**الاعتماد على الموسيقى "اللايف" مغامرة ناجحة

فى عرض " عز الرجال " والذى قدمته فرقة بيت ثقافة بداوى تأليف د. سامح مهران وإخراج أحمد إسماعيل عبد الباقى يمكننا القول أن أحمد زكى عارف ملحن العرض ومؤلف الموسيقى التصويرية أستطاع أن يقدم وجبة موسيقية دسمة أعاد بها الأذهان الى المسرح الغنائى خاصة أنه أعتمد الموسيقى الحية اللايف من خلال الفرقة الموسيقية بدلا من السكونسر والموسيقى الآلية.

وعودة الى العرض نجده بدأ بأوطار وثيرة غنائية بعنوان " ودايما عتمة سكتنا " تنقل فيها بين مقام الكرد والصبا ثم العودة مرة أخرى للكرد ويحسب له أنه أستطاع أن يوظف ألة النفخ النحاسى "الترومبيت" كى تلعب موسيقى شرقية ، كما يمكن القول أنه ورغم أعتماده فى كافة الألحان المقدمة فى العرض على مقام البياتى والذى أراه اختيارا موفقا نظرا لما يعبر عنه من سحر الشرق وبصفة خاصة البيئة الريفية الا أنه تنقل منه الى أكثر من مقام فى أستعراض بسيط دون تكلف مستلهم من روح الدراما فنراه فى أغنية " يا محلاكى يا طرح الغيطان " ينتقل الى الراست ثم يعود للبياتى فى لحن أقرب الى الطقطوقة الغنائية منه الى الأغنية نجده أستخدم البياتى فى زمن البلانش كى يصل الى جنسه بجانب جنس النهاوند الذى انتقل منه للراست مباشرة مستعرضا جنس النوا أى انه صور مقام الراست على درجة النوا من الدرجة الثانية كى يستطيع العودة مرة أخرى لمقام البياتى الذى بدأ منه ومنها الى أغنية " الجرح نار " والتى أستعرض فيها الملحن مقام السيكا على درجة العراق ثم السيكا على درجة الأويج ثم السيكا على درجة البرزك ثم جواب الأويج صعودا وهبوطا كى يتمكن من الانتقال الى مقام البياتى الذى عاد منه الى السيكا مرة أخرى فى تناغم موسيقى رائع قدم معادلا جيدا للصورة البصرية الموجودة فى الحالة الدرامية .

فى أغنية " الارض السمرا " قدم الملحن استعراضا جديدا لمقام النهاوند والذى خرج منه لمقام الكرد قبل أن يعاود الرجوع اليه مستغلا الكمنجات التى لعبت دور البدال نوت المصاحبة لالة العود علاوة على الرق الذى لعب دورا مهما فى موسيقى هذا العرض حيث قدمت رولات كاملة لتعطينى الاحساس بجو الموسيقى الشرقية أضف الى ذلك براعة عازف العود الذى تناغم مع باقى العازفين فى تصوير المقامات الموسيقية بشكل يحسب لهم ظهر واضحا فى أغنية " تحية العمدة تعظيم سلام " التى لم تخرج من مقام الكرد الصريح والذى أنتقل منه مباشرة الى مقام العجم الصريح ايضا فى أغنية " ايدوا النار " بوعى وحرفية حيث أن مقام العجم لا يشترك فى جنس الاصل الخاص به مع أى مقامات أخرى فقدمه خالصا دون فلسفته او دخول الى مقامات أخرى قد تسبب تشويشا سمعيا وتضر اكثر مما تنفع .

ما لبث الملحن أن عاد الى التنقل بين المقامات وذلك فى أغنية " انزاحت والله الغربة " والتى بدأت من مقام النهاوند ثم انتقل الى الراست ثم عاد مرة اخرى للنهاوند وهو نفس الحال فى بقية المقطعات التى لم تخرج من مقام البياتى والراست عدا أغنية " عدى الليل " والتى أستعرض فيها الملحن عددا من المقامات حيث بدأ بالسيكا ثم أنتقل الى الحجاز ثم النهاوند ثم الصبا ثم العودة للسيكا مرة اخرى وأعتقد انه قصد استعراض كل هذه المقامات فى أغنية الفينال فكلها شرقى يعطى دلالته عبق الشرق وسحره وموظفا لخدمة بيئة الدراما المقدمة فى العرض علاوة على اشراكه لمقام الصبا ذى الجمع المتداخل والمسافات الموسيقية المتقاربة بين نغماته كى يلامس الشجن والحزن.

يلاحظ أيضا أن الملحن عمد دائما الى العودة الى المقام الذى يبدأ به وذلك كى يعود مرة أخرى للأحداث الدرامية كما قدم الموسيقى التصويرية لدراما العرض معتمدا على مقام البياتى والراست وهما نفس المقامات التى قدمت منها الأغانى كى يقوم بعمل نسيج هارمونى بين الأغانى والموسيقى التصويرية للعرض اأو بمعنى أخر كى يجعلها روحا وطعما واحدا .

لا ننسى أن على العسيلى عازف العود وكمال عبد الغنى عازف الكمان وعزت زكى ومحمد برهام عازفى الايقاع وسيد عباس عازف الترومبة مع باقى فريق الكورال قدموا وجبة موسيقية جيدة وترجموا رؤية الملحن ببراعة أعادت الى الأذهان زمن المسرح الغنائى المصرى خاصة وقد تم أستخدام الكورس من الممثلين فى تأدية بعض المقطوعات الموسيقية فى شكل ريستاتيف منتظم أكمل بها الملحن الحالة الموسيقية للعرض.

 

بقلم/ محمد جمال الدين

             جريدة مسرحنا العدد 9 مايو 2010

 

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,248,544