authentication required

 

بقلم : أ . د . مدكور ثابت

=============  

يدور موضوع ورقتنا هذه المرة حول إضافة لفرضية بحثية جديدة فيما يتعلق باستكشاف الفيلم المصري ورصد سمائه ، حتى تصل السطور قبل نهايتها إلى التأكد على دعواتنا الأربع ، التي هى الأهم في مواصلة تحقيق مشروعنا الطموح : " ملفات السينما " منذ بدأناه استهدافا لتعويض النقص الحاد في الدراسات والمواد اللازمة للتأريخ للسينما المصرية .

وضمن التأكيد على هذه الدعوات ومواصلة تحقيقها ، نتوجه الآن إلى أولها التي تدعو إلى طرح فرضيات البحث في الفيلم المصري .. وها هى ملفات السينما تدخل إلى زاوية الفرضية الرابعة ( بترتيب ما توفر إصداره حتى الآن ، وليس ترتيباً لأسبقية بين هذه الفرضيات ) وذلك فيما نطرحه من فرضيات الزوايا التي تعتبر كل منها مدخلاً إلى كل شرائح السينما المصرية ، وفرضيتنا في هذه المرة ( الرابعة ) تتعلق بكل من الكوميديا والغناء ، بينما كانت الأولى متعلقة بأفلام الحركة ، والثانية متعلقة بالمعالجة الدينية ، أما الثالثة فكانت حول ما أسميته محور هيكل / كريم المتمثل في تيار فيلم زينب .

وهكذا نقدم الآن هذين المجلدين الجزأين المكونين لملف واحد أضطلع بتأليفه وإعداده الأستاذ محمود قاسم ، لنورد بإصداره وطباعته فرضيتنا الجديدة باعتبارها واحدة من مجموعة تلك الفرضيات التي تعودت – شخصياً – طرح مقولاتها لتكون متاحة على مائدة البحث في اتجاه إثباتها أو رفضها فيما يتعلق باتجاهات وأنواع وشرائح الفيلم المصري خلال تاريخ إبداعه وصناعته ، كما سوف تستمر دعوتنا لطرح العديد من الفرضيات الأخرى عن السينما المصرية على أنها تنصب كل منها كالعادة على زاوية مختلفة رغم استهداف منطوقها لصفة شمولية في هذه السينما ، لكن وبينما تنصب كل منها على زاوية جديدة لابد وأن تتكامل مع الأخريات ، حيث تمثل الواحدة منها مدخلاً خاصاً بها للنظر منه ، وبحيث لا تلغى الزوايا والمداخل الأخرى وإنما تعتمد عليها بالتكامل معها ، وفيما يلي نعرض لتذكرة موجزة عما طرحناه وحول كيفية تكاملها :

 

الفرضية الأولى ( حول أفلام الحركة ) :

--------------------------------------

جاءت فرضيتنا الأولى في مقدمتنا لملف " أفلام الحركة في السينما المصرية " ( الملف رقم 4 – تأليف سمير سيف ) وفيها ذهبنا إلى أنها الشريحة المدخل إلى دراسة بقية شرائح السينما المصرية ، ليس فقط بسبب غلبتها في أحيان كثيرة من حقب الإنتاج السينمائي المصري ، أو بسبب اتسامها دائماً بالنجاح الجماهيري ، وإنما لسبب أكثر شمولية ، إذ أنها فيما أرى شخصياً تعتبر النموذج الأكثر تركيزاً لنوع إطار المعالجة الدرامية الذي تتحرك داخله معظم شرائح الفيلم المصري الكلاسيكية الأخرى ، فهو الإطار المبنى على التلاعب الإبداعي بوسائل التأثير الدرامي التي تشمل التشويق المشاركة والمفاجأة .

 

الفريضة الثانية ( منوال المعالجة الدينية ) :

------------------------------------------

وجاءت فرضيتنا الثانية في مقدمتنا لملف " صورة الأديان في السينما المصرية " ( الملف رقم 7 – تأليف محمود قاسم ) والتي تربط بين أسباب نجاح منهجية السينما المصرية في تعاملها المباشر مع " الموضوع الديني " وبين استخدامها لذات المنهجية – لنجاحها أيضاً – عند تعاملها مع " الموضوعات غير الدينية " بما أصبح يجسد الخبرة الرئيسية في تاريخ السينما المصرية ، حيث أنعكس على " تنميط " العديد من ظواهرها ، من قبيل تلك التنويعات النمطية على الدور الذي يلعبه " القدر " في المنحى " الميلودرامي " الجياش الذي طبع اتجاها بأكمله على وجه السينما المصرية عبر كل تاريخها .

 

الفريضة الثالثة : ( محور هيكل / كريم وتيار فيلم زينب ) :

وكانت فرضيتنا الثالثة أيضاً في ذات المقدمة السابقة وهى عن الرياده والسيادة الكبرى لتيار ما أسميته " زينب " ( الفيلم ) والذي عنيت به " محور هيكل / كريم ، ومحلاها عيشة الفلاح على الشاشة المصرية " من حيث ريادته التأثيرية على ما أتسم به التيار الأساسي للسينما المصرية منذ نشأتها ، وهو تيار يبدأ أصلاً من الأديب محمد حسين هيكل ، مثلما يبدأ تجسيده السينمائي عبر صنوه محمد كريم ، فمنذ ظهرت زينب هيكل صامتة على شاشة محمد كريم ، مر أكثر من عقدين من الزمن على نوع السينما المصرية التي تشربت بروحها التي يمكن أن توجزها باللحن والكلمات أغنية عبد الوهاب " محلاها عيشة الفلاح " والتي تعادل كل أغاني واستعراضات السينما المصرية حتى لحظة ظهور " العزيمة " الذي يرسم مجرد بادرة لصورة مصنوعة وقفاً لتفاصيل الواقع ، دون أن تنفي تواصل تيار هيكل / كريم ، حتى عبر كمال سليم نفسه ورغم وجود ربع قرن يفصل بين إنجاز كريم لزينب الصامت وبين إخراجه له ناطقاً ، إلا أن نظرته في الصامت إلى الحياة عامة وإلى صورة الفلاح والريف خاصة لن تفترق في الجوهر عنها في الناطق ، إلى درجة أننا نذهب في فرضيتنا إلى تطابقهما في " الغنائية !!" رغم صمت الأول ، ولا عجب في مثل هذا التوصيف ، لأن الغنائية كانت متحققة هناك عبر غنائية النظرة إلى الحياة ، وبما لا يختلف عن غنائية النظرة / الناطقة في زينب الثاني ... بل وفيما بعد ذلك سنجد أن كل ما يبدو أنه مغاير لتيار هيكل وكريم ، إنما لا يعدو كونه مجرد تنويعات في داخل نفس الإطار ، وعندما يحدث ما يبدو أنه التطور ، من قبيل ما تظهر عليه سينما عز الدين ذو الفقار ، إنما لا تخرج في حقيقتها عن هذا الترددات .

عندما نطرح هذه الفرضيات عن السينما المصرية خلال مختلف زواياها ، ستتأكد لنا أهميتها في اجتماعها معاً حول خط الدائرة التي نقطة ارتكازها الفيلم المصري ، فمثلاً ستتأكد لنا فرضية تيار هيكل وكريم لدى تكاملها مع زوايا الفرضيات الأخرى لأننا سنجد محور هيكل / كريم مستقطباً – مع بقائه محوراً – ملامحاً ومداخلاً أخرى للمعالجة الفنية التي باتت تتقولب بها غالبية الأفلام ، إذا نجد مثلاً الاستقطاب للمدخل الذي طرحنا فرضيته عبر شريحة أفلام الحركة ، كما سيبرز كذلك الاستقطاب للمدخل الذي طرحناه فرضيته حول التصور الفيلمي النابع من تعاليم العقيدة الدينية في المعالجات الدرامية ، حيث لم يعد ثمة انفصالا فيما تطرحه مختلف هذه الفرضيات ، وحيث يمكن أن تتأكد لنا أهمية الفرضية التي نطرحها في تقديمنا الآن لهذين المجلدين الجزأين في ملف واحد ، أي بشقيه " الكوميديا " و " الغناء " .

وعلى سبيل التوضيح الذي سيقودنا إلى فرضيتنا الجديدة هذه ( أي الرابعة ) حول كل من الكوميديا والغناء ، يمكننا التنويه إلى ما عنيناه في تيار هيكل / كريم من حيث مفهوم " الغنائية " الذي نشير به أحد معنيين :

-   إما غنائية النظرة الفنية إلى الحياة حتى لو لم يتضمن العمل الفني غناءاً ملحوناً ، وهو ما أشرنا إليه في فرضية التيار المسمى محور هيكل / كريم .

-   وإما غنائية الأداء الملحن والذي يتضمن الأغاني المصحوبة بالموسيقى وهو ما تشير إليه فرضيتنا الرابعة هنا حول قيام السينما المصرية على أكتاف مسرح الفودفيل وتنويعاته التي نجد شروحها لدى مؤرخي ونقاد المسرح المصري .

وهذه الغنائية المباشرة هى ما تعودت شريحتها في السينما المصرية أن تخرج إلينا كذلك بغنائية النظرة إلى الحياة ، أي بما لا يجعلها بعيدة عما طرحناه من فرضية سابقة ، بل وليست ببعيدة – وإنما متكاملة – مع غيرها من الفرضيات التي كما ذكرنا تشكل مداخلاً وزوايا على خط دائرة مستديرة تنظر كل منها إلى نقطة واحدة في مركز الدائرة هى الفيلم المصري .

وبحديثنا عن هذه الغنائية ننتقل وقد وجدنا أنفسنا الآن أمام فرضية جديدة نضيفها للبحث في الفيلم المصري ، والتي نورد هنا صياغتها قياساً على سابقاتها الثلاث ، فنذكر نص ما نتصور ها به فيما يلي ....

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,820,981