أزمة الثقافة الموسيقية فى مصر


بقلم د. زين نصار

إن الموسيقا والغناء فى مصر لهما سمات مميزة جعلتهما يمثلان جزءا  جوهريــــا من قوة مصر الناعمة فى المنطقة العربية، ودعم هذا الفن العريق شديد التأثير يحتاج  إلى دعم قوى لنشر الثقافة الموسيقية ، بالإضافة وجود حركة نقدية تعمل على تصحيح المسار أولا بأول 0 وفيما يتعلق بنشر الثقافة الموسيقية وهو أمر شديد الأهمية ، فقد لعبت الإذاعة المصرية الدورالأساسى

فى هذا المجال من خلال برامجها الموسيقية المختلفة التى قدمت ومازالت تقدم منذ سنوات طويلة 0 ومن تلك البرامج نذكر البرامج الموسيقية الرائدة التى كتب مادتها العلمية العالم الموسيقى الراحل أحمد المصرى (1920 – 2000 ) التى نذكر منها ( صور وشخصيات موسيقية – ألحان من الشرق – ألحان من الغرب – ألحان الحرية – سؤال موسيقى – روائع النغم ) ، وقدم المثقف الكبيرالراحل د0 حسين فوزى(1900 -1989 ) برنامجه الشهير (شرح وتحليل ) فى إذاعة البرنامج الثانى (الثقافى حاليا ) ، وكتب كاتب هذا المقال المادة العلمية للعديد من البرامج الموسيقية فى الإذاعة المصرية منذ عام 1977 وحتى الآن نذكر منها ( عالم الموسيقا – سؤال موسيقى – الموسيقا المصرية المتطورة – إيقاعات ونغمات – سهرة مع الموسيقا –مع الموسيقا العالمية – أوتارموسيقية –سهرة مع الموسيقا المصرية ) ، بالإضافة إلى عدد من البرامج        الموسيقية الأخرى فى إذاعات البرنامج الثقافى والشباب والرياضة والبرنامج الموسيقى وإذاعة الأغانى0


 وهكذا نرى مدى أهمية الدور الجوهرى الذى تلعبه الإذاعة المصرية والذى يجب أن تستمر فيه وهو نشر الثقافة الموسيقية بين جماهير المستمعين ،بل وأكثر من ذلك فإننى أطالب أن تقدم كل خدمة إذاعية برنامجين موسيقيين الأول عن (الموسيقا العربية ) والثانى عن (الموسيقا العالمية ) وأن يقوم بكتابة مادتهما العلمية وتقديم كل منهما متخصص مؤهل لموضوع البرنامج0 ولايفوتنى هنا أن أشيد بدور الإذاعة المصرية فى تخصيص فترات مفتوحة ليوم كامل للإحتفال بذكرى ميلاد أو وفاة احد كبار الموسيقيين المصريين أو العرب 0                                                                        وفيما يتعلق بالتليفزيون المصرى وبرغم القنوات الكثيرة التابعة له فإننا لانجد برنامجا للموسيقا العربية أو الموسيقا العالمية ، يساهم فى نشر الثقافة الموسيقية بين جماهير المشاهدين 0 وفى الماضى القريب كان هناك فى التليفزيون المصرى برنامج (الموسيقا العربية ) الذى كانت             تكتب  مادته العلمية وتقدمه الراحلة د0 رتيبة الحفنى ،وبرنامج ( صوت الموسيقا ) الذى كانت تكتب مادته العلميةوتقدمه الراحلة د0سمحة الخولى وبرنامج(الموسيقا عبر العصور ) الذى كان يكتب مادته العلمية ويقدمه كاتب هذا المقال ، بالإضافة إلى برامج أخرى 0 والجدير بالذكر أن كل تلك البرامج قد توقفت منذ سنوات 0ولذلك لابد أن يقوم التليفزيون المصرى بدوره الوطنى المنتظر منه ، بان يقوم بتقديم برنامجين الأول عن (الموسيقا العربية ) والثانى عن (الموسيقا العالمية ) فى كل قناة من قنواته التى يبثها حتى يقوم بدوره المتوقع فى نشر الثقافة الموسيقية بين جماهير الشعب المصرى والعربى0


أما فيما يتعلق بالصحافة ، فهناك جهود مشكورة بذلت وتبذل للتعريف ببعض كبارالفنانين، ومتابعة مايحدث فى الحياة المصرية والعربية ، ولكنها تكون فى أغلب الأحيان تحريرا صحفيا لايتطرق إلى أعماق الموضوع الذى يتم    تناوله 0وبالطبع فإن هذا جهد مشكور و لاشك فى ذلك 0 ويقوم بعض المتخصصين بالكتابة أحيانا فى بعض الصحف والمجلات ولكن بصورة غير منتظمة ، ولا يدعون للكتابة المنتظمة فى إحدى الصحف او المجلات للإستفادة من خبراتهم التى لاتقدر بثمن 0


  ولكن لابد وبالضرورة أن يخصص مقال أسبوعى يكتبه أحد المتخصصين فى كل صحيفة يومية أو مجلة أسبوعية لتقدم فيه المعلومات الموثقة ، وإبداء الآراء سواءفى أعمال كبار الملحنين والمؤلفين الموسيقيين أو  أداء كبار العازفين على الآلات الموسيقية المختلفة ، وكيفية تنفيذها وتقديمها للجماهير ، وتتابعها الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية وهناك جانب آخريجب تغطيته وهو نشر الثقافة الموسيقية بتعريف جمهور القراء مثلا بآلات الأوكسترا السيمفونى ونشر صورها وكذلك التعريف بآلات الموسيقا العربية ، وبعد ذلك يقوم الكاتب بتعريف القارئ بأنواع المؤلفات الموسيقية الغربية مثل ( السيمفونية – الكونشيرتو المنفرد – الكونشيرتو المزدوج – الكونشيرتو الثلاثى – القصيد السيمفونى – الإفتتاحية التصويرية – المتتالية بأنواعها الستة – مؤلفات موسيقا الحجرة ) ، والمؤلفات المسرحية مثل ( الأوبرا – الأوبريت – الأوراتوريو – الباليه ) 0 كما يقوم الكاتب بتعريف القارئ بمؤلفات الموسيقا العربية ، أولا مؤلفات موسيقا الآلات ( البشرف – السماعى – التحميلة – اللونجا -التقاسيم بنوعيها الحر والموزون ) 0ثانيا المؤلفات الغنائية العربية ( القصيدة الغنائية – الموشح -  الدور- الطقطوقة –المونولوج الغنائى – الثنائيات الغنائية- الثلاثيات الغنائية ) 0



 وكذلك تقدم برامج  الإذاعة والتليفزيون فقرات إخبارية ضمن فقرات برامجها  تتابع فيها النشاط الموسيقى والغنائى والثقافى الذى يقدم على الساحة المصرية خلال أسبوع 0وبعد ذلك  يأتى دور الكتب المتخصصة فى الموسيقا ، والتى تساهم فى نشر الثقافة الموسيقية ، نذكر منها على سبيل المثال كتب ( علم الآلات الموسيقية – عالم الموسيقا – آفاق الموسيقا ) ،وهناك كتبا أخرى تهتم بالكتابة عن كبار الملحنين والمؤلفين الموسيقيين المصريين ،ومن تلك الكتب نذكر ( الموسيقا المصرية المتطورة – القومية وأعلام الموسيقا فى أوروبا ومصر –موسوعة الموسيقا والغناء فى مصر فى القرن العشرين " 3 أجزاء " – أعلام الموسيقا المصرية عبر 150 سنة – المعاصرون من رواد الموسيقا العربية ) 0


وبعد ذلك يأتى دور الكتب التى  تتناول الأعمال النقدية فى مجال الموسيقا والتى نذكر منها (دراسات موسيقية وكتابات نقدية – مدخل إلى النقد الموسيقى ) 0 ومن هنا أدعو إلى ضرورة الإهتمام بنشر الكتب التى تساهم فى إتاحت الثقافة الموسيقية لأبناء الشعب المصرى والعربى 0

وإذا تطرقنا إلى بعض البرامج التليفزيونية والإذاعية والتحقيقات الصحفية التى تستضيف أحيانا

بعض الشخصيات للتحدث عن الموسيقا والغناء وإبداء الرأى فيهما دون أن يكونوا فى المستوى

الذى يسمح لهم بذلك 0 والمطلوب بوضوح  أن يتم التدقيق فى إختيارالضيوف الذين يسمح لهم بالتحدث للجمهور عبر وسائل الإعلام المختلفة ، حتى تكون المعلومات التى تصل للجمهورصحيحة ، فلا يحدث تضارب يشوش ذهن المتلقى 0إن خطورة الدور المؤثر للموسيقا والغناء على الوجدان المصرى والعربى ، يجعل من الضرورى  الإهتمام الجاد بكل القضايا المتعلقة بهذا الموضوع 0  وقد لاحظ الجميع منذ سنوات إنتشار موجة من الغناء الهابط الذى يحمل الكثير من المعانى غير المقبولة ، ويتم إنتاج هذا الغناءمن القطاع  الخاص ، ولابد فى هذا المجال ان يكون واضحا أن الوجدان المصرى والعربى غير مسموح  بالتجارة فيه  ، فالتجارة يمكن ان تكون فى أى مجال إلا أن تكون فى مجال المشاعر والعواطف الإنسانية 0 وقد وجدنافى الماضى قطاعا خاصا ينتج أعمالا غنائية وموسيقية رفيعة المستوى 0 وظهور المستوى الهابط الذى نعانى منه فى الوقت الحاضر ، هو مسئولية الرقابة على المصنفات الفنية ، ونقابة الموسيقيين ،التى يجب أن تقوم بواجبها فى المحافظة على المستوى الراقى للفن المصرى بما يليق بدولة عريقة ولها مكانتها الفنية مثل مصر فهذا من صميم واجبها ومقتضيات عملها ، قبل أن تكون جهة لجباية الأموال 0فيجب ألا تعطى تصريحا بممارسة المهنة إلا لمن يستحقونها فعلا0 إن مصر تمتلك تراثا غنائيا وموسيقيا مسجل على أسطوانات عبر مائة وخمسين عاما ، ويجب العمل على تقديم هذا التراث ليعرف  أبناء الشعب مدى عظمة كبار موسيقيينا عبر أجيالهم المختلفة  ، وليعملوا على الحفاظ على تراثهم والإستمتاع بكل ماجاء فيه 0




مجلة المجلة العدد ( 35 ) أبريل 2015 .

المصدر : المكتب الإعلامى 

أكاديمية الفنون

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 611 مشاهدة

ساحة النقاش

egyptartsacademy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

8,203,438