وصلت إلينا رسالة الإنسان البدائى مخربشة علي جدرانه الكهفية معبراَ عن نشاط القنص والقتال وبعض تماثيل حجرية متشكلة لدمي نسائية بها مبالغة في البدانة لمناطق الأنوثة والأمومة (فينوس العصر الحجري).

فرسالة البدائى وصلت إلينا مرسومة ومتشكلة .. أى أن التعبير (الفني) المخطط والمتشكل سبق اللغة المدونة بعدة آلاف من السنين وإن كان هذا البدائى في تلك المرحلة لم يقصد أن ينتج فناَ بمفهومنا الحديث ولكن كانت له دافعية لإنتاج نشاط ما.

وندرك أن النشاط الفني يحتوي داخل بنائه بالشكل البسيط رسالة ما .. ذات دلاله ورموز ومعان بلغة الفن أبدعها (الفنان) في مواجهة الآخر .. ليشاركه حالته الوجدانية تارة أو يكشف عوالم جديدة يري الآخر ذاته في مراياها الإبداعية العاكسة.

أى أن العمل الفني عند إكتمال إبداعه تنتهي وصاية الفنان عليه ويتحول إلى كيان مستقل بذاته من خلال بنائه الإبداعي الداخلي ويحيا خاصة في مواجهة الآخر.

ونتساءل علي مدي تاريخ الجنس البشري .. البدائي .. الحضاري القديم والتراثى والمعاصر والحديث وما بعد الحديث.

هل الآخر حاضر أو غائب أو مغيب تجاه الأعمال الفنية التشكيلية وعلي أى مستوي.؟

وهل الفنان كان ممارساَ حريته الإبداعية أثناء عملية الإبداع وماهي مساحة التفاعل وعلي أي مستوي ؟.

الحضور: بمعني التواجد المادي والمعنوي والنفسي في مكان وزمان العمل الفني التشكيلي والمشاركة والتشارك بمستويات متعددة أى أن الدال يؤدي إلى دلالة فنية ما .. تتطابق مع معني أو علامة تصل ويتواصل بها هذا الآخر وتجد صدي لديه تاركة مساحة من التفاعل الذاتي الحر مع هذه الدلالة تختلف بإختلاف إنسانية وذاتية الآخر، أى أنه حاضر بوعيه الإنساني والفني بحرية التشارك والمشاركة أو الرفض أو النقد بمستويات متعددة .

فالحضور له سمة التذوق الفني الإيجابي في الجمع بين حالتي الشعور واللاشعور في آن واحد أو كما يطلق عليها (الحالة الوجدانية الكاملة) .. أو كما ذكرها باش  BARCH جروس GROSS التعاطف الوجداني الرمزي أو كما قال عنها الفيلسوف العربي (الغزالى) أنها حالة من النوم النشيط وعندما يتأمل المتلقي الآخر العمل الفني برؤيا جمالية وبنفس سمحة بعيدة عن التعصب أو المواقف والتفسيرات المسبقة والمحددة.

بقلم/ ا. د مصطفى يحيىرئيس قسم الفن التشكيلى بالمعهد العالى للنقد الفنى اكاديمية الفنون

 

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,910,277