التدريبات وتكثيف جهود الراقصين وتوجيههم إلي ضرورة الالتزام بالتشكيل والعمل علي تركيز كل جهودهم وتفكيرهم علي المسرح فيما يردونه ولا يعتمد المؤدي علي انه صاحب خبرة وتاريخ طويل علي المسرح ذلك لأن هذا التاريخ وهذه الخبرة يجب أن تضاف غليها كل يوم وكل ليلة عرض خبرة مكتسبة ليحفر الراقص بجهده وعمله علي المسرح تاريخه الفني .

علي الناقد لفن الباليه أن يكون علي علم بالأداء الحرفي لعناصر الحركية البسيطة والصعبة والمهارية والمركبة وأن يكون أيضاً علي علم بنوعية الرقص المقدم علي المسرح والذي يشتمل علي رقص كلاسيكي ، رقص شعبي عالمي ، رقص تاريخي ، رقص حديث وأن يدرك تمام الإدراك حرفية كل نوع من هذه الأنواع ويكون عنده ثقافة عالية يستطيع بها ان يميز الفروق النوعية بين الرقصات الشعبية العالمية حتى يستطيع أن يكون نقده للعمل الفني مبني علي أسس وقواعد نظرية وتطبيقية يستطيع من خلالها أن يكون له نقد بناء وليس مجرد كلمات لمديح القول والثناء علي العمل وعلي المؤدين له .

قبل أن ينقد الناقد مصمم الرقصات يجب أن يعلم أولاً مهمة مصمم الرقصات الذي يعتبر المؤلف الحقيقي لعرض الباليه فهو الذي يترجم بالحركة المضمون الدرامي ولذا فإن مهمة مصمم الباليه هي أم المهام علي مسرح الباليه فبدونه لا يوجد عرض باليه ، ولا يوجد مؤدين ولا مشاهدين . ومصمم الباليه هو الركن الاساسي في عروض الباليه فهو المؤلف الحقيقي له .

الناقد لفن الباليه ولفنون الرقص عموماً يجب أن يلم بالأسس الفنية الخاصة بكل نوع وبكل قومية قبل أن يشرع في نقد الرقص . فالناقد لفن الرقص لا ينقد الأداء ومدي إمكانية المؤدي وكيفية أدائه للعنصر الحركي أو كيف أن المصمم استطاع بحرفية توظيف ما يجب أن يبحث عنه الناقد هو الأسس الفنية الخاصة بكل نوع من أنواع الفنون المشتركة معه علي مسرح الباليه أعمال عالمية كبيرة ذات مستوى فني رائع فهي بالتالي تقرب المسافات بين القوميات لأن العمل الفني حالياً ليس مقصوراً علي بلد معين فكلنا نستطيع أن نري الأعمال الفنية من خلال وسائل الإعلام المختلفة من أفلام سينمائية وشرائط فيديو وبث تليفزيوني من مختلف أنحاء العالم وعلي ذلك نري أن مصمم الباليه أصبح في موقف صعب فلم تعد المسألة هي تجميع عناصر حركية في شكل أداء حرفي أو أداء جمالي بل أصبحت الصعوبة فيما هل هذه العناصر الحركية تتماشى مع ما يؤيده من موضوع أياً كان (قومياً تاريخياً أسطورياً ....... إلخ) ؟

المصدر/ كتاب التحليل والنقد فى فن الباليهبقلم/ ا.داحمد حسن جمعهعميد المعهد العالى للباليه - سابقا

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,205,043