العمل الفنى رسالة ذات سمة خاصة موجهة من الفنان الإنسان الفرد إلى الآخرين.. فهو يحمى ويدرك أن لديه رسالة أو قيمة أو فكرة غير موجودة لدى الآخرين.. ويود أن يشاركوه حالته الوجدانية العاطفية ويضمهم إلى أفكاره وأحساسيه.. أو هو تركيز وتكثيف لمعاناة ذاتية يهدف صبغها بالمشاعية وإشراك الآخرين وعرضها بوسائله الاتصالية ومراياه العاكسة لواقعه كما يراه من حوله. أى أن الآخر وجوده أساسى لاتصال الفنان به عن طريق عمله الفنى – حيث لا يوجد فن، بدون جمهور.

-  ويعرف مونرو Monroe([1]) الفن بأنه كل نشاط يتضمن الفنون البصرية والموسيقية والأدبية والمسرحية؛ أى كل أنواع المهارة والإنتاج التى تنتج نوعاً من الخبرة الجمالية المشبعة من وجهة نظر الفنان، وتضمن هذه الخبرة، التعبير عن الخبرات الوجدانية الخاصة بالفنان وتوصيلها.

ويؤكد د. سويف([2]) أن العمل الفنى رسالة موجهة من الأنا (المبدع) إلى الآخر (المتلقى) بقصد النوصل إلى ما يمكن أن نطلق عليه : حالة (النحن)؛ أى توجد الأنا والآخر فى حالة نفسية واحدة، تجمع بينهما وتزيل ما بينهما من فوارق واختلاف فى وجهات النظر والآراء والانفعالات.

- فإنسان الكهوف البدائى لم تصل ألينا رسالته مكتوبة ولكن عثر عليها مرسومة على جدران كهفه الحجرى المظلم وملونة ووجدت أيضا تمائم تمثل دمى لنساء بدينات متشكلة بالحجر عرفت (بفينوس) العصر الحجرى.

  وقد عبرت تلك الرسومات عن نشاط الصيد وعراكه مع الغراب والحيوانات البرية وقد تعددت تفسيرات دافعه لرسوماته تلك؛ من ذلك: غزيرة الخوف من الحيوان.

- فإنه حينما يرسمه فى وضع انهزام ستمكن منه عند ملاقاته فى الصباح، ولا سيما أنه تعمد رسمه والرماح موجهة إليه، ليكون ذلك تعويضاً نفسياً يجلب له الشجاعة ويذهب عنه الخوف.

  وهناك من ذهب إلى تفسيرات الرسومات بدافع الامتلاك، وأن الإنسان برسمه للحيوان سيمتلكه ويسيطر عليه، إذ الأصل لديه يماثل صورة الشىء كما كان يعتقد. ومازالت بعض القبائل تمارس السحر على صور الأشياء بقصد إيذائها أو السيطرة عليها وهناك تفسير ثالث بأن تلك الرسومات الجدارية الملونة رسمها الإنسان البدائى للتسلية، وبرؤيا جمالية يشعر بعدما ينتهى منها بسعادة ورضا...

- ويرى الباحث – مع عدم إغفال قيمة الدوافع المفسرة لرسومات البدائى السابقة – أنه ربما استخدمت تلك الرسومات للإرشاد والتنبيه ونقل الخبرة منه إلى عشيرته بنوع الحيوان، وطرق الدفاع والهجوم، ويعد ذلك نوعاً من الإرشاد والفهرسة وتعرف على العالم من حوله حفظاً للخبرة برؤيا تراكمية مبسطة ونقلا لها.

 

 

بقلم / د. مصطفى يحيى

المعهد العالى للنقد الفنى اكاديمية الفنون

اكاديمية الفنون

 

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,910,272