أفيش الفيلم هو أول علاقة حميمية بين الفيلم و المرء ... حتى و إن كان هذا المرء لن يشاهد الفيلم أو من غير محبي السينما ألا انه اى الأفيش سوف يحيط بالأعين و يقف قبالتها في أماكن عديدة و بأشكال مختلفة حتى قبل العرض بفترة طويلة ... و تعددت أماكن وجود هذا الأفيش ابتداء من قاعة السينما نفسها ثم الشوارع و الصحف و المجلات و التلفزيون ووسائل النقل في أحيان كثيرة مثل الترام و الأتوبيس .
أذن فالأفيش هو أول ما نراه من الفيلم و بفترة طويلة لذا يجب أن يكون بمثابة المختصر المفيد و الجذاب المؤكد الذي عليه أن يولد ما يمكن تسميته بالحب من أول نظرة بين الطرفين : المشاهد،الفيلم مما يدفع بالمتفرج إلى انتظار العرض و التهافت لرؤية الفيلم ربما في الحفل الأول أو اليوم الأول و أحيانا في أيام لاحقة . و من هنا تجيء أهمية الأفيش الذي عليه أن يلعب دور زرع الحب من أول نظرة ،أن يتضمن كل ما في الفيلم من جاذبية، أسماء النجوم و أحيانا اسم المخرج لكن صورة النجوم كما سيبدون سوف تلعب دروا اساسبا بالإضافة إلى ترتيب الأسماء على الأفيش يجب أن يظهر النجم في أفضل صورة و أن يرى المتفرج ما يرغبه في نظرة واحده قد تحتاج إلى المزيد من التأمل و بإعجاب و مما لا شك فيه أن الأفيشات السينمائية قد صنعت من الشوارع معرضا تشكيليا مفتوحا ، متجددا و بأحجام مختلفة فالناس تجد أنفسها محاطة بهذه الأفيشات لا تستطيع أن تطردها بسهولة في حالة رفضها بل هي وسيلة مؤكدة للتأمل و في كثير من الأحيان فأنها مع مرور الوقت ترتبط بذكريات بعينها و فيما بعد تظل حالة ملحوظة من الحنين و من هنا تأتى جاذبية الكتب التي استجمعت اكبر عدد من أفيشات السينما كي بمكنها لملمة اكبر عدد من الذكريات ..... و قد قامت صناعة الأفيشات عالميا و عربيا منذ بداية السينما و تحويلها إلى سلعة تجارية مطلوب منها أن تجذب اكبر عدد من أناس لمشاهدة الفيلم و هذا المنتج التجاري يجمع بين التجارة و الفن و ينطبق ما يمكن أن نقوله حول صناعة الإعلان في كل أنحاء الدنيا بل أن السينما ظلت بأفيشاتها بمثابة الكيان المدلل في هذا العالم باعتبار جماهيرية الفن و ذيوعه و ما يتسم به نجومه من شهرة فائقة . و أفيش السينما مثل اى إعلان تجارى يعتمد على الصورة و الكلمة معا كل منهما يحاول ان يفسر الأخر و ان يدل عليه اى أن يكون بمثابة الآلة له .
و قد وضع مصممو الإعلانات و الأفيشات السينمائية هذا المفهوم و هم يصممون سلعهم من اجل ان يتقبلها الناس و أن تحقق الهدف المنشود منها لكن مع اختلاف واضح أن أفيش السينما يتعامل مع منتجات حية تتمثل في النجوم و طاقم العاملين بالفيلم و أيضا القصة التي سوف يشاهدها الناس ، لذا فالإعلان يعد بمثابة وسيلة لترغيب الناس لمشاهدة الفيلم و قضاء وقت لطيف هي مدة عرض الفيلم .
و يختلف الأمر تماما بالنسبة لإعلان عن صابون أو عطور أو اى سلع هي اقرب للأشياء التي يستخدمها لذاتها في حياته الخاصة و على هذا الأساس قامت صناعه تجارية كبرى كان أساطينها من مصممي الإعلانات و سوف نرى أن أكثر من قاموا بعمل هذه الأفيشات قد مارسوا أنواعا أخرى من التصميمات التجارية و الفنية و أنهم لم يتوقفوا فقط عند عمل الأفيشات اى أن صناعة الأفيش عالميا و عربيا كانت فى البداية و ربما فى سنوات لاحقة بمثابة مهنة تكميلية لصناعة الإعلانات التجارية ثم ظهرت شركات و مؤسسات تفرغت كاملا لعمل هذه الأفيشات مع تصاعد الاهتمام بالسينما كمشروع تجارى و أيضا مع زيادة الشعبية الجارفة للسينما .
و في الولايات المتحدة و أيضا مع بعض الدول التي لديها مؤسسات سينما ضخمة كانت هناك أدارت خاصة لتصميم الأفيشات لديها فنانون ذوو سمات خاصة اى أنهم رسامون مهرة لكنهم لم يعملوا غالبا في رسم اللوحات مثل مصممي أغلفة الكتب لدور النشر اى مصممي المجلات في المؤسسات الصحفية، الجدير بالذكر أذن أن نشير أن الفنانين التشكيلين الحقيقيين لم يتجهوا إلى هذا النوع من العمل و ظهر نوع جديد من الفنانين الخاصين به كما أن مصممي الكتب و المجلات قد عملوا لبعض الوقت فى هذا النوع و منهم من تفرغ له مثل حسن جسور في مصر الذي أسس شركة ظل يعمل بها طوال حياته إلى ان توارثتها أسرته من بعده لكنها لم تعد تعمل بالكفاءة نفسها ......
في العالم كانت شركات الإنتاج هي التي تتولى عمل الورش و لم يكن يذكر اسم مصمم الأفيشات لكن التشابه كان واضحا في داخل الشركة الواحدة و لم يكن المصمم يوقع او يكتب اسمه مثلما حدث فى مصر و فى أوروبا كانت شركات الإنتاج مثل جرمون و غيرها و هى أيضا المسئولة عن إدارة تصميم الأفيشات أما فى مصر فان الأوربيين هم الذين قدموا الأفيشات الأولى خاصة الأرمن الذين جاءوا للإقامة في مصر ثم بدأت المؤسسات الصغيرة فى الظهور الواحدة تلو الأخرى و سوف تجد فى السمات التي سنتوقف عندها ما يتعلق يالمرحلة التاريخية و بما تركته الأفيشات من اثر فى الحياة على مدى تاريخ السينما العربية فان هناك مجموعه من السمات العامة يمكن ان نلاحظها في الأفيشات التى ملأت الشوارع بقوة قرابة ثمانيين عاما و تلاشت من فوق أماكنها لكن الكثير منها ظل ماثلا فى التاريخ .
نجوم أفلام : أسماء صور ، هم بؤرة هذه الأفيشات و نقاط التركيز فيها و يتوقف ذلك على شعبية النجم و قبول الناس له فهذا يعنى أن النجم موجود بقوة فى الفيلم مثلما هو موجود في الأفيش اى أن الأفيش هنا يعتبر بمثابة مدخل او مفتاح للفيلم و بمتابعة هذه الملصقات طوال هذا التاريخ فسوف تجد ان نجوما بأعينهم كانت صورهم و أسماؤهم المكتوبة بشكل متفرد سببا فى جذب الناس بمعنى انه يكفى ان يظهر هذا النجم وحده على الأفيش اسما و صورة كى يؤدى غرضه و قد حدث هذا مرارا لكن فقط لأعداد محدودة من النجوم خاصة فى مجال الغناء و الكوميديا و لعل اسما محمد عبد الوهاب و فريد الأطرش و شالوم و عبد الحليم حافظ و إسماعيل يس ثم عادل أمام و محمد هنيدى كانت بمثابة بطاقة الأمان المضمونة حيث توضع وحدها على الأفيش و قد بدا هذا واضحا فى يوم سعيد ،شاطئ الحب ،فتى احلامى ،ليالي الحب ،الإنسان يعيش مرة واحدة ، و صعيدي في الجامعة الأمريكية .
و قد ساعد تفرد النجم وحده بالأفيش قوة اسمه أولا و أيضا عدم وجود نجمة تمتلك الجاذبية نفسها في الأفلام المذكورة و نذكر هذه الأسماء بشكل محدد باعتبار ان النجومية كلها كانت للنجم و ان النجمات المشاركات كن اقرب إلى الدرجة الثانية و لم تتكرر الظاهرة نفسها على الأفيشات بالقوة المذكورة بالنسبة للنجمات حتى مع فاتن حمامة ،نادية الجندي ،شادية ،نبيلة عبيد،ليلى مراد بالطبع لأنه كان هناك نجوم إلى جوار هؤلاء اللامعات لكن هناك بالطبع حالات استثنائية قد تعود في المقام الأول إلى مصمم الأفيش أو إلى النجمة المنتجة أو المشاركة في الإنتاج قد حرصت نادبة الجندي على أن تضع أسماء من يعملون أمامها في العديد من أفلامها مثل شوق،الخادمة اى أنها لم تنفرد وحدها بالأفيش اسما و صورة ألا في حالات قليلة فهي كانت تراهن على الممثلين الذين يعملون أمامها لكنها بلا شك قد اقتسمت لنفسها المساحة الأكبر و قد حدث الشيء نفسه مع نبيلة عبيد و قد توقفنا عند هاتين النجمتين لان كلا منهما حرصت على أن تلقب نفسها باسم ما مثل " نجمة الجماهير " " نجمة مصر الأولى " مثلما أطلق البعض على فاتن حمامه اسم " سيدة الشاشة " من قبل و التي تصدرت أفيشات قليلة بصورها مثل أريد حلا .
هذا بالنسبة للأفلام التي اعتمدت في بطولتها على نجوم من طراز الأسماء التي ذكرناها سابقا و هناك حالات استثنائية متعددة فعمر الشريف مثلا يتصدر أفيش فيلمي الايوب ، الاراجوز و شالوم يتصدر أفيشات أفلامه و منها الترجمان ، الرياضي أما الأفلام التي تتضمن اثنين من النجوم خاصة في الأفلام الرومانسية فان الأفيش يطهرهما بالقوة نفسها و في مشهد عاطفي دون تكبير لأحدهما على الأخر مثلما شاهدنا في الوسادة الخالية ، آه يا ليل يا زمن ، سونيا و المجنون ، معبودة الجماهير ، امرأة الحب ، عذراء و لكن ، الاعتراف الأخير ، و تمضى الأحزان ، سنوات الحب ، رسالة من امرأة مجهولة .
و نحن لا نتوقف هنا عند أفلام بعينها سواء من حيث تاريخ الإنتاج أو الأهمية الفنية فهي أفيشات موجودة أمام الناس يشاهدونها بدرجاتها المختلفة و من حيث هذه السمة فهناك أفلام تجمع شخصين سواء اثنين من النجوم الرجال او اثنتين من النجمات النساء لكل طرف منهم أهميته في أن يتصدر الأفيش فى مواجهه زميله مثل وجهي فاتن حمامه و شادية المتواجدين في المعجزة و مثل وجهي محمود عبد العزيز و مصطفى فهمي على ملصق وجها لوجه الذي اختفى عنه تماما وجه بطلة الفيلم الرئيسية سهير رمزي و كذلك أفيش فيلم رجل بمعنى الكلمة الذي يقف فيه كلا من محمود يس و عادل ادهم في مواجهة كليهما و قد قيدا بقيد حديدي و الخدعة الخفية الذي اخذ شطرا من وجهي كلا من فريد شوقي و عادل إمام و تتدرج الأفيشات فنرى يعضها و قد ضم ثلاثة من أبطاله الرئيسين مما يعنى أن الجاذبية تنحصر في هذا الثالوث و قد تتعدد هذه الأفيشات يتعدد الأفلام التي يقوم ثلاثة شباب أو ثلاث بنات ببطولتها و ما أكثرها و منها أحنا التلامذة كما ان هناك أيضا الفقراء اولادى ، الحب الصامت ، هارب من الحياة و في بعض الأحيان نرى على هوامش هذا النوع من الأفيشات أشارات و رسوما لبطلات آخرين شاركن في البطولة و يتضح هذا فى أذكياء لكن أغبياء ، يوم الحساب ، العاطفة و الجسد ، انهيار و أنت عمري أما الأفلام التي تعتمد على البطولات الجماعية ، أكثر من أربعة أشخاص لا يستطيع اى منهم وحده أن يحمل لواء فيلم فان الأفيش يحرص على ضمهم معا بأشكال متباينة منها صور مرسومة لكال منهم متجاورين في كادرات منفصلة و لعل الأشهر في تلك هو ثرثرة فوق النيل و أيضا الأخوة الأعداء و في أحيان أخرى تتناثر رسوم هؤلاء الأبطال مثلما حدث في أفيشات من يطفئ النار ، النصابين، بدون زواج أفضل، عمل أيه الحب في بابا،سنه أولى حب ، السقا مات، حياتي عذاب ، الدنيا على جناح يمامه ، الكمساريات الفاتنات ،كلاب الحراسة الذي ضم 11 نجما في شبه دائرة .
الملصقات هي في المقام الأول لوحات مرسومة قام بتصميمها فنان تشكيلي تخصص غالبا في عمل هذا النوع من الرسوم و هو رسم الوجوه ( بورتريه ) الخاصة بالفنانين و بشكل عام فهناك ثلاثة أنواع من الملصقات تنحصر في التالي :
رسوم توضيحية ، رسوم كاريكاتيرية ، صور و هناك فنانون بأعينهم برزوا في هذا النوع من العمل و تفرغوا له و أتقنوه بقوة و لعل " جسور " هو الأكثر أهمية في رأينا لقدرته البارعة في رسم الوجوه و صياغتها يشكل جذاب و تعادل موهبته في تصميم الملصقات موهبة و عطاء جمال قطب في تصميم أغلفة الكتب خاصة الروايات فجسور أيضا هو مصمم أغلفة روايات نجيب محفوظ الثلاث و هي " بين القصرين- قصر الشوق – السكرية " و جسور اسمه الحقيقي هو حسن مظهر تخرج في كلية الفنون الجميلة قسم حفر و قد صمم الأفيشات لعدد من الأفلام منها " لقاء في الغروب ،احمر شفايف ،بحبوح افندى ،المشاغبون في البحر، جريمة في الأعقاب،الخائنة و الصعلوك ،اعتذار،الذئاب، وكالة البلح، سجن بلا قضبان، حياتي عذاب، لحظة ضعف و رحلة رعب . كما انه عمل فيما سمى بمطلعة السينما العربية و قد أجرت معه مجله صباح الخير حورا في عددها الصادر في 16 نوفمبر 1978 قال فيه أن الأفيشات في مصر غير أمينه على فن الأفيش المعترف به غالبا فالقائمون على هذه العملية تنقصهم الدراسة و الخبرة و الذوق و في الوقت نفسه فان الفنانين التشكيلين الدارسين لا يطرقون هذا الباب و السبب أن مستوى الطباعة رديء و بالتالي لن تبرز النواحي الفنية للدارس .
هل تصدق أننا نعمل بطريقة القرن التاسع عشر و على ماكينات موديل 1930 فالأفيش يتم بعمل تصميم صغير له و بعد ذلك يتم تكبيره و هذه عملية معقدة لأنها تتطلب 125 لوحة زنك و لان الرسومات يدوية فانه يستحيل أن تخرج دقيقة عكس ما يحدث في العالم من حولنا :
و بالنظر إلى الملصقات بالصورة التي قدمها للعشرات من الأفلام بل مئات سوف نكشف دقته الشديدة في رسم تفاصيل النجوم و التأكيد على مواطن الجمال فيها خاصة التعامل مع وجوه هي في الأصل جميلة و جذابة و يبقى دوره هو ابرز الملامح الجميلة في رسم جذاب لإحداث التأثير المراد و من يتتبع مراحل تطور جسور خلال ثلاثة عقود من الزمن فان طفرات قد حدثت في رحلة الفنان ففي فيلم لقاء في الغروب لم تكن ملامح الأبطال واضحة بالصورة نفسها التي رأيناها على أفيش فيلم اعتداء بما يعكس أن الفنان قد تطور مع مرور الزمن و لم يلجا إلى الاستهلال أو الاستعجال في تنفيذ ما يرسمه خاصة بعد أن صار أكثر تمكنا .
الرسام فاسيليو هو على الأرجح يوناني الجنسية و قد شهد في مرحلة نهاية الخمسينيات نشاطا مكثفا لعمله في تصميم و رسم الأفيشات بشكل مميز و يمكن مراجعة هذا التميز في أفيشات أفلام تنتمي إلى تلك السنوات منها قيس و ليلى ،شهر الحب ، حبة الوحيد،الخرساء ، غراميات امرأة و غيرها كما نرى في هذه الأفيشات فان فاسيليو لم يكن عند تصميم بعينه فهو في قيس و ليلى يرسم العاشقين العربيين على طريقته بينما على أفيش حبي الوحيد يرسم عاشقين يتعانقان دون اى ملامح للأوجه مما يعنى انه لم يغازل المتفرج بوجه اى من نجوم الفيلم الثلاث و هم عمر الشريف و كمال الشناوي و نادية لطفي أما في الخرساء فقد ركز فقط على وجه صارخ لسميرة احمد و هي في منتهى الهلع بينما رسم أفيش نهر الحب من خلال رسم العاشقين من خلال وجهيهما فقط .
و يعتبر محمد مفتاح محمد واحدا من أقدم من صنعوا الأفيشات في مصر حيث بدا التصميم في منتصف الأربعينيات و قد صمم العديد من الأفيشات منها فيلم لحن الوفاء، على بيه مظهرو هو يتحدث عن إلية عمله إلى مجلة صباح الخير في العدد المشار إليه قائلا " أقوم باختيار بعض اللقطات الحساسة من البوم صور الفيلم مع المامى بفكرة سريعة عن المضمون و بعد ذلك أقوم بتصميم الأفيش و تكبيره و اختيار معداته اللازمة "
و يعتبر مرتضى محمد أفيش و شهرته مرتضى واحدا من أقدم الخبرات في هذا المجال و قد فاز بجوائز عن أفيشات أفلامه و منها ميت فله، رسالة إلى الوالي ،السادة الرجال، اللعب مع الكبار ، بستان الدم و قد تتلمذ على يد أستاذه محمد عبد العزيز و يقول لمحمد المكاوي في مجلة الكواكب " 25 نوفمبر 1986 " أن الأفيش الناجح هو اللافت للنظر لدرجة أن المشاهد بعد أن يراه يفكر في دخول الفيلم و أذا لم يصل هذا الانطباع إلى المشاهد يكون الأفيش فاشلا و يرى أن هناك البعض الذين لا يهمهم سوى وجه النجم فلان أو وجه النجمة فلانة و لا يهمه فكرة الأفيش و البعض الأخر و منهم رأفت الميهى ووجيه اسكندر يقبلون الفكرة البسيطة الناجحة التي رسمها ففي السادة الرجال قال رأفت الميهى أريد فكرة مجنونه و بسيطة و ترك لى حرية التصميم و التنفيذ .
و من هذه الأسماء البارزة أيضا خليل الذي رسم العديد من الأفيشات و اهتم برسم البورتريه ببطلات و أبطال لأفلام مثل هذا الرجل أحبه، أجازة نص السنة ، عاصفة من الحب أما عبد العزيز رسام الكاريكاتير عمل في العديد من مجللات الكاريكاتير و منها مجلتا فن و روز اليوسف و قد رسم العديد من الأفلام مثل وفاء للأبد .
أذا كان الرسم التوضيحي قد أخد مكانته السيادية في تصميم أفيشات الأفلام المصرية فان رسوم الكاريكاتير قد وجدت مكانها إلى الأفيشات من فترة لأخرى و قد مزجت هذه الرسوم بين النوعين معا و بشكل عام فان الكاريكاتير لم يهتم بوصف الملامح الاساسيه أو الواضحة للنجوم و استطاع بعض الفنانين التخلي عن المفهوم التقليدي لهذه التصميمات ففي فيلم حب في حب لسيف الدين شوكت هناك فتاتان تقومان بتقييد شاب بحبل التف حول وسطه و لا يمكن أن نميز وجوه أبطال الفيلم الثلاثة في هذا الرسم لا بسهولة و لا بصعوبة و هما " هند رستم ، إيمان، فاروق عجرمة " أما فيلم قاضى الغرام فقد مزج بين نوعين معا ففي أطار صور مرسومة لأبطال الفيلم الثلاثة نادية لطفي و حسن يوسف و عبد السلام النابلسي ثم رسم كادرات خارجية و قد دخل على هذا المجال رسامو كاريكاتير بارزون على رأسهم مصطفى حسين الذي صمم أفيشات أفلام عديدة منها إلى المأذون يا حبيبي ، سوبر ماركت و بدأت ملامح رسوم الفنان التي عرفناها في الكاريكاتير الخاص به في الصحف السيارة في الرسم الأقرب إلى حركة الأفيش إلى المأذون يا حبيبي أما سوبر ماركت لمحمد خان ففيه الجو الساخر لمصطفى حسين حيث وضع ممدوح عبد العليم فى عربة صغيرة لحمل المشتريات في السوبر الماركت و قامت نجلاء فتحي يدفعها أمامها .
و هناك أفيشات عديدة اعتمدت على الكاريكاتير من أبرزها 4-2-4 أخراج احمد فؤاد أما عادل البطراوى فقد رسم أفيش فيلم شيلنى و أشيلك لعلى بدرخان . كما توجد تجارب بالغة الأهمية منها أفيش فيلم أسكندرية ليه ليوسف شاهين 1979 كما استعانت أسماء البكري بالفنان الفرنسي جولو ليصمم فيلمها شحاتين و نبلاء و الذي صمم رسما تخيليا اقرب إلى ما يرسمه في مجلة سبيرو و الجدير بالذكر أن جولو رسم الرواية نفسها في هذه المجلة من خلال قصص مرسومة .
النوع الثالث من الأفيشات من حيث نوع الرسوم على الأفيش تتمثل في الاستعانة بالصور الفوتوغرافية للنجوم في بعض الأحيان قد تمتزج الرسوم المصورة و في أحيان أخرى تتم الاستعانة بالصور بشكل مباشر مثلما رأينا في أفيشات أفلام من طراز مافيش تفاهم ،مذكرات تلميذة ،غصن الزيتون،صراع الجبابرة،خلخال حبيبي،يا حبيبي، عنبر الموت،سوم بلاغة ،عودي يا امى و في السنوات الأخيرة و عن طريق الفوتوشوب و برامج الكومبيوتر تم الاستفادة من الصور الفوتوغرافية لعمل مزيج جديد بالغ التعقيد أحيانا لعمل الأفيشات و لم توقع مثل هذه الأفيشات باسم صانعها مثلما رأينا على ملصقات أفلام عايز حقي، إلى بالى بالك، ميدو مشاكل، زكى شان،عوكل، يحيك و يموت فيك و غيرها و مما سبق يتضح أن الأفيشات التي شاهدها الناس طوال قرابة ثمانين عاما قد تشابهت في تصميماتها و ذلك لأسباب عديدة منها أن الشركات التي قامت بتصميم الإعلانات و الفنانين الذين عملوا بها ظلوا يمارسون أعمالهم لأطول فترة ممكنة كما أن الكثير من النجوم قد طالت أعمارهم الفنية و يمكن ملاحظة تشابه هذه الأفيشات بالنسبة للأفلام التي قام ببطولتها إسماعيل يس في الجيش و الطيران و البوليس و البوليس الحربي و الأسطول و غيرها و أيضا بالنسبة للأفلام التي قام ببطولتها الفنان عادل إمام و قد لعب جسور مثلا الدور نفسه الذي أداه جمال قطب في أغلفة الروايات فرغم التميز الملحوظ فى الرسوم و التصميم ألا أنها متقاربة و متشابهه و تبدو خالية من التجديد ألا في حالات قليلة فكأنها أفيشات مستنسخة في المقام الأول .
انتقلت ظاهرة الاقتباس من القصص و الموسيقى إلى الأفيشات لكن الاقتباس هنا لم يحدث بالصورة نفسها البالغة الاتساع التي رأيناها في القصص و السيناريوهات و لعله من الصعب أن نتذكر كل التجارب لكن اغلب الحالات المتشابهة التي بين أيدينا مأخوذة عن أفلام أمريكية باعتبار أن أفيشات الأفلام الفرنسية و الايطالية التي وجدت طريقها إلى دور العرض المصرية لم يكن اغلبها أصليا و قد وصلتنا هذه الأفلام غالبا عن طريق شركات التوزيع الأمريكية المعروفة و من أشهر هذه الأمثلة التي لا تضيع من الذاكرة بسهولة هو أفيش فيلم بئر الحرمان لكمال الشيخ عام 1969 الذي خلا من توقيع المصمم و أن كان يقترب من أسلوب جسور و هو يصور وجها كبيرا لسعاد حسنى و قد تدلى شعرها بطول الأفيش و على الجانب الأيمن كلا من محمود المليجى و نور الشريف و مريم فخر الدين تعانق ابنتها و الأفيش هو صورة طبق الأصل من أفيش الفيلم الامريكى البريطاني هروب من القدر أخراج جونشليزنجر عام 1967 و بطولة جولي كريستي كل ما فعله المصمم أو وضع ملامح وجه سعاد حسنى مكان جولي كريستي ووضع رسوم الممثلين المصريين مكان أبطال الفيلم الاجنبى و هم تيرتس ستامب و بيتر فينش و ألك بيش و في نهاية الستينات أيضا كانت ظاهرة اقتباس الأفيشات واضحة فقد تم تصميم أفيش فيلم حواء و القرد أخراج نيازى مصطفى على النمط نفسه الذي رأينا عليه أفيش فيلم مليون سنه قيل الميلاد و تصدرت سعاد حسنى أيضا مرتدية ملابس امرأة بدائية و تقف بالطريقة نفسها التي كانت عليها راكيل والش في الأفيش أما فيلم المشاغب أخراج نيازى مصطفى عام 1964 فهو مأخوذ من أفيش لفيلم امريكى ينتمي إلى المغامرات بعنوان قراصنة بحر الشمال بطولة كيروين ماتيوز و فيه يقوم هذا الأخير بحمل فتاه و يجرى بها و هو المشهد نفسه الذي رأينا عليه فريد شوقي يحمل سهير المرشدى في الفيلم المصري كما أن هناك تشابها ملحوظا بين أفيش فيلم ارض الأحلام أخراج كمال الشيخ 1957 و بين فيلم الرداء عام 1953 و هناك تشابه أخر بين أفيش فيلم ثورة المدينة عام 1955 و بين أفيش فيلم ذهب مع الريح و هناك أيضا تشابه ملحوظ بين أفيش فيلم الهروب لحسن الصيفي المأخوذ قصة و أفيشا عن الفيلم الامريكى حطمت قيودي لستانلي كرامر عام 1977 كما أن هناك تشابها بين الأفيش نفسه و بين أفيش فيلم رجل بمعنى الكلمة لنادر جلال حيث أن هناك رجلان مقيدان بقيد حديدي ينظر كلا منهما إلى الأخر في تحد و لعل من الأفيشات الحديثة التي لفتت الأنظار أنها مقتبسة ،أفيش فيلم أمير الظلام عام 2002 لرامي أمام المأخوذ بظلاله و الصورة غير المحددة للنجم من أفيش الجزء الثالث من فيلم الأب الروحي لفرنسيس فوردكوبولا .
مثلما تتباين الأفيشات في وضع الصور و أسماء النجوم فان التباين ملحوظ بالنسبة لأسماء العاملين الفنيين ابتداء من اسم الكاتب او السيناريست و مدير التصوير أو المونتير و اسم الشركة المنتجة الذي يوضع عادة في اعلي الأفيش و أيضا اسم الموزع الخارجي و الموزع داخل مصر و في بداية السينما كانت أسماء النجوم و الشركة المنتجة هي الأساس على الأفيش لكن لو نظرنا إلى أفيش فيلم الكلبشات لأحمد صقر أنتاج عام 1991 و هو من أفلام المقاولات التي لم تجد طريقها للعرض على الشاشة فسوف تجد اسم المنتج سيد على و أسماء الأبطال الثلاثة سعيد صالح و سمير صبري و سماح أنور هم أسماء كل الممثلين الذين عملوا فى الفيلم و هى تقارب إلى 26 اسما من نجوم الصف الثاني و الثالث و الرابع بالإضافة إلى كاتب السيناريو و مدير التصوير و المونتاج و المدير الفني و آخرين بالإضافة إلى اسم المخرج .
يعنى هذا الاهتمام الشديد في سينما العقدين الحاليين بذكر أسماء العاملين في الفيلم على الأفيش الاساسى و قد تكرر هذا الأمر في أفلام أخرى تم أنتاجها في الفترة نفسها و منها تحت الربع ،المعلمة سماح، الكذب و صاحبه، ليلة عسل، بلطيه بنت بحري ،عودة الهارب، تمت أقواله لكن لسنا أمام قاعدة ثابتة فى هذا المضمار ففي فيلم ولآد الآية يخلو أفيشه من أسماء كل العاملين بالفيلم سوى اسم الشركة المنتجة و الموزع الداخلي و الموزع الخارجي و اسم المخرج و فيلم بحبك و بموت فيك أخراج سيد العيسوي عام 2005 خلا تماما من أسماء الممثلين المتناثرين على الأفيش حيث كتب فقط أسماء بعض الفنيين الأساسيين في الفيلم . و لسنا هنا أمام قاعدة ثابتة في هذا المضمار قديما و حديثا فلكل أفيش حالته الخاصة من حيث وضع أسماء العاملين به فأفيش فيلم الكيت كات ليس عليه سوى اسم الممثل محمود عبد العزيز و المخرج داود عبد السيد و أشارة إلى مصدر القصة بينما برز على أفيش فيلم أميرة العرب انه بالألوان الطبيعية و هي الصفة نفسها البارزة على أفيش فيلم رابعة العدوية و بشكل عام فان هناك اسماي بعينها للفنيين موجودة في اغلب الأفيشات التقليدية منها المصور و مؤلف القصة بالإضافة إلى الأسماء التي سبق ذكرها و لقد أثار ترتيب أسماء النجوم على الأفيشات الكثير من المتاعب خاصة أذا تضمن الفيلم أكثر من بطل و أذا تقاربت الأهمية النجومية بالنسبة لهذه الأسماء حيث يحرص النجوم دوما أن تكون أسماءهم فى الصدارة لان اى أساس بمكان الرسم يعنى هبوط صاحبه إلى مصاف الدرجة الثانية و قد عرف عن عادل إمام فى بداية بطولاته المطلقة انه لم يكن يتوقف عند مسألة ترتيب اسمه فترك اسم كل من نيللى في الغول و سعاد حسنى في المشبوه و في حب في الزنزانة يأتي قيل اسمه بالطبع لمكانة كل منهما من الناحية التاريخية رغم أن عادل إمام كان البطل المطلق في هذه الأفلام .
لكن ما هو ترتيب الأسماء لفيلم تقوم ببطولته كل من الهام شاهين و فيفي عبده في أوائل التسعينات هو ليله قتل فقد أثار ترتيب الأسماء على الأفيش مشاكل بين الاثنتين أدت بهما إلى أقسام الشرطة و من هنا يتفنن مصمم الأفيش في ان يضع احد الاسمين أعلى و الاسم الأخر المعادل أقصى اليمين قد تعرف من الأول و من الأعلى و قد تكرر هذا الأمر في فيلم الطيب و الشرس و الجميلة أنتاج نور الشريف الذي وضع اسمه قيل زميله فريد شوقي و في اغلب الأحيان فان المنتج يستفيد من هذه الخلافات لصالح الدعاية للفيلم و قد يمتثل محاولة لإرضاء الطرفين و ربما أكثر و في تاريخ السينما هناك الكثير من هذه الحالات و غالبا ما يتم تجاوزها فقد قبل أن فاتن فريد دفعت تعويضا لمحمود يس في أفيش فيلم أمرآة دفعت الثمن كما أن نبيلة عبيد أثارت الكثير من المشاكل مع المخرجين و المنتجين حين فرضت ان يكتب اسمها منفردا و بأسفله أو بأعلاه عبارة " نجمة مصر الأولى " مثلما حدث في أفلام تووت تووت و الغرقانة .
و هناك عدة أنواع من الأفيشات لكنها فى الغالب تنقسم إلى نوعين من حيث الحجم الأول يتم نشره في لوحات كبيرة موحدة القياس غالبا ما تكون 300x240سم و هو قطعة واحدة غالبا و تتكون من 24 قطعة أما النوع الثاني فهو يتكون من 90x60سم و يعلق على أبواب السينما و فى الشوارع و من ناحية التصميم فانه في الغالب ما يكون الأفيش الأكبر مختلفا تمام عن قرينه الأصغر و ذلك بهدف التنوع و فى الكثير من الأحيان يتم عمل أكثر من أفيش سواء للكبير أو للصغير و ذلك أيضا للهدف نفسه و من اجل الإحساس بالتجديد .
لم تهتم المؤسسات المختلفة بتكريم الإعلانات ألا مع أواخر الثمانينيات حيث بدأت جمعية تحمل اسم " الابتكار الاعلامى " في منح جوائزها السنوية لأحسن أفيش لأفلام عديدة منذ بداية التسعينات منها السدة الرجال،اللعب مع الكبار،الكيت كات،شحاتين و نبلاء و القائمة طويلة و هذا أمر يستحق التنويه و الإشارة .
كثيرا ما تثير الأفيشات مشاكل رقابية باعتبار أن المشاهدين يعدون بالملايين يوميا في مختلف الميادين و الإعلانات الجريئة هي التي استوقفت الناس قبل أن تستوقف الرقابة نفسها و من المعروف انه في العقود الأخيرة شوهدت أفيشات عديدة و قد قذفت من أشخاص مجهولين بالطين أو ما شابه لتغطية أجزاء بعينها من أجساد نجمات برزت على الأفيش اى أن الرقابة الاجتماعية هنا كانت أكثر تشددا من رقابة وزارة الثقافة قد ظلت هذه الظاهرة موجودة بقوة إلى أن ظهر ما يسمى بالأفلام النظيفة فتقلصت ظاهرة رشق الأفيشات بالطين بشكل ملحوظ و هناك أفيشات بعينها تمت تغطية الكثير من أجزائها بعد أن علقت في الشوارع و لعل أشهر تلك الحالات أفيش فيلم شهر عسل بدون إزعاج لأحمد فؤاد عام 1968 حيث ظهرت فيه الممثلة ناهد شريف و قد تعرى ظهرها تماما حتى ما قبل فتحة مؤخرتها بينما ظهر زوجها في الفيلم حسن يوسف و هو يهم بتقبيلها و لعله الأفيش الأكثر جراءة الذي صدم الناس خاصة بعد هزيمة يونيه و أثار استياء الناس و سرعان ما تمت تغطية ظهر الممثلة بما يوحى أنها قد ارتدت ملابسها .... و من التجارب الحديثة فان أفيش فيلم نوم في العسل لشريف عرفه 1997 قد ظهر فيه كلا من دلال عبد العزيز و عادل إمام و شرين سيف النصر و قد اختفوا وراء ملاءة طويلة بينما ظهرت أجزاء فاتنة من سيقان دلال و شرين و قد أثير حول هذا الإعلان الكثير من الاعتراضات في فترة تصاعدت فيها حدة العمليات الإرهابية و قضايا الحسبة ضد الأفيشات المشابهة لذا سرعان ما تمت تغطية السيقان العارية يشكل ملحوظ و قد يسوقنا هذا إلى مسألة تغطية الصدور على أبواب السينما و قضايا الحسبة التي رفعت ضد صور بعينها لفيلم أبى فوق الشجرة لكن من الواضح أن هذا النوع من الأفلام النظيفة فرض أيضا أفيشات مختلفة باعتبار أن أشياء كثيرة قد تغيرت في السينما في السنوات الأخيرة .
سيبقى الأفيش السينمائي طيلة ما تبقى للسينما من أعمار بمثابة الواجهة الأولى و لغة الخطاب بين الفيلم و الجمهور سواء مشاهده أم لا و سوف يستفيد صناع الأفيشات من التطورات التقنية سواء من حيث التصميم أو الطباعة أو التصميم و النص و اختيار الأماكن لكنها ستظل تعمل بالوتيرة نفسها من حيث شدة التركيز على السبب الأول لنجاح الفيلم تجاريا سواء كان اسم النجم أو صورته أو أسماء نجوم آخرين أو اسم المخرج و لأنه لم يعد في بلادنا اسم مخرج يمكنه أن يجذب الناس للمشاهدة فسيبقى النجم مسيطرا لعقود طويلة على الأفيشات و من المرجح أن تعرف النجومية انقلابات حادة ووجوها غير مألوفة مثل الصعود المذهل الذي حدث لمحمد هنيدى ابتداء من صعيدي في الجامعة الأمريكية عام 1998 و لمحمد سعد في فيلمه اللمبى و اغلب هذه النجومية ستكون للرجال في المقام الأول .
بقلم / محمود قاسم كتاب افيش السينما المصرية دار الشروق 2005
ساحة النقاش